عودة النار إلى جبهات الباغوز
على خلاف ما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في عدة مناسبات (آخرها الخميس الماضي)، لا يزال «داعش» موجوداً في بلدة الباغوز في شرق دير الزور، على رغم خروج آلاف من المدنيين والمقاتلين (السابقين) في صفوفه إلى مناطق نفوذ «التحالف الدولي». ومع انتهاء عملية الإجلاء تلك، وفق ما قالت «قوات سوريا الديموقراطية»، بدأ الحديث عن إطلاق «هجوم نهائي» على «آخر معاقل الخلافة» مساء أمس (الجمعة). البلدة الصغيرة المحاصرة بين نهر الفرات وخطوط التماس مع «قسد»، باتت الهدف الوحيد لقصف «التحالف» المدفعي والجوي، وينتظر أن تشهد أطرافها معارك عنيفة مع احتوائها عدداً غير معروف من عناصر «داعش»، الذين تعهّدوا، وفق آخر «إصدار» مصوّر لوكالة «أعماق»، وبحسب ما نقل عنهم الخارجون من الباغوز، بالقتال حتى الموت.
وعلى رغم غياب أي معلومات دقيقة عن عدد المدنيين الباقين داخل الجيب، لا يُنتظر أن يوفر «التحالف» أي قوة نارية للتعجيل في حسم المعارك وتلبية أجندة ترامب. ووفق التقديرات التي رشحت عن بعض قادة «قوات سوريا الديموقراطية» على الأرض، فإن الأنفاق التي حفرها التنظيم في البلدة، والألغام التي زُرعت حولها وضمنها، ستصعّب كثيراً مهمة التقدم البري، وهو ما بدا واضحاً خلال المرحلة السابقة من المعارك، حينما تمكن التنظيم من استعادة مناطق واسعة بغياب الغطاء الجوي من «التحالف» بسبب الأحوال الجوية. وشهدت آخر الاشتباكات هناك استخدام «داعش» المكثف للصواريخ المضادة للدروع، التي كبّدت «قسد» خسائر بشرية كبيرة. وتمكن التنظيم، رغم الحصار، من تنفيذ عمليات أمنية في بلدة الشحيل، ونشر «إصدار» مصور عن معارك الباغوز. وبينما لم يخرج أي بيان رسمي من «التحالف» عن عودة المعارك، قدّرت «قسد» أنها قد تعلن النصر على «داعش» في غضون أسبوع.
التصعيد المعلن جاء عقب تسليم «داعش» 24 مقاتلاً في «قسد» مِمَّن اختُطفوا خلال جولات المعارك الماضية. وكما سابقاتها من صفقات «داعش» مع «التحالف»، لم تخرج أي تفاصيل عن تلك العملية أو الشروط التي فرضها التنظيم لإتمامها. وأتت عملية التسليم في إطار الصفقة التي أتاحت خروج مدنيين ومصابين ومقاتلين مستسلمين من الباغوز. وهي خطوة حرص «التحالف» على تظهيرها كإبراء ذمة تجاه الرأي العام، واستباقاً لأي اتهامات بمقتل مدنيين قد تطاوله لاحقاً. ورغم هذا «الإخراج» للحرص على حياة المدنيين، أعلنت الأمم المتحدة وفاة ما لا يقلّ عن 84 شخصاً، ثلثاهم من الأطفال، وهم في طريقهم إلى مخيم الهول بعد نزوحهم من الباغوز.
«نهاية داعش» التي يراهن الجانب الأميركي على قرب تحقّقها، ستكون مفتاح ترامب للبدء بسحب الوحدات العسكرية التي لن تشارك في «قوة حفظ السلام المشتركة» المفترضة، فيما لم تصدر أي مواقف واضحة من حلفاء واشنطن بخصوص تلك القوة، عدا الرفض التركي المتكرر. وبعد اجتماع استمر ليومين لـ«مجموعة العمل المشتركة» الأميركية ــ التركية في أنقرة، لم يخرج ما يشير إلى توافقات جديدة في ملفَّي منبج و«المنطقة الآمنة».
وتدفع تركيا نحو تسريع عملية «التحقق» المشتركة من الأسماء التي ستنضوي في المجالس المحلية المسؤولة عن إدارة منبج، لتضمن عدم إشراك أي عناصر محسوبة على «وحدات حماية الشعب» الكردية. وهي تؤكد أنها الطرف الوحيد الذي يجب أن يتولى إدارة «المنطقة الآمنة».
وفي تماهٍ مع الموقف التركي بشأن تلك المنطقة المفترضة، رأى «المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا»، محمد حكمت وليد، أنه «لا يمكن شعبَ سوريا أن يأمن لأي طرف إلا إلى أخوة الجوار في تركيا».
وأكد أن جماعته غير ممثّلة في قوائم «اللجنة الدستورية» بعدما انسحب ممثلها منها، مضيفاً أن «أي اجتياح عسكري لإدلب سيسبب مجزرة وموجة نزوح مخيفة... كما أنه سيدمّر العملية السياسية».
وفي تصعيد أمني جديد داخل إدلب، استهدف انتحاري أحد المطاعم داخل المدينة، حيث فجّر نفسه بعد إطلاق نار، ما أدى إلى مقتل عدد من «الجهاديين» غير السوريين، ووقوع ضحايا في صفوف مدنيين كانوا قرب موقع التفجير. وحتى مساء أمس الجمعة، لم تتبنَّ أي جهة هذا الهجوم، الذي أتى بعد تفجيرات مماثلة استهدفت المدينة خلال الأشهر القليلة الماضية.
الأخبار
إضافة تعليق جديد