ما هي دلالات اختيار أمانو مديراً عاماً لوكالة الطاقة الذرية العالمية
الجمل: خلال الأسبوع الماضي صوّت ثلثا مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية العالمية (IAEA) البالغ عددهم 35 عضواً إلى جانب اختيار الدبلوماسي الياباني يوكيا أمانو لتولي منصب مدير عام الوكالة بدلاً عن الدكتور محمد البرادعي الذي ستنتهي فترة ولايته بحلول 30 تشرين الثاني 2009.
* من هو يوكيا أمانو؟
ولد أمانو في عام 1947 في اليابان، وبعد إكماله المراحل الدراسية تخرج من كلية القانون وبعدها انضم إلى طاقم وزارة الخارجية اليابانية عام 1972، وكان قد تخصص في مجال نزع السلاح الدولي وجهود حظر انتشار الأسلحة النووية. هذا، وإضافة لذلك فقد واصل أمانو خلال الفترة من 1973 حتى 1974 دراسته العليا بجامعة فراشتي كوميت، وفي الفترة من 1974 إلى 1975 في جامعة نيس الفرنسية. وقد تولى أمانو العديد من المناصب الدبلوماسية منها:
• مدير القسم العلمي بوكالة الطاقة الذرية.
• مدير قسم الطاقة النووية بوكالة الطاقة الذرية.
• دبلوماسي في سفارات اليابان في واشنطن وبروكسل وبعض العواصم الأخرى.
• مندوب اليابان في مؤتمر نزع التسلح المنعقد بالعاصمة السويسرية جنيف.
• قنصل عام اليابان في مرسيليا الفرنسية.
• المدير العام لدائرة الشؤون العلمية وضبط التسلح بوكالة الطاقة الذرية.
• المدير العام لدائرة نزع السلاح وحظر انتشار الأسلحة النووية والعلوم.
برغم هوية أمانو اليابانية فإن هناك الكثير من الشكوك التي تحيط بخلفيات علاقاته مع الدوائر الدبلوماسية الأمريكية وكان ذلك واضحاً من خلال الانتقادات الشديدة في الصحافة الأمريكية والغربية لاختيار أمانو كمدير عام للوكالة.
* معطيات أداء الدبلوماسي الياباني يوكيا أمانو:
من خلال المناصب التي تولاها في وكالة الطاقة الذرية استطاع أمانو المشاركة في المفاوضات الدولية التي كانت الوكالة طرفاً فيها ومن أبرزها:
• توسيع نطاق معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
• معاهدة الحظر الدائم لإجراء التجارب النووية.
• بروتوكول التحقق الخاص بمعاهدة الأسلحة البيولوجية.
• المعاهدة حول الأسلحة التقليدية المحددة والقانون الدولي إزاء ما يتوجب القيام به إزاء نشر الصواريخ البالستية.
إضافة لهذه الخبرات فقد تولى أمانو منصب ممثل اليابان كخبير في لجنة الصواريخ التابعة للأمم المتحدة ومنصب الخبير في لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتعليم في مجالات نزع السلاح وحظر انتشار الأسلحة النووية ثم منصب السفير الياباني لدى وكالة الطاقة الذرية ثم منصب رئيس لجنة أمناء وكالة الطاقة الذرية.
تقول المعلومات والتسريبات أن يوكيا أمانو ظل حتى اليوم على علاقة وثيقة بالأمريكيين وتحديداً السفير الأمريكي السابق في الأمم المتحدة جون بولتون إضافة إلى أن علاقته مع بولتون تمتد إلى ما قبل ذلك وعلى وجه الخصوص خلال تولي بولتون منصب نائب وزير الخارجية الأمريكية لشؤون ضبط التسلح وحظر انتشار الأسلحة النووية.
كتب المحلل السياسي الأمريكي غوردون برازر قائلاً أن اختيار أمانو لمنصب مدير عام وكالة الطاقة هو اختيار يشير بقوة إلى أن "إرث بولتون ما زال موجوداً بقوة في وكالة الطاقة الذرية، طالما أنه نجح في زراعة شبكة كبيرة من العناصر المرتبطة باللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد ووكالة المخابرات الأمريكية ووكالة الأمن القومي الأمريكي داخل الوكالة".
* يوكيا أمانو ومعطيات "تحركاته الخفية":
كشفت التسريبات عن قيام يوكيا أمانو خلال وجوده في وكالة الطاقة الذرية العالمية عن الآتي:
• مساعيه الحثيثة التي أدت إلى إفشال مفاوضات دول الاتحاد الأوروبي مع إيران بما أدى إلى إعلان إيران رسمياً استئنافها لتخصيب اليورانيوم وهو ما كان يريده بولتون وإدارة بوش بحيث يتسنى لهم استغلال ذلك كذريعة لفرض العقوبات ضد إيران.
• برغم تقرير وكالة الطاقة الذرية العالمية الذي نفى وجود أي حيثيات أو دلائل لجهة استخدام إيران برنامجها النووي لإنتاج الأسلحة النووية وهو التقرير الذي تبناه وأكد عليه البرادعي مدير الوكالة، فإن أمانو من خلال منصبه كرئيس لمجلس أمناء الوكالة نجح في دفع لجنة الأمناء إلى إصدار القرار 77/2005م، الذي كان الأكثر عدائية وسعياً لإدانة إيران، وما كان لافتاً للنظر أن هذا القرار قد أحدث ضجة كبيرة في أوساط الخبراء والمحللين لأنه وبكل بساطة يتنافى مع تقرير الوكالة الرسمي حول إيران، وعندها تساءل الكثيرون عن المفارقة: إصدار الوكالة تقريراً إيجابياً عن إيران، وإصدار الوكالة لقرار سلبي حول إيران في وقت واحد!! ولاحقاً في العام 2006 سعى أمانو إلى استخدام صلاحيات مجلس أمناء وكالة الطاقة الذرية من أجل الضغط على مجلس الأمن الدولي لكي يقوم بتشديد الضغوط والعقوبات على إيران عن طريق المذكرة التي أعدها ورفعها للمجلس يوكيا أمانو والتي سعت إلى إخبار المجلس أن إيران لم تلتزم مطلقاً بتنفيذ النقاط التي طالبت الوكالة إيران بتنفيذها.
* ما الذي يمكن توقعه من مدير عام الوكالة الجديد يوكيا أمانو؟
من المعروف أن النظام الدولي الراهن يتضمن العديد من الأنظمة الفرعية التي تشكل مكوناته ومثلما هناك نظام اقتصادي دولي ونظام تجاري دولي ونظام مالي دولي فقد سعت إدارة بوش الجمهورية السابقة إلى بناء المزيد من الأنظمة الفرعية والتي من أبرزها:
• النظام العسكري الدولي عن طريق تقسيم العالم إلى مسارح حربية وتعيين قيادة عسكرية مسؤولة عن كل منطقة مثل: القيادة الأمريكية الأوروبية، والقيادة الوسطى الأمريكية وما شابهها.
• النظام النووي الدولي عن طريق توظيف اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية.
وتأسيساً على ذلك ولما كان البنك الدولي يقوم بإدارة النظام المالي الدولي وصندوق النقد يقوم بإدارة النظام النقدي الدولي ومنظومة التجارة العالمية تقوم بإدارة النظام التجاري الدولي، ولما كانت سيطرة واشنطن على هذه الكيانات قد مكنها من السيطرة على قدر كبير من الفعاليات الاقتصادية الدولية، فإن سعي واشنطن من أجل السيطرة على وكالة الطاقة الذرية بالضرورة سيتيح لها السيطرة على فعاليات شؤون حظر وانتشار الأسلحة النووية وعن طريق فبركة المعلومات والتقارير فإن واشنطن تستطيع استهداف من تريد وتبرئة من تحب.
تشير التوقعات إلى أن تولي يوكيا أمانو لمنصب المدير العام للوكالة سيكون كارثياً على فعاليات شؤون ضبط التسلح وأنشطة الوكالة لجهة القيام بحظر انتشار الأسلحة النووية.
في هذا الخصوص من المؤكد أن تحدث المواجهة بين وكالة الطاقة الذرية وإيران خلال فترة ما بعد 30 تشرين الثاني والشيء ذاته بالنسبة لكوريا الشمالية وعلينا أن نتوقع أن المدير الجديد للوكالة سيسعى لاستهداف سوريا وربما بعض الدول الأخرى تماماً على غرار ما ظل يطالب به جون بولتون.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد