فرنسا تعيش «الخميس الأسود» والصحافة تتابع طلاق ساركوزي

18-10-2007

فرنسا تعيش «الخميس الأسود» والصحافة تتابع طلاق ساركوزي

«سيسيليا مرّت من هنا». يكفي خبرٌ كهذا حتى تتحرّك الصحافة الفرنسية وتغوص في تقديرات وتنطلق المسيرة الإعلامية للشائعات في ضباب تخمينات عن تحرّكات سيدة الإليزيه. و«قصّة الطلاق» بينها وبين نيكولا ساركوزي، شغلت الإعلام لدرجة أبعدته عن قضايا كبرى تجترح المجتمع الفرنسي على كل المستويات.سيسيليا....
فاليوم تعيش فرنسا إضراباً كبيراً لم تشهد مثيلا له منذ سنوات، دعت إليه النقابات العمالية، للاحتجاج على القوانين الاجتماعية الجديدة، ويشير إليه البعض على أنّه «خميس أسود»، حيث يُتوقّع أن تتعطّل كل المرافق والإدارات الرسمية والمواصلات. ومن جهة أخرى، رغم إقرار لجنة مشتركة لقانون «الفحص الجيني للمهاجرين» بصيغة معدّلة، فإن التحركات المناهضة لهذا المشروع لا تزال في بدايتها، ويتوقع أن ترتفع وتيرتها إذا أقرّ البرلمان القانون بانتظار أن ينظر فيه المجلس الدستوري الذي يتوقع عدد من الخبراء أن ينقضه ويردّه إلى الحكومة.
والفضائح المالية تهزّ نقابة أرباب العمل، وتمّ صرف أحد كبار مسؤوليها الذي تحوم حوله تهم «سوء أمانة» بملايين اليوروات. وهذا الملفّ لا يزال في بداياته التحقيقيّة الأولى، ويُتوقّع أن تكون له ارتدادت كثيرة على مختلف المستويات، إذ بدأت بعض التسريبات تتحدّث عن احتمال أن تكون المبالغ الضائعة قد صُرفت لـ«تمويل أحزاب سياسية»، ما يزيد من تزكية ظاهرة «فقدان الثقة بعالم السياسة» لدى الفرنسيين، ويقوّي من «ظنون تواطؤ عالمي الأعمال والسياسة».
كما أنّ فضيحة الشركة العملاقة للأسلحة، «إي أي دي أس»، دخلت الحيّز القضائي إلى جانب اللجان البرلمانية التي تحقّق في إمكان حصول «محاباة أو غض نظر» من جانب وزارة المال عن بيع كبار المساهمين المقرّبين من الإدارة الجديدة لأسهمهم وشراء صندوق الإيداعات، التابع للدولة، قسماً من هذه الأسهم ما سبّب خسارة مليارات اليوروات للخزانة الفرنسية.
كلّ هذا والإعلام مشغول بانتظار «إعلان ما بات معروفاً من الجميع: طلاق سيسيليا من نيكولا». إلّا أن «الحبكة الإعلامية» التي ترافق هذا الخبر تشير إلى نوع من «التحضير النفسي» لـ«المتلقّي». وتبدو ضمن خطة إعلامية مدروسة لتمرير هذا الحدث الجديد في حياة الجمهورية كأنه «حدث قديم لا جديد فيه».
والواقع أن اختصاصيّي الإعلام في فريق ساركوزي قد اضطروا إلى اللجوء إلى هذا الإخراج الإعلامي لقضية طلاقه بسبب «استعمال ساركوزي المكثّف لتقلّبات حياته الخاصّة» أثناء حملته الصعودية نحو السلطة. فقد دفع هو بنفسه بكلّ وقائع حياته العاطفيّة مع سيسيليا إلى الصفحات الأولى، من الأياّم الوردية حتى انفصالهما عام ٢٠٠٥، الذي أعلنه بنفسه وحاول التمثّل بما يحصل «لدى عدد كبير من العائلات الفرنسية». ويقال إن أسهمه ارتفعت آنذاك بسبب «موجة عاطفية» ارتدّت إيجابياً لمصلحة «الزوج المغدور»، غير أنّ هذا لم يمنعه من استعمال علاقاته لطرد رئيس تحرير مجلّة نشرت على الصفحة الأولى صورة سيسيليا وهي تقبّل عشيقها الجديد، قبل أن يظهر بعد أقلّ من أسبوع بصحبة امرأة جديدة يشاركها «شراء أثاث بيت جديد» بحسب تصريحه آنذاك.
ويقال إنّ ارتفاع حظوظه بالرئاسة، بعد موجة استفتاءات جاءت لمصلحته، جعلته يعيد حساباته، حيث يقول البعض إنّه لم يكن واثقاً بإمكان تقبّل الشعب الفرنسي لرجل مطلّق في الإليزيه. الأمر الذي دفعه للوصول إلى «اتفاق مع سيسيليا» على قضاء فترة محددة تعود خلالها إلى أداء دور «سيّدة المنزل» بانتظار أن يصبح هو سيّد الإليزيه، على أن يأخذ كلّ منهما طريقه بعد ذلك.
فهل تراجَعَ نيكولا عن «تنفيذ هذا العقد»، ما دفع بسيسيليا إلى قلب الطاولة على رأس خططه؟ أم أنّ الرسالة الغرامية التي ظهرت في يد ساركوزي والتي كان يحملها وهو خارج يبتسم من اجتماع رسمي، عمدت صحيفة على نشرها بعد تكبيرها، هي التي سرّعت الأمور ودفعت بـ«سيسيليا الجريحة» إلى طلب الانفصال والابتعاد عن الأضواء؟.
يرى بعض المراقبين أنّ في خبايا قصّة سيسيليا ونيكولا، المتزوّجين منذ عام 1996، بعضاً من كل هذه القصيصات، ويضيف آخرون إنّ هناك الكثير من الاستعمال المدبّر للإعلام ولردّات فعل مستهلكيه للابتعاد عن الأزمات الاجتماعية والسياسية والفضائح الكبرى. ولا يتردّد البعض في القول إن القطيعة، التي وعد بها ساركوزي قبل انتخابه، قد تمتدّ إلى صورة السياسي الحاكم فيتمّ الخلط بين الحيّز الخاصّ والحيز الشخصي أمام الإعلام.
المتحدّث باسم الإليزيه، دافيد مارتينون، رفض مجدّداً أمس، التعليق على المعلومات التي نشرتها وسائل اعلام عن «الانفصال المحتمل»، وخصوصاً ما ذكرته صحيفة «لو نوفيل أوبسرفاتور»، على موقعها على الإنترنت، عن بدء الاجراءات القضائية تمهيداً للانفصال.
وأوضح مارتينون أنّ سيسيليا لن ترافق زوجها خلال زيارته الرسمية للمغرب الأسبوع المقبل رغم كونها من الزيارات التي عادة ما ترافق فيها الرئيس زوجته لما تتّسم به من مستوى بروتوكولي رفيع. ورداً على سؤال حول كيف أنّ «البروتوكول يفرض مرافقة الرئيس زوجته» قال مارتينون «البروتوكول لا يفرض شيئاً على الإطلاق».
وكانت الشائعات عن الطلاق قد ازدادت بعد امتناع سيسيليا عن مرافقة زوجها خلال زيارته الأخيرة إلى بلغاريا، حيث كان من المقرّر خلال ذلك أن تُستقبل «استقبال الأبطال» بعد الدور الذي قامت به لإطلاق سراح الممرّضات البلغاريات من ليبيا في تمّوز الماضي.

بسام طيارة

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...