متسولون يدعون التهجير ومعونات تذهب لغير المحتاجين
تتصدر أزمة المهجرين في سورية الواجهة، وعملت في خضمها هيئات حكومية وجمعيات خيرية ومنظمات محلية ودولية وإنسانية كـ"منظمة الهلال الأحمر السوري" و"مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة"، على مساعدة من يحتاج، وتقديم معونات قد تغطي بعض حاجات المواطنين قدر الإمكان.
التسول ظاهرة أساسية
إنّ عدم وجود قوانين حقيقية تحد من ظاهرة التسول، جعل إمكانية توسعها في ظل الأحداث الحالية أمراً ممكناً بشدة، غير أن وسائل المتسول اختلفت هذه المرة.
فبدل أن تكون المسألة مسألة "من مال الله وبس"، أصبحت عبارات المتسول تتخطى ذلك إلى وسائل جديدة ومختلفة واستخدام عبارات لها علاقة بالتهجير، وتحرك مشاعر المواطنين المتعاطفين أساساً مع إخوانهم المهجرين.
عصام مواطن من مدينة دمشق قال: "اعتدنا على منظر المتسولين في الشارع، ولكنني أعرف بعضهم ممن لم يهجّروا أبداً، فهم موجودون في حيينا حتى قبل الأحداث، إلا أنهم يستخدمون عبارات تتضمن التهجير مع المارة لاستجرار عطفهم وهو ما يحصلون عليه".
وتحدث ناصر مواطن من مدينة حماة عن أساليب جديدة فقال: "أغلب من وفدوا إلى مدينة حماة خلال الأحداث من محافظة حلب وإدلب، وهؤلاء الوافدون لهم خصوصيتهم في اللباس والمظهر، ويحاول متسولون اعتماد نفس المظهر حتى لا يُشك في أمرهم، ويحققون غرضهم".
وقال محمد مواطن من طرطوس: "اكتشفنا أنا وأصدقائي بعض المتسولين ممن يعتمدون على أساليب التهجير، فأحد أصدقائي من مدينة حلب وهو يعمل في محل تجاري، ادعت متسولة أنها هجرت من حلب، وأن أطفالها أيتام وما إلى ذلك، فحصرها بأسئلته عن مكان إقامتها بحلب، ليكتشف أخيراً أنها متسولة وليست مهجرة، فحتى لهجتها بحسب كلامه لا تطابق لهجة أهالي حلب".
مواطنون يجمعون المعونات بكميات كبيرة
تحاول الكثير من الهيئات والمنظمات إيصال مساعدات غذائية ومساعدات مادية أخرى، "كبطانيات وألبسة وفرش منزل"، إلى مستحقين هجروا من محافظات الصراع ولم يستطيعوا إحضار أي شيء من منازلهم، وينتظر هؤلاء المهجرون هذه المعونات ليعتاشوا من خلالها، أو أن تسند لهم جانباً من جوانب حاجاتهم المختلفة.
إلا أن البعض من غير المهجرين انتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر، فهم وإن كانوا غير محتاجين إلا أنهم يحصلون على معونات بطرق ملتوية من باب "يلي ببلاش كتر منو".
والبعض الآخر استفاد من معونات جهات عديدة ليقوم بتجميعها، فإما أن يعيش منها لسنوات أو أن يقوم ببيعها والاستفادة من مردودها المادي.
أحمد مواطن من مدينة حماة قال: "يكفي أن تلاحظ من يقف في طوابير معونات الهلال الأحمر، حتى تعرف أن نصفهم من مدينة حماة ذاتها ولم يهجّروا في حياتهم".
وتابع أحمد: "هناك الكثير من الأساليب التي بدأ يعتمدها هؤلاء الناس، فالمطلوب في كثير من الأحيان من العائلة المهجرة أوراق شخصية، وحديثها عن حالة تهجيرها كإثبات حتى تحصل على معونات، وبصراحة، لا أحد يضاهي بعض السوريين بتمثيل دور المهجر".
وتحدث سامر من مدينة دمشق عن أمر غريب حيث قال: "اجتمعت مع بعض الناس ممن يحصلون على معونات، وبدؤوا بالتفاخر في كون كل شخص فيهم مسجلاً في جمعيات خيرية أكثر، ويحصل على كميات كبيرة من المعونات، وأن أحدهم يرغب بالتسجيل في جمعيات ومنظمات خيرية خارج البلد، لأنهم يقدمون مساعدات أفضل وأكثر".
ويقول حازم من مدينة حماة: "البعض بدأ ببيع معونات زائدة عنه في الأسواق على عينك يا تاجر، ولا أحد يحاسبه أو يسأله عن ذلك، فيما مهجرون بالقرب من منزلنا يحتاجون مساعدات لا يستطيعون الحصول عليها، بل هم يترفعون عنها لأنهم بحسب كلامهم (طالما فينا روح، رح نشتغل ونأكل من عرق جبينا)".
من يضبط ويحاسب؟
الكثير من المواطنين يطالبون اليوم بحلول لظاهرتي التسول وتقديم المعونات، كما يقول عادل "موظف" من دمشق، فيجب تحديد المهجّر الذي يستحق المعونات بأساليب استقصائية وإحصائية وهو عمل المنظمات والهيئات المشرفة على مسألة معونات النزوح، حيث ستجعل إمكانية وصول المعونات بكميات وافية إلى جميع مستحقيها، وستكشف الأشخاص المستفيدون بطرق غير شرعية، وبالتالي ستمنع متسولون من تبني واختلاق قصص لها علاقة بالتهجير.
وعلي عضو في إحدى الجمعيات الخيرية قال: "نحاول قدر الإمكان التواصل مع الجهات التي تقدم معونات للمهجرين للحصول على بيانات إحصائية، ومحاولة تحديد من يستفيد من أكثر من جهة، إلا أننا لن نستطيع تحديد جميع المستفيدين بطرق غير شرعية، لأن أعداد المهجرين كبيرة، وقدراتنا محدودة".
وتابع علي: "الضغط الذي نتحمله من جراء زيادة أعداد المهجرين يؤثر بطريقة غير مباشرة على أدائنا، في تقديم المساعدات للفقراء، فالاهتمام الأكبر حالياً بتقديم مساعدات غذائية ومالية للمهجرين باعتبارهم المشكلة الأكبر".
فيما قال إبراهيم متطوع في الهلال الأحمر ومشرف على تقديم المعونات: "من واجب المنظمات الإنسانية تقديم المساعدات أيضاً للفقراء، الذين ازدادت أوضاعهم فقراً نتيجة الأحداث والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي رافقتها، فهؤلاء يتحولون يوماً بعد يوم لمتسولين، وبعضهم مضطر لتمثيل دور المهجّر للحصول على معونات".
وكانت مصادر في "وزارة الشؤون الاجتماعية" أوضحت خلال العام الماضي، أنها ضبطت 534 متسولاً متسرباً من المدارس في شوارع دمشق بينهم 50 فتاة، إضافة لوجود 220 طالباً معوقاً يعيشون حياة التسرب والتسول.
حسام الزير
المصدر: الاقتصادي
إضافة تعليق جديد