ما هو حجم جماعة الأخوان المسلمين على خارطة الاحتجاجات المصرية

08-02-2011

ما هو حجم جماعة الأخوان المسلمين على خارطة الاحتجاجات المصرية

الجمل: تحدثت التقارير والتسريبات الجارية عن دور جماعة الأخوان المسلمين المصرية في تحريك مفاعيل الأزمة السياسية المصرية الحالية: فما هي حقيقة مصداقية جماعة الأخوان المسلمين المصرية؟ وهل للجماعة هذا الحجم الكبير الذي تتحدث عنه التقارير؟ أم أن الأمر لا يعدو مجرد افتراض تكتيكي مؤقت؟
* خارطة الاحتجاجاتمتظاهرون من الأخوان المسلمين حاملين صورة مؤسس الحركة حسن البنا خلال التظاهرات الشعبية المصرية السياسية المصرية: عامل الأخوان المسلمين
بدأت حركة الاحتجاجات السياسية المصرية في يوم 25 كانون الثاني (يناير) 2011 وعلى مدى 14 يوماً ظلت تمارس حضورها القوي على التطورات السياسية الجارية داخل وخارج مصر، وبالنسبة لحركة الأخوان المسلمين المصرية ودورها في هذه الحركة يمكن ملاحظة الآتي:
•    عند بدء حركة الاحتجاجات لم ترصد التقارير أي دور بارز للجماعة، وكان التركيز ينصب فقط على مجموعات الشباب المصريين التي استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنيت وتمكنت من تعبئة كتلة قوامها 80 ألف شخص دعت إلى تسيير المواكب الاحتجاجية مستفيدة من عملية التسويق السياسي ضد نظام الرئيس المصري حسني مبارك. وعلى خلفية قيام أجهزة الأمن المصرية بالتورط في اغتيال بعض الشباب المصريين داخل المعتقلات إضافة إلى الضغوط الاقتصادية ومعاناة المواطنين المصريين بسبب ارتفاع موجات الغلاء وانخفاض مستوى المعيشة إضافة إلى استشراء معدلات الفساد الاقتصادي والاجتماعي وتمادي نظام الرئيس المصري حسني مبارك في إنكار الأزمة وتزايد استخدام الأجهزة في كبت المواطنين.
•    بعد مرور بضعة أيام على اندلاع الاحتجاجات، وتحديداً في أول جمعة أعقبت ذلك، برزت الدعوة إلى ما عرف بـ(جمعة الغضب) والتي تضمنت تعبئة جماهير المصلين في جوامع القاهرة التي يتجاوز عددها الألف مسجد ثم الانطلاق بعد الصلاة في واحدة من أكبر المواكب الاحتجاجية السياسية التي شهدها تاريخ مصر السياسي المعاصر، ثم أعقب ذلك تكرار نفس سيناريو تحريك جماهير المصلين في يوم الجمعة التالية، الأمر الذي لفت الأنظار إلى وجود بُعد ديني في حركة الاحتجاجات الشعبية السياسية المصرية.
سعت إسرائيل ورموز نظام حسني مبارك إلى تصعيد المزاعم القائلة بأن جماعة الأخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى الحليفة لها هي المسئولة عن تحريك الاحتجاجات الشعبية المصرية الجارية حالياً. وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن بناء حملة الذرائع ضد الأخوان المسلمين المصرية كانت وما تزال تأخذ الشكل الآتي:
-    شددت وجهة النظر الإسرائيلية على الذرائع القائلة بأن نجاح حركة  الاحتجاجات الجارية في إسقاط نظام الرئيس المصري حسني مبارك سوف يؤدي إلى قيام نظام ديني إسلامي-سني أصولي على غرار ما أدت إليه الاحتجاجات الشيعية في إسقاط نظام شاه إيران من قيام لنظام سياسي ديني إسلامي-شيعي أصولي، ورأت إسرائيل ضرورة أن تسعى واشنطن بأي ثمن لجهة المحافظة على بقاء الرئيس المصري حسني مبارك ونظامه.
-    شددت وجهة نظر نظام الرئيس حسني مبارك على الذرائع القائلة بأن جماعة الأخوان المسلمين هي الطرف الرئيسي الذي يقف وراء هذه الاحتجاجات، وبأن الأخوان يجدون المزيد من الدعم الخارجي لجهة إنفاذ مشروع إقامة دولة إسلامية- أخوانية في مصر، ويكون من أبرز أجندة جدول أعمالها تقويض علاقات مصر بأمريكا والغرب إضافة إلى تقويض اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية (كامب ديفيد).
هذا، ونلاحظ مدى وضوح التطابق والانسجام بين معطيات جملة بناء الذرائع الإسرائيلية ومعطيات حملة ذرائع نظام الرئيس مبارك لجهة التأكيد على حركة الأخوان المسلمين باعتبارها الطرف الذي يقوم بتحريك الاحتجاجات الشعبية السياسية بما يتيح إسقاط نظام حسني مبارك ثم الصعود إلى السلطة في القاهرة.
* آليات الحراك الأخواني في مصر: توازنات الدور والمكانة
يعرف الناس الكثير عن ماضي حركة الأخوان المسلمين والقليل عن حاضرها، فقد تم إنشاء هذه الحركة في عام 1928 على يد زعيمها المؤسس حسن البنا في مدينة الإسماعيلية المصرية، وبعد ذلك انتقلت الجماعة لتأخذ حيزاً أكبر في حركة الكفاح المصري ضد البريطانيين.
تطورت  حركة الأخوان المسلمين المصرية بما أدى إلى نشوء حركة أخوان مسلمين عابرة للحدود في البلدان العربية والإسلامية، وخلال تولي الزعيم سيد قطب قيادة الجماعة (المرشد العام) تمكنت الجماعة من تحقيق المزيد من القفزات النوعية والكمية داخل وخارج مصر.
أشارت الدراسات والبحوث السياسية، إلى أن حركة الأخوان المسلمين هي تنظيم شبه عسكري، يتعامل مع الواقع ضمن الأسلوبين المدني-الجهادي والعسكري-الجهادي الإسلامي، وفي هذا الخصوص برز الأخوان المسلمون في تطبيق نوعين من العمل التنظيمي يسيران بشكل متواز يمكن الإشارة إليهما على النحو الآتي:
•    التنظيم المعني بالعمل الإسلامي العام: ويقوم بتولي أعباء الدعوة ومطالبة الناس بالالتزام بالقيم الإسلامية المحددة وفقاً للمنظور الأخواني الصرف مثل أداء الصلوات والانخراط في الدروس الدينية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفرض القيود على حرية المرأة ومحاربة المنكرات مثل شرب الخمر ولعب الميسر...الخ.
•    التنظيم المعني بالعمل الإسلامي الخاص: ويتولى أعباء عملية تنظيم العناصر ضمن المجموعات والخلايا على مستوى المدرسة والحي والسكن ومجال العمل وما شابه ذلك.
ولاحقاً تطورت مجالات العمل الإسلامي الخاص والعام ضمن ما عرف بـ(تفعيل الجهاز السري الأخواني) وهو الجهاز الذي يقوم بتنفيذ العمليات النوعية المتعددة الأغراض والمهام، وما هو لافت للنظر يتمثل في الآتي:
•    اعتماد صيغة الجهاز السري في كل مجالات العمل الأخواني، وعلى سبيل المثال لا الحصر في كل حارة وفي كل مجال إذا كانت هناك مجموعة أخوانية تنخرط في مجال العمل العام فعلينا أن نتوقع وجود مجموعة موازية تعمل في مجال العمل الخاص، وهذه المجموعة توجد بشكل مواز لها مجموعة الجهاز السري الأخواني التي تقوم بمراقبة أداء المجموعتين.
•    تلجأ جماعة الأخوان المسلمين إلى استخدام عناصر الجهاز السري في عمليات التغلغل واختراق الخصوم والتنظيمات الأخرى، ولتحقيق ذلك فإن جماعة الأخوان المسلمين درجت على القيام بإعداد عناصر الجهاز السري بما ينفي عنها شبهة الارتباط بالإخوان، فهي تبدو أمام المجتمع لا علاقة بالدين أو التدين (أي مسموح في هذه الحالات أن تكون الفتاة سبور وللشاب بأن يفعل كل ما يتنافى مع صفة التدين وذلك وفقاً لفتوى خاصة بواسطة المرشد العام ترى بأن "الضرورات تبيح المحظورات"!!).
تأسيساً على ما سبق، فقد توسعت العديد من الأطراف إلى الربط بين الشباب المصريين الذين يشكلون قوام حركة الاحتجاجات السياسية وحركة الأخوان المسلمين وتحديداً أجهزة الجماعة السرية. وبرغم أن عملية الربط تبدو وكأنما تستند على المزيد من المبررات، فإن كل الوقائع والحقائق تشير إلى الآتي:
-    إن حجم ونفوذ جماعة الأخوان المسلمين في الساحة السياسية المصرية ليس كبيراً، وعلى أساس الاعتبارات الجهوية فهو لا يتعدى بعض المناطق مع وجود أكبر في منطقة المثلث الذي يربط: القاهرة-الإسكندرية- السويس.
-    إن حجم ونفوذ جماعة الأخوان المسلمين على حركة الشباب المحتجين هو ضعيف للغاية، وذلك لأن كل المعطيات الماثلة تشير إلى أن حركة الشباب المحتجين مصدرها النخب المصرية ذات التوجهات المدنية غير الإخوانية.
سعت جماعة الأخوان المسلمين المصرية، مثل سائر بقية القوى والحركات السياسية المصرية إلى المشاركة في الاحتجاجات والحصول على موطئ قدم يتيح للجماعة الحصول فيما بعد على نصيب أكبر في قسمة السلطة والثروة في حال سقوط نظام الرئيس المصري حسني مبارك.
وفي هذا الخصوص نلاحظ الآتي:
•    ركزت الحركة في تكثيف مشاركة عناصرها في الاحتجاجات التي شهدتها مدن الإسكندرية، السويس، الإسماعيلية إضافة إلى بعض أحياء القاهرة.
•    ركزت الحركة على تكثيف مشاركة رموزها في عمليات التسويق الإعلامي التي تقوم ببثها العديد من القنوات الفضائية العربية وخصوصاً القنوات الفضائية ذات التوجهات الإسلامية.
•    ركزت الحركة على تكثيف تمركز رموزها وعناصرها في ميدان التحرير مع التأكيد على ضرورة إعطاء نفسها وزناً أكبر في ميدان التحرير عن طريق نصب الشاشات العملاقة التي ظلت تقوم بنقل بعض الفضائيات التلفزيونية العربية والإسلامية الداعمة لحركة الأخوان المسلمين المصرية.
وبكلمات أخرى، تحاول حركة الأخوان المسلمين المصرية حالياً العمل ضمن محورين، أحدهما: المحور المعلن الذي يتضمن المشاركة المفتوحة المعلنة في حركة الاحتجاجات الشعبية المصرية و فعالياتها المختلفة، والثاني المحور غير المعلن الذي يتضمن المشاركة في عمليات التفاوض السري المتعلقة مع نظام الرئيس المصري حسني مبارك والقوى السياسية المصرية الأخرى، وإضافة لذلك، فقد لعبت بعض الظروف الذاتية والموضوعية دوراً أكبر في تضخيم وزن جماعة الأخوان المسلمين، ومن أبرز هذه الظروف نجد:
-    تأثير عامل الإمكانات المالية الذي أتاح لحركة الأخوان المسلمين المصرية تعزيز تقنية مشاركتها في حركة الاحتجاجات.
-    تأثير عامل الحرب النفسية، وذلك بسبب توافق نظام الرئيس المصري حسني مبارك وإسرائيل لجهة تنميط حركة الأخوان المسلمين باعتبارها البديل في حالة سقوط نظام الرئيس مبارك.
وتأسيساً على ذلك، من الواضح أن حلفاء نظام الرئيس المصري حسني مبارك وإسرائيل وجماعات اللوبي الإسرائيلي الأمريكية والأوروبية مازالوا أكثر انخراطاً في فعاليات العملية النفسية التي تسعى لجهة تضخيم ما يطلق عليه خبراء الحرب النفسية تسمية "سيناريو الكابوس" الذي يسعى لتعزيز وترسيخ الفرضية القائلة بأن جماعة الأخوان المسلمين سوف تستولي على السلطة في مصر إذا انهار نظام الرئيس المصري حسني مبارك، وبالتالي سوف تدخل منطقة الشرق الأوسط سيناريو الكابوس، وما من سبيل لمنع حدوث هذا السيناريو سوى المحافظة على بقاء نظام الرئيس حسني مبارك بأي وسيلة ومهما كان الثمن!!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

الشعب المصري وحده الذي يختار مستقبله وقياداته

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...