غسان سلامة: احترام التنوع الثقافي شرط للحوار

12-05-2007

غسان سلامة: احترام التنوع الثقافي شرط للحوار

بدعوة من رئيسة الجمعية العمومية للأمم المتحدة الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، شارك وزير الثقافة السابق غسان سلامة في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر عن حوار الحضارات مع صاحبة الدعوة والأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون أمس في قاعة المنظمة الدولية في نيويورك. وألقى سلامة محاضرة عنوانها "احترام التنوع الثقافي شرط للحوار"، طارحاً تصوراً جيو - ثقافياً جديداً لمقاربة السياسة والثقافة في عالم اليوم. ولاقت محاضرته هذه صدى واسعاً.
واستهل كلامه بثلاثة أسئلة رئيسية: لماذا، من وكيف؟ في مقاربة التنوع الثقافي والحوار. وقال إن السؤال الأول "هو هل أن الإحترام شرط لحوار سلمي ومثمر في العلاقات بين الثقافات؟ والإجابة هي من دون شك نعم"، موضحاً أن "لا حوار معقولاً من دون جرعة جوهرية من الاحترام المتبادل"، ذلك أن "الاحترام ينشد حداً أدنى من التفاعل". وهذا يعني تالياً "أن لدي احتراماً لقيمك، لمعتقداتك، لمصطلحك ما دمت على مسافة".
وأضاف: "لكن ورطة هذا العصر هي أن المسافة لم تعد خياراً كما كانت في أي وقت مضى"، موضحاً "ما يعنيه "الآخر" في عالم اليوم، من الهجرة شرعاً أو بصورة غير مشروعة، الى السياحة التي كانت مغامرة فردية وتحولت انتقالاً جماعياً واسعاً، مما أدى الى اختراق هذا "الآخر" للأسوار بين الثقافات، علماً أن العولمة جعلت الصناعة تعتمد عليه، وعادات الإنفاق على انتاجيته، والسلام على استقراره. وأكد أنه "ليست هناك وسيلة فاعلة لتجنب الآخر: إنه في كل مكان ولهذا صار اللاجىء القديم الذي يحترم المسافة خياراً أقل من السابق".
وبعد شرح مستفيض لانتهاك الاحترام ومعنى التسامح والإعتراف بالآخر، لفت الى أن "الحوار يفرط في تقديمه كبديل وردي من الصدام أو النزاع. أنا لا أوافق. الحوار ليس نقيض الصراع، إنه شكل من الصراع". أنه "في النزاع، تصارع ضد الآخر. في الحوار تصارع ضد نفسك حتى تقبل باختلاف الآخر، تعترف بمشروعيته (الاختلاف) وتباشر مغامرة يمكن أن تبدل نظرتك الى الآخر، والأهم نظرتك الى نفسك، التي هي هويتك".

وانتقل الى السؤال الثاني عمن يتحاور مع من، قائلاً: "عاينّا خلال العقدين الماضيين ما يمكن أن ندعوه غزواً ثقافوياً للكرة العامة. لكل شيء الآن تفسير ثقافي كامل: تنافسية الشركات، اداء الشركات العامة، صحة الأمم وتخلفها الحضاري كما وضعها ديفيد لانديس: إذا تعلمنا أي شيء من تاريخ التنمية الإقتصادية، فإن الثقافة هي التي صنعت كل الإختلاف".
ولاحظ أن "الثقافة تؤثر على سياسات العالم التي تعلمناها"، مشيراً الى "اليمين" ممثلاً بصموئيل هانتينغتون ومن سماهم الـ"هانتينغتونيون"، الى "اليسار" ممثلاً بايمانويل واليرشتاين و"مناضلين" آخرين ضد "الإمبريالية الثقافية". وذكر انه "بينما يحذر هانتينغتون واليمين من صدام الحضارات، يدعو واليرشتاين واليسار الى النضال ضد هيمنة جيو- ثقافية أحادية على البقية الأخرى" من الثقافات. وأشار الى أن وجهتي النظر هذه وتلك تنطلقان من "افتراض أساسي واحد مشترك أن الحضارات باتت اللاعبة الرئيسية في النظام الدولي، من الآن وصاعداً، بدل الأمراء والدول الأمم والتحالفات الايديولوجية في هذا الدور". وقال: "هذا ليس ما اعتقده. الحضارات، من وجهة نظري، ليست صداماً، ولا دخول في حوار أو تحالف، لسبب عادي جداً: الحضارات كلاعبة ببساطة غير موجودة".
ورأى أن "الثقافة ليست حجر الرشيد (المعرفة) الذي يفسر كل شيء عن كل شيء. إنها مبدئياً لغة تبسط الإعتلال والنزاع، الآمال والخيبات من أجل معالجة مسائل جرى التعبير عنها، حتى الماضي، بتعابير المنافسة الاستراتيجية، الإنقسامات الايديولوجية أو المصالح المتضاربة".
واعتبر أنه "من المناسب دائماً مراقبة بأي لغة يعبر الناس عن وجهات نظرهم، مصالحهم، طموحاتهم، ومن المؤكد أنه مناسب مراقبة الفاعلية الراهنة للمصطلح الثقافي. غير أن الخيار لمصطلح واحد بدل مصطلحات أخرى لا يغير أوتوماتيكياً لا هوية اللاعبين الرئيسيين ولا الأسباب المتجذرة عميقاً لتصرفاتهم".

وقاده هذا الى السؤال الثالث: كيف، قال: "ليتذكر كل منا أن هويتنا، أفراداً وكذلك جماعة، متعددة الطبقة إنها تتضمن جنسنا إضافة الى أصلنا الوطني، اختصاصنا اضافة الى ديننا، فئتنا العمرية اضافة الى طبقتنا الإجتماعية. نحن نعيد ابتكار تلك الهوية يومياً أو شبه ذلك، مشددين على مكون واحد بدل آخر، مسيسين عنصراً واحداً ومقللين شأن آخر. من غير المعتاد أن ينظم فرد أو جماعة ثقافية المكونات المتنوعة لهويتها في شكل واحد وتركها غير متغيرة طوال العمر. إن ابتكار الهوية ليس عملاً لا رجعة فيه، إنه عملية مستمرة".
وأشار الى أن "تحالفاً للحضارات تكون أخيراً في الأمم المتحدة. أرحب بالفكرة ولكن، لأسباب حددتها، لست واثقاً من ان الإسم دقيق". كما تحدث عن أثر قيم ما سماه "مصاهرات ثقافية" بدل "المزاج السياسي المنهجي الموحد" باعتبار ذلك ارتداداً في الحكم العالمي.
وخلص الى أن "الثقافة تعني أكثر في هذه الأيام، بيد أن ذلك يجب ألا يقودنا الى الإعتقاد أن الإنحيازات والإختلافات بين الدول تأسست على كيف كانت تنظر الحكومات الى العالم، وتتأسس الآن على كم يبلغ طول أنفك، الى أي حد داكنة بشرتك، ما هو عمق ايمانك. إذا كانت هذه هي المسألة، ستتهدد في نظري ليس المؤسسات المختلفة للأمم المتحدة فحسب، بل أيضاً ستشير الى موت الفكرة الجوهرية للسياسة والتقدم والحرية".

المصدر: النهار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...