عمالة الأطفال: قصة فتاة جولانية

26-03-2007

عمالة الأطفال: قصة فتاة جولانية

تفيد التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والحملات العالمية لحقوق الإنسان في دراسة اجريت عام 2005 عن وجود ما يقارب مئتين وتسعين مليون طفل تتراوح اعمارهم ما بين 6 ـ 11 عاماً ممن يعملون مابين ثلاث عشرة إلى اربع عشرة ساعة يوميا.

ً وخلصت تلك الدراسات الى ان هناك علاقة وطيدة بين تشغيل الاطفال واهمالهم، وتردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العالم ولاسيما بلدان العالم الثالث.. وحتى الدول المتقدمة، ورغم ادعائها باحترام التشريعات والقوانين السائدة لديها اجتماعياً، والقاضية بتحريم تشغيل الاطفال، ولكن الدراسات اثبتت خروقات كثيرة لهذه الادعاءات وفق ما ينشر في الدوريات العربية والمحلية عن دراسة رسمية اجريت وباشراف الأمم المتحدة، وكانت الولايات المتحدة أكثر هذه الدول مخالفة فوصلت نسبة تشغيل الاطفال على الارصفة وفي الليل الى 25% تقريباً وهي نسبة خطيرة لدولة عظمى تدعي ممارسة الديمقراطية لدرجة انها تصدرها الى دول العالم الثالث والمنطقة..!!» 
 وفي العودة الى العالم الثالث وسورية واحدة من هذه البلدان نجد ان اطفالاً يتم دفعهم للعمل وفي ظروف قاسية منافية للتنشئة السليمة للايفاء باحتياجات الاسرة او الهرب من دوامة العنف وتفكك العش الزوجي ما ينعكس سلباً على سلوك الاطفال ويرجح كفة وقوعهم في فخ الاستغلال الجائر نفسياً واجتماعياً وحتى جسدياِ. ‏

وفي ريف القنيطرة وتجمعات الاخوة النازحين والاحياء الفقيرة بريف دمشق حيث يقطنون تجد ومع اطلالة شمس صباح يوم جديد طفلاً جديداً انضم الى قافلة العمال من الأطفال، تاركاً خلفه قصة مؤلمة دفعته قسراً للبحث عما يسد رمقه ويسكت افواهاً تنتظر عودته عند الغروب. ‏

الطفل محمد .ج من الوافدين الجدد الى سوق الشارع، ووجهه غير مألوف ببلدة خان ارنبة المركز الاقتصادي للمحافظة ـ قال: تركت المدرسة الصيف الماضي مكرهاً رغم تفوقي بالمدرسة.. فأنا احب العلم ورفاقي بالصف السادس.. ولكن دموع امي الغالية دفعتني للعمل، فمن سيشتري الخبز لاخوتي وانا الكبير بعد ان تركنا والدي في غرفة اللبن والطين ورحل الى المدينة منذ عام ويقال انه تزوج وسافر.. ‏

واشار محمد الى مزاولته مهنة جديدة وهي البحث عن مخلفات الالمنيوم والحديد وعبوات الكولا والمشروبات الغازية وتسليمها لرجل يعطيه مقابل الكيلوغرام الواحد عشر ليرات.. واضاف: إننا مدينون بمبلغ 15 ألف ليرة لبائع الخبز والبقال والجيران وعمل والدتي حياكة الصوف لايفي بشيء لذا قررت ترك المدرسة رغماً عن والدتي.. فإذا كانت دموعها رخيصة على والدي فإنها غالية جداً عندي.. ‏

حالة نتمنى ان تكون فريدة لانها مشينة، وحفاظاً على سرية وحياة الشابة س.ش ومكان اقامتها سواء على ارض المحافظة او في تجمعات النازحين سنروي وبأمانة قصتها حيث لم تتجاوز اليوم بعد سن الرشد ولكنها كانت ضحية الاستغلال الجسدي عندما كانت في السادسة عشرة من العمر، حيث قامت بعض الفتيات البالغات بتخديرها ووضعها تحت رحمة رب العمل الذي افقدها عذريتها واستدرجها وتحت ضغط التهديد بفضح امرها في حال الرفض الى ملاهي الليل برفقة فتيات السوء واعطاها 250 ل.س لليوم الواحد وكأنها تعمل عنده بالمزرعة وكان يعيدها في الثالثة مساء لحيها مع الفتيات اللواتي يعشن بمكان قريب من اقامتها.. ‏

تقول الفتاة س.ش لم اتحمل هذا الوضع فأنا لا استطيع ان أبوح لاحد إلا لاختي التي تصغرني كون والدي متوفياً ونحن «كومة لحم» بالبيت وبدون مصدر دخل وامي لا مبالية، وعليه تركت عملي عند «ابن الحرام» وبدأت اعمل بالبيت في التطريز والحياكة واجني القليل وبنفس الوقت افكر بالانتقام ولا حول لي ولا قوة.. استغلوني واوقعوني فريسة سهلة وانا يافعة.. وتمنت من الفتيات ان يأخذن الحيطة من الاستغلال اللاإنساني لبعض الرجال وحتى النساء وخاصة العاملات في القطاع الخاص.. ‏

عضو المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة المختص بشؤون العمل والقطاع الاجتماعي علي ذياب قال: نتفق جميعاً ان الوضع الاقتصادي المتردي وتفكيك الاسرة وفقدان احد الوالدين عامل اساسي لافتراش الاطفال لأرصفة الطرق قسراً او طوعاً وحتى الاستغلال المبطن للقاصرين، ولكننا كمعنيين في المحافظة ساهمنا وفق الامكانيات المتاحة في تأمين فرص عمل مؤقتة ومرضية لافراد الاسر المحتاجة مع الاعانات المادية بمديرية شؤون النازحين ونعترف بوجود حالات كثيرة يعمل فيها الاطفال بالمطاعم والمعامل البعيدة عن التجمعات السكنية ورغم الاحصاء للعاملين من الصغار في سوق الشارع إلا ان الامكانات الحالية لاتستطيع ان تؤهل مجتمعاتهم واسرهم وحتى من خلال التوعية نظراً للعقلية والذهنية البدائية للكثير من ارباب الاسر الفقيرة التي تسعى فقط لتأمين لقمة العيش ومهما كانت النتائج سلبية على صحة الاطفال.. ‏

هناك حالات كثيرة لاستغلال الاطفال لم نعرج عليها وموجودة للاسف بالقنيطرة منها الدفع القسري للسرقة وترك المدرسة والتوجه الى دمشق بعيداً عن المجتمع الريفي بالاضافة الى تشغيلهم ليلاً في المطاعم والمعامل ومحالات السمانة والخضرة ودفعهم للعمل باعمال الزراعة والفلاحة على حساب الدراسة.. في وقت اقتصرت فيه الجهات الرقابية المعنية على اعداد مذكرات وهمية احياناً وغير دقيقة الى المؤسسات المختصة وكأن الامور على مايرام وتكفي جولة واحدة بعد الظهر على المطاعم والمعامل في التجمعات وعلى ارض المحافظة لتكشف المستور!! ‏

علي الأعور

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...