قضية الدقيق التمويني «الفاسد» في حماة.
البحث في قضية الدقيق التمويني غير الصالح للاستهلاك البشري الذي ضبط في مستودعات مطحنة كفر بهم لا يشبه أي قضية فساد عادية يتم ضبطها لكون المسألة لا تتوقف عند هدر مبالغ مالية من الخزينة بل تتعداها لدرجة أنها تمس رغيف الخبز الذي يقدم كمادة مدعومة للمواطنين.
ووفق عزمي باكير مدير فرع مؤسسة الحبوب في حماة فإن قضية الدقيق التمويني المتجبل في مستودعات مطحنة كفر بهم اكتشفت قبل عيد الفطر الماضي، وعلى الفور تم تشكيل لجنة من ثلاثة خبراء، مهمتها فرز الدقيق المتجبل عن السليم بالمستودعات و تدخلت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بالتحقيقات لتحديد الجهة المسؤولة عن المخالفة، لافتاً إلى أنه أثناء استجرار الأفران لكميات كبيرة من الدقيق تزيد على طاقة عمل لجنة الفرز في نهاية شهر حزيران الماضي، تبين أن جزءاً من الدقيق المتجبل تم تسليمه لهذه الأفران حيث تم استرجاع هذه الكميات على نفقة الجهة التي تسببت بهذا الخلل.
وأوضح باكير أن النسبة العظمى من الدقيق المتجبل من إنتاج مطحنة النواعير، مشيراً إلى أن مؤسسة الحبوب تعاقدت مع مطحنتي سليم و النواعير الخاصتين لطحن كميات من القمح بهدف استكمال الاحتياجات المطلوبة من الدقيق التمويني الى جانب الكميات التي توفرها مطحنتا سلمية و كفربهم، وكان يشرف على عمليات الطحن خبير بكل مطحنة يرافقه أمين مستودع مسؤول عن تخزين الكميات المستلمة من الدقيق في مستودعات مطحنة كفربهم، حيث كان النظام المعمول فيه أن تبقى كمية من الدقيق التمويني تتراوح بين 4000 – 5000 طن كرصيد مدور في المستودعات على أن يرحل للأفران من الكميات الأقدم بتاريخ إنتاجها ويتم تسليم الأفران مخصصاتها بمعدل 40% من إنتاج مطحنة سلمية و60% من إنتاج بقية المطاحن.
وحسب خبرة الفنيين بعمل المطاحن, فإن رفع نسبة الرطوبة بمعدل 1% بالدقيق لحظة خروجه من المطحنة عن المعدل المسموح فيه البالغ 14% يحقق أرباحاً تصل إلى 37 مليون ليرة شهرياً لمطحنة النواعير, فيما لو أخذنا هذه المطحنة كمثال، وذلك وفق الكميات العقدية لمؤسسة الحبوب مع المطحنة, لكن المعضلة الكبيرة تكمن في كشف فيما إذا كان الأمر تم على هذا المنوال, وهذا يحتاج نفي باقي الاحتمالات التي قد تتسبب بتجبل هذه الكميات من الدقيق, والتي تشمل سوء التخزين أو تجاوز مدة التخزين الفترة المسموح بها, وهنا يتبادر للذهن سؤال فيه الكثير من المنطق عن السبب في أن أغلب الدقيق المجبل في المستودعات كان من إنتاج مطحنة النواعير, علماً أن المستودعات فيها دقيق من إنتاج مطحنة سلمية وكفربهم ومطحنة سليم الخاصة.؟!
لقد تبين أن المشرفين على تخزين الدقيق في مستودعات مطحنة كفربهم لم يتقيدوا بتعليمات التخزين المعتمدة, فقد وجد أن عدد الأكداس بالمستودعات وصل الى 25 كدساً, علماً أنه كان يتوجب ألا يتجاوز عددها 12 كدساً, وأن تتوفر مسافات فاصلة بين الأكداس لتحقيق التهوية المناسبة, لكن بعد الكشف على الأكداس تبين أن السطرات العلوية من الأكداس تعرضت للتلف كبقية السطرات في الطبقات السفلى من الأكداس, وهذا يؤيد نظرية أن زيادة عدد السطرات لم تكن السبب الجوهري أو السبب الوحيد لتجبل كل هذه الكميات من الدقيق, مع بقاء الباب مفتوحاً للبحث في مسألة تاريخ إنتاج هذه الكميات من الدقيق والمدونة في بطاقة التعريف على كيس الدقيق، وبيان فيما إذا كانت مخالفة للتعليمات المعتمدة.
وكانت «التموين» قدّرَّت كميات الدقيق غير الصالحة للاستهلاك عند ضبط المخالفة بـ 300 طن ولفت التموين وقتها إلى أن هذه الكمية قابلة للزيادة لأن عمليات الفرز في المستودعات مستمرة ولا يزال التكتم سيد الموقف فيما يتعلق بالكميات حتى الآن، رغم مضي مدة تزيد على الشهر على بدء التحقيقات من قبل مفتش الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، علماً أن المعلومات المسربة والمتداولة على مستوى ضيق، تشير إلى أن الكميات تصل إلى أضعاف هذه الكمية، أضف إلى ذلك أن بعض الأفران لاتزال تشكو سوء نوعية الدقيق ومن غير المعروف فيما إذا كان ذلك ناتجاً عن إرسال كميات من الدقيق غير الصالح للاستهلاك التي تقرر التحفظ عليها حتى يصدر القرار المناسب بخصوصه.
تشرين
إضافة تعليق جديد