ما هي خطة واشنطن لإسقاط حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات
الجمل: أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في بيان رسمي، تأكيد التزامه للشعب التركي بالقضاء على المسلحين الأكراد الموجودين في شمال العراق، وذلك من أجل استئصال هؤلاء المسلحين وحماية الأمن التركي من خطر التمرد والإرهاب والانفصال.
• دوافع تصريحات أردوغان:
أتت تصريحات أردوغان مباشرة بعد أن وقع حادث انفجار في العاصمة التركية أنقرة، أدى إلى مقتل ستة أشخاص وجرح آخرين، وتبين للسلطات التركية بأن منفذ الانفجار كان كردياً.
وبرغم تصريحات حزب العمال الكردستاني الذي نفى تورطه في حادث التفجير، فإن السلطات التركية والرأي العام التركي، مازال أكثر إصراراً على ضرورة استخدام قوة الجيش التركي في القضاء على الحركات الكردية التركية الموجودة في شمال العراق، خاصة وأنه إذا لم يكن منفذ الانفجار منتمياً إلى حزب العمال الكردستاني، فإنه بالتأكيد ينتمي إلى الفصائل الكردية التركية الأخرى التي تعمل من أجل نفس الأهداف التي يعمل من أجلها حزب العمال الكردستاني.
• تداعيات الموقف التركي الجديد:
يرى الخبراء بأن موقف رجب طيب أردوغان المتشدد الجديد يضيف الكثير إلى رصيد حزب العدالة والتنمية في معركة الرئاسة التركية القادمة، وذلك لأنه يقضي على الاتهام الموجه له بواسطة الأطراف العلمانية الأخرى والجيش التركي بأنه غير جاد بتنفيذ العمليات العسكرية التي تهدف إلى الاستئصال النهائي للخطر الذي يمثله وجود ميليشيا حزب العمال الكردستاني المتمركزة حالياً في شمال العراق.
الخاسر الأكبر من موقف أردوغان سوف يكون هو الولايات المتحدة الأمريكية، التي ظلت خلال الفترة السابقة تطبق استراتيجية مزدوجة تقوم على:
- دعم الحركات الكردية.
- دعم المعارضة التركية.
وذلك على النحو الذي يصعد الخطر الأمني الكردي بالنسبة لتركيا، وفي الوقت نفسه ظلت تحذر القيادة التركية من مغبة القيام بعملية عسكرية في شمال العراق، وذلك بسبب الهزيمة التي سوف يتعرض لها الجيش التركي في شمال العراق، وذلك لأن القوات التركية سوف تتورط في (نموذج الحرب اللامتماثلة) وتنهزم مثلما انهزمت القوات الإسرائيلية على يد مقاتلي حزب الله بجنوب لبنان في حرب الصيف الماضي.
وتهدف الاستراتيجية الأمريكية المزدوجة هذه إلى الآتي:
- إسقاط حزب العدالة والتنمية في انتخابات البرلمان والانتخابات الرئاسية، وفوز الأطراف العلمانية التركية الموالية لأمريكا وإسرائيل، بحيث يتسنى لهذه الأطراف لاحقاً ضرب وتصفية حزب العدالة والتنمية، بنفس الطريقة التي تم بها ضرب وتصفية حزب الرفاه الإسلامي وزعيمه نجم الدين أربكان.
- الحفاظ على الروابط القوية مع الأكراد، والعمل على توظيفهم واستغلال جهودهم في خدمة المزيد من المخططات الأمريكية- الإسرائيلية في المنطقة وفي داخل العراق.
إذا قامت السلطات التركية بتنفيذ حملتها العسكرية ضد شمال العراق ولو جزئياً، فإنها سوف تؤدي إلى إلحاق الضرر الفاجع بإدارة بوش، ولذلك لأن العملية العسكرية التركية سوف تترتب عليها التداعيات الآتية:
- القضاء على نفوذ أقوى حلفاء أمريكا في العراق.
- القضاء على مصداقية أمريكا في الأوساط الكردية.
- القضاء على المشروعات الأمريكية- الإسرائيلية التي تهدف إلى استخدام الحركات الكردية ضد سوريا وإيران.
- استغلال الحركات الكردية الإسلامية واليسارية لهذا الموقف والقيام بتنفيذ العمليات المسلحة ضد الوجود الأمريكي في العراق.
- إحداث المزيد من التقارب بين الفئات الكردية وحركات المقاومة السنية التي تنفذ عملياتها ضد الوجود الأمريكي في مناطق وسط العراق المٍجاورة لإقليم كردستان العراقي.
وعموماً فقد أصبح مصير الملف الكردي على المدى القريب رهين بنتائج صراع الإرادات الدائر حالياً بين إرادة السياسة الخارجية الأمريكية، وإرادة السياسية الداخلية التركية، فإذا استطاعت السياسية الخارجية الأمريكية أن تفرض أجندتها على السياسية الداخلية التركية لحكومة أردوغان، فإن النتيجة سوف تكون في صالح الحركات الكردية والوجود الأمريكي والمعارضة التركية العلمانية، وبالمقابل يكون الخاسر الوحيد هو حزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب طيب أردوغان، وإذا استطاعت السياسية الداخلية التركية أن تفرض إرادتها على السياسية الخارجية الأمريكية فإن النتيجة سوف تكون سيطرة حزب العدالة والتنمية على مقاليد الأمور في تركيا والقضاء بشكل كبير على نفوذ المؤسسة العسكرية والتيارات العلمانية، مع ملاحظة أن هاتين النتيجتين بالنسبة للمدى القصير، أما على المدى الطويل فإن الخاسر هو الحركات الكردية والتي سوف تواجه وضعاً صعباً إذا فاز العلمانيون بالانتخابات التركية، وذلك لأنهم الأكثر تشدداً في القضاء على الحركات الكردية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد