فضلات الطعام تؤمن عملاً لأكثر من 6 ملايين جائع في العالم
«الجوع هو المرام. هو رغبة تفوق كل الرغبات. هو ليس إرادة، فهي قوة. وهو ليس ضعفاً، لأنه لا يعرف الكلل. والجائع هو شخص يبحث ويسعى. أولئك الذين يولدون شباعاً – وهم كثر – لن يعرفوا أبداً تلك الحسرة الدائمة، ذلك الانتظار المشحون، تلك الحمى، ذلك البؤس اليقظان ليلاً نهاراً».
مقطع من كتاب «بيوغرافيا الجوع»، للكاتبة البلجيكية أميلي نوتومب، تستعيد فيه طفولتها في بلدان مختلفة، قادتها إليها وظيفة والدها الديبلوماسي. وفي قلب الرواية، يكمن الجوع. وسرّ الجوع، أكان شرهاً أم سعادة أو مأساة أم حسرة، يكمن في البحث الدائم عن إنجاز صعب المنال، يشرح تاريخ الشعوب كما الأفراد.
ويرد في الكتاب ايضاً: «التغذية المفرطة في الغرب تعجز عن تحقيق حالة «اللا – جوع»، ويكفي أن تخرج إلى الشارع لترى الناس يموتون جوعاً. ولكسب خبزنا علينا أن نعمل. والشهية، عندنا، دائمة...».
نعم، أميلي، علينا أن نعمل لنكسب قوتنا اليومي، حتى في الفضلات التي نخلّفها، تلك النفايات التي تؤمّن عملاً للجياع بخاصة، علماً أن فضلات الطعام وحدها تبلغ نحو 22 ألف طن سنوياً في الولايات المتحدة. ولا يستفيد منها الجياع.
فتقارير منظمة العمل العالمية واليونيسف ومنظمات غير حكومية من بلدان مختلفة، تقدّر عدد العاملين في لمّ النفايات بنحو 1.6 ملايين في البلدان النامية، وأكثر من 6 ملايين في البلدان ذات الدخل الفردي المتدني. وهؤلاء ليسوا «زبالين» رسميين، إنما من عامة الشعب الفقير. ونسبة النساء من العاملين في اللمّ والتجميع مرتفعة، بين 38 في المئة في فنوم بنه (عاصمة كمبوديا) و60 في المئة في هانوي (عاصمة فييتنام)، وأما الأطفال، من 4 سنوات إلى 18 سنة، فيشكلون نصف عمال لمّ النفايات (غير المرخّصين) في العالم. وكلهم معرّضون لأخطار صحية محدقة، 65 في المئة في بانكوك و97 في المئة في أوليندا. اللمّامون في البرازيل مصابون بأمراض طفيلية، إضافة الى المصابين بأمراض الرئة والتسمم بالرصاص، وغير ذلك. وفقر هؤلاء لا ييسّر لهم شراء معدات وقائية، علماً أن دخلهم يترواح بين 30 دولار و100 دولار شهرياً.
مأزق حضاري: غياب الجوع مأساة... وحضوره أيضا!
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد