لوحات أحمد معلا تتمرّد على لعبة الحياة
افتتح معرض "جرين آرت" برنامجه الخريفي الجديد لسنة 2009، بتقديم مجموعة من الأعمال الفنية المميزة والهامة للفنان السوري أحمد معلا الذي كان لصلته البالغة بالمسرح في بداية مشواره الأثر الكبير على أعماله الفنية الأولى التي صورت أشخاصاً وجماعات مندفعين في إطار شعائر خاصة وغامضة وبمختلف أنواعها، الرسمية، والاحتفالية، والدينية، والطقوسية، وهي العوالم التي ميزت حيرة واندفاع هذه المجموعات البشرية باتجاه قدرها.
وبالتدقيق أكثر في تفاصيل هذه الحشود البشرية تسمع الهمسات والآهات في وسطها المضطرب، المتآمر، الساخر والذكي الذي تتقاسمه هيئات بشرية وحيوانية.. إنها لعبة الحياة يمسرحها الفنان بأسلوب بالغ القسوة والسخرية، فكل شيء في صورة غليان أو حالة انعتاق وثورة في برزخ الحياة الذي لا يستقر على حال من الأحوال.
من هذا الجو التصويري المشحون ينتقل الفنان أحمد معلا إلى مادة تصويرية أخرى هي الخط والكتابة العربية في صورتها الكلاسيكية ليجعل من الكلمة مرتكزاً تصويرياً لاندفاعات لونية تتدفق في مرسوماته الخطية دون حدود، مرة يطغى التجريد، وأخرى تمتزج الكلمة بشخوصه الأولى في مراتب تسطيرية مستمدة من روح الكتابة، أية كتابة، شعرية أو نثرية، مقولة أو أمثولة، وكل ما يمكن التقاطه من الحوار التصويري المحكم والنسيج اللوني الذي يقدم المرسوم الخطي بأسلوب جديد يجمع بلاغة التصوير ومجاز التأويل البصري، فأكثر ما يهم الفنان هو ما يخفيه العمل الفني لا ما يظهره.
في هذه الأعمال الجديدة التي تهتم برسالة لابد من تبليغها تحل الكلمات محل الملامح والحركات، كما تحل الصياغات الكتابية محل الجموع البشرية، دون التركيز على المعنى الحقيقي للكلمة، ما يعيد إلى المشاهدة حالة الغموض الممتدة من التفكير المسرحي السابق، المحكم التكوين، والمنفذ بحيوية وقدرة بالغتين وهو ما يلجأ إليه أحمد في أعماله الجديدة، فما يبدو عشوائياً للوهلة الأولى إنما هو في حقيقته مصمم بطريقة دقيقة ومتأنية، وهو ما تشف عنه السطوح اللونية المتعاقبة والدسامة التي تقدم الملامس والتأثيرات السطوحية في فضاء حسي ومعنوي يشد الروح والعين.
والفنان د. أحمد معلا من مواليد سوريا 1958، تخرج من جامعة دمشق، كلية الفنون الجميلة، ثم واصل دراسته في المدرسة العليا للفنون الجميلة في باريس ومنذ ذلك الوقت، شارك في العديد من المعارض والبيناليات والأسواق الفنية في دبي والقاهرة وباريس واستانبول، والبحرين والكويت والنمسا وألمانيا. وقد كانت أعماله متواجدة في مزاد سوثبي للفن الحديث والمعاصر العربي والإيراني، الذي أقيم في لندن.
حاز على العديد من الجوائز، منها جائزة بيناني اللاذقية، وأحدثها جائزة البُردة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفيما يتعلق بمشاريعه القادمة، فلديه معرض جماعي في جاليري سندارام تاجور في نيويورك، كجزء من معرض "إشارات: الفن العربي المعاصر".
ويذكر أن افتتاح جرين آرت جاليري جرى في العام 1995 وكانت من ضمن أوائل الجاليريهات التي تعرض وتقدم الفن العربي في دبي . وأصبح الجاليري مؤسسة رائدة وسباقة في احتضان الأعمال الفنية، وقد روجت أعمال الرواد من كافة أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما سيبدأ الجاليري في تقديم فنانين معاصرين من المنطقة، وبالتالي يصبح الجاليري واحداً من أهم الفضاءات القليلة، التي تشجع الاتجاهات الجديدة ضمن الممارسات الفنية الإقليمية المعاصرة .وهدف الجاليري لا ينحصر فقط في أن يكون صالة عرض، ولكن أيضاً أن يكون داعماً ومرجعاً للميول والاتجاهات الإقليمية للممارسات الفنية الحديثة والمعاصرة.
المصدر: العرب أون لاين
إضافة تعليق جديد