ماذا أنجز الديمقراطيون بعد سيطرتهم على الكونغرس الأمريكي

13-08-2007

ماذا أنجز الديمقراطيون بعد سيطرتهم على الكونغرس الأمريكي

الجمل:    عندما سيطر الديمقراطيون على الكونغرس الأمريكي في تشرين الثاني 2006م الماضي، قال الديمقراطيون بأنهم سوف يقومون بإجراء تحول محوري في أداء السياسة الأمريكية الخارجية والداخلية، وسوف يقومون بفرض الأجندة والبنود السياسية التي طالما تجاهلها الجمهوريون طوال 6 أعوام.
• السياسات الأمريكية وصراع الأجندة:
أدت نتائج انتخابات الكونغرس الأمريكي إلى تغيير التوازنات السياسية والداخلية الأمريكية، ولم تعد الهياكل السلطوية الثلاثة التشريعية، التنفيذية، والقضائية تعمل بشكل منسجم، وبدا واضحاً أن البيت الأبيض الأمريكي قد فقد القوام المتماسك الموحد الذي كان يستند عليه في الماضي في المواجهات بين الديمقراطيين والجمهوريين وكان محورها الرئيسي، أو بالأحرى خط المواجهة الرئيسي، يتمثل في حرب العراق، وكان الخلاف بين الطرفين يقوم على اختلاف إجابة كل طرف على التساؤل المطروح حول مدى جدوى استمرار وجود القوات الأمريكية في العراق، وفي الوقت الذي كان يزعم فيه الجمهوريون بأن وجود امريكا في العراق هو وجود ضروري حيوي بالنسبة للمصالح الأمريكية وإنساني بالنسبة للعراقيين، وضروري بالنسبة لمستقبل أجندة نشر الديمقراطية التي تحاول إدارة بوش التسويق لها في منطقة الشرق الأوسط، كان الديمقراطيون يقولون بخلاف ذلك مستندين إلى أن مصالح أمريكا سوف لن تتضرر من جراء الانسحاب من العراق، وإنما سوف تتضرر أكثر فأكثر إذا بقيت أمريكا في العراق، كذلك كان الديمقراطيون يركزون على أن خسائر أمريكا التي قاربت الأربعة آلاف قتيل والترليون (ألف مليار) دولار هي خسائر لا يمكن تعويضها بسهولة، إضافة إلى أن المزيد من استمرار الوجود الأمريكي في العراق، معناه المزيد من الخسائر البشرية والمالية الكبيرة المتزايدة.
• اللوبيات وعمليات الالتفاف والمناورة:
كان واضحاً منذ البداية أن اللوبي الإسرائيلي سوف يقوم بتجميع زخم صقور الإدارة الأمريكية والكونغرس، ويقوم بتنظيم هجوم سياسي مضاد ضد توجهات زعماء الحزب الديمقراطي الأمريكي الرامية إلى الانسحاب من العراق.
بعد إعلان نتيجة الكونغرس الأمريكي قام رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت بزيارة عاجلة إلى أمريكا، وتبعه شيمون بيريز نائب رئيس الوزراء آنذاك والرئيس حالياً، ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، وزعيم الليكود المعارض بنيامين نتنياهو.
تحدثت الأخبار عن اجتماعات الزعماء الإسرائيليين مع مسؤولي الإدارة الأمريكية، ولكن الأخبار (الخافتة) نقلت بعض المعلومات عن الهدف المعلن من زيارة الزعماء الإسرائيليين المتتابعة لأمريكا وعن لقاءاتهم مع زعماء منظمات اللوبي الإسرائيلي، وأعضاء الكونغرس (الجدد) من اليهود الأمريكيين.
يعتبر عدد اليهود الأمريكيين في الكونغرس الجديد هو الأكبر في تاريخ أمريكا، وحالياً يضم الكونغرس الأمريكي حوالي 40 عضواً يهودياً، عددهم الاكبر ضمن الحزب الديمقراطي (26 عضواً)، وعددا أقل (14 عضواً) ضمن الحزب الجمهوري.. وقد حرص الزعماء الإسرائيليون على مشاركة منظمات اللوبي الإسرائيلي في جمع كلمة اليهود الأمريكيين الديمقراطيين واليهود الامريكيين الجمهوريين، وذلك ضمن لوبي سري داخل الكونغرس الأمريكي يقوم بمهام المناورة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
لعب اليهود الأمريكيون داخل الكونغرس دوراً كبيراً في ممارسة الضغوط من أجل تخفيف حدة مطالبة الديمقراطيين لإدارة بوش بالانسحاب من العراق، وكانوا يقومون بدور إجرائي وظيفي يهدف إلى دفع الطرفين للحصول إلى حل وسط الذي يركز على مقايضة مطالب الديمقراطيين في مواجهة رفض الإدارة الأمريكية بالحلول التي تستبقي على خيار بقاء القوات الأمريكية في العراق وتدفع الطرفين إلى تقديم التنازلات لبعضهما في الجوانب الخلافية الأخرى.
ذراع اللوبي الإسرائيلي داخل الكونغرس الذي يمثله اليهود الامريكيون كان يجد الدعم والمساندة من لوبي (المجمع الصناعي- العسكري) الذي يرى في استمرار حرب العراق عاملاً مهماً من اجل رفع استهلاك الأسلحة ودفع المنطقة إلى سباق التسلح، وذلك على النحو الذي يرفع الطلب على مبيعات السلاح بواسطة الجيش الأمريكي ودول المنطقة الحليفة لأمريكا، وهو أمر تؤكده صفقات بيع السلاح الامريكي الأخيرة لبعض دول المنطقة، وأيضاً تكاليف وجود القوات الأمريكية في العراق، والتي قاربت التريليون دولار ذهب أكثر من ثلثيها لشركات السلاح وأصحاب العقود الخاصة مع البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية).
• ماذا أنجز الديمقراطيون:
تتضارب المعلومات الواردة في الصحافة الأمريكية، فهناك فريق أصبح أكثر تشكيكاً في مصداقية الديمقراطيين، ويرى المواجهة الجارية داخل الكونغرس مجرد لعبة بين الجمهوريين والديمقراطيين، تم الاتفاق عليها مسبقاً بين زعماء الطرفين واللوبي الإسرائيلي، ولوبيات جماعات المصالح الأخرى، مثل شركات المجمع الصناعي- العسكري، والشركات النفطية العشرة الكبرى.. وهي لعبة تهدف إلى تضليل الرأي العام الأمريكي الذي أصبحت أغلبيته العظمى تطالب بسحب القوات الأمريكية من العراق.
وهناك فريق يرى بأن هناك معركة فعلية تجري بين الطرفين، وبأن الديمقراطيين يبذلون جهودهم القصوى من أجل التوصل إلى قرار سحب القوات الأمريكية من العراق، وهو قرار من الصعب التوصل إليه بسهولة، وذلك لأن الحزب الديمقراطي برغم حصوله على الأغلبية في الكونغرس، إلا أنها ليست بالأغلبية الكافية التي تمكنه من إجازة القرارات بنسبة الأصوات التي تمنع الرئيس جورج بوش من ممارسة حق النقض (الفيتو) ضد قرارات الكونغرس.. ويطالب هذا الفريق الديمقراطيين بالمضي قدماً في تصعيد المعركة ضد إدارة بوش والتقدم في اتجاه الهدف عن طريق المراحل باعتبارها الرهان الحقيقي الذي يؤدي إلى فضح نواب الحزب الجمهوري أمام الرأي العام الأمريكي، على النحو الذي يهددهم بفقدان شعبيتهم ويعزز شعبية  الحزب ا لديمقراطي في الدوائر الانتخابية التي سبق أن كسبها الجمهوريون، وبالفعل من نتائج هذا الأسلوب أن بعض النواب الجمهوريين قد أبدى الرغبة في تأييد توجهات الديمقراطيين المطالبة بالانسحاب، وقد تبين أن معظم النواب الجمهوريين الذين أبدوا مثل هذه الرغبة كانوا من أعضاء الكونغرس الذين فازوا بأغلبية ضئيلة على منافسيهم الديمقراطيين، وبالتالي فإن أي تحول في توازنات الرأي العام في ولاياتهم لصالح الديمقراطيين سوف يؤدي إلى فقدان الحزب الجمهوري للانتخابات القادمة.
وعموماً، لقد انتقل الديمقراطيون بالمنافسة والصراع السياسي مع إدارة بوش الجمهورية إلى مربع جديد، سوف يتم حسم أمره بعد التقرير الذي سوف يقوم الجنرال بتراوس بتقديمه للكونغرس في منتصف شهر أيلول القادم، أي بعد حوالي شهر، وسوف يكون هامش المناورة هذه المرة أكثر ضيقاً أمام الجمهوريين، وبرغم ذلك فإن هناك الكثير من التوقعات المتشائمة بأن لا يتم التوصل إلى قرار نهائي بشأن سحب القوات الأمريكية من العراق، وعلى ما يبدو فإن هذه الأيام تشهد نشاطاً كبيراً بواسطة اللوبيات من أجل ترتيب وقائع سيناريو معركة الكونغرس القادمة بحيث يتم التوافق على كل شيء وتقديم كل تنازل ممكن، ما عدا الانسحاب من العراق.. وعلى غرار المثل الانكليزي الشهير: دعنا ننتظر ونرى.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...