محيط إدلب نحو معارك أوسع؟
لم يخرج حال «الهدنة» المفترضة في منطقة «خفض التصعيد» في إدلب ومحيطها، عن المتوقع، إذ استمرّ القصف المتبادل، وشهدت عدّة جبهات اشتباكات عنيفة، فيما تدخّل سلاح الجو بعدما غاب عن المشهد حين الإعلان عن التهدئة.
الفصائل المسلحة حاولت تظهير رفضها الهدنة عبر شنّ هجوم شمل نقاط التماس بين كفرنبودة والحويز في ريف حماة الشمالي، في ساعات فجر أمس الأولى. ولكن المعلومات الميدانية أفادت بأن الجيش السوري كان على علم بموعد التحرك المضاد وأهدافه، ما مكّنه من احتوائه، من دون خسارة أي موقع. وكانت لافتة، خلال ساعات فجر أمس وصباحه، كثافة الغارات الجوية التي تمددت رقعة استهدافها حتى ريف إدلب، وطاولت مواقع في الخطوط الخلفية للفصائل العاملة في ريف حماة الشمالي. وفي ساعات المساء الأولى، شهدت مدينة حلب سقوط عدد من القذائف على حيَّي الخالدية وشارع النيل، إلا أن تواتر القصف على المدينة لم يُسخّن خطوط التماس غربها وجنوبها.
اللافت في تطورات أول أمس، أن وزارة الدفاع الروسية التي رعت الهدنة المفترضة مع الجانب التركي، أعلنت في بيان رسمي استهدافها عدداً من المواقع التي استخدمت لإطلاق صواريخ باتجاه قاعدة حميميم. وكانت ساعات ليل أول من أمس قد شهدت إطلاق ستة صواريخ على القاعدة، تصدّت لها منظومات الدفاع الجوية، وفق معلومات وزارة الدفاع الروسية. وخلال نهار أمس، بحث وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ونظيره التركي خلوصي أكار، عبر الهاتف، التطورات في إدلب، من دون أن تخرج أي تفاصيل رسمية عن فحوى النقاش. وتشير المعطيات الميدانية المتوافرة إلى أن استمرار خروقات الهدنة من جانب الفصائل المسلحة، بغضّ النظر عن هويتها وتبعيتها، ولا سيما ضد قاعدة حميميم، سيدفع موسكو إلى الزجّ بثقل عسكري أكبر في إدلب ومحيطها. وسينعكس ذلك مباشرة عبر تكثيف الغارات الجوية، بما يخدم التحرك الميداني للجيش السوري في شمالي سهل الغاب وريف اللاذقية الشمالي الشرقي. وتشير مصادر ميدانية إلى استمرار الجاهزية للتقدم على هاتين الجبهتين، وفق ما تقتضيه التطورات. وسيكون لحسم معركة كباني الواقعة على تخوم سهل الغاب وريف جسر الشغور، أهمية لافتة في مسار التقدم المحتمل نحو جسر الشغور، فيما يبدو لافتاً أن الخروقات على باقي المحاور لم تتطور إلى معارك مفتوحة؛ إذ بقي محيط حلب الغربي والجنوبي، وريف إدلب الشرقي، معزولين نسبياً عن المعارك العنيفة التي دارت في ريفَي حماة واللاذقية. ولا يمكن قراءة هذا الفصل خارج إطار التوافق بين رعاة «الهدنة» على عدم الانزلاق نحو حرب مفتوحة وواسعة.
وعلى رغم التصريحات المتقاطعة بين بعض أوساط المعارضة السورية والمسؤولين الأتراك، حول تأثير التصعيد الميداني على مسار «التسوية السياسية»، ولا سيما «اللجنة الدستورية»، لا تبدو موسكو (شريكة أنقرة) قلقة من مثل هذا التأثير. وفي السياق نفسه، قال رئيس «هيئة التفاوض» المعارضة، نصر الحريري، في مقابلة مع وكالة «الأناضول» التركية، إن «هناك اتفاقاً على أن اللجنة جزء من القرار 2254، بإشراف الأمم المتحدة، وأعتقد أن موعد انعقاد الجلسة الأولى للجنة لن يكون بعيداً». وأشار إلى أنه «خلال محادثاتنا مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (الثلاثاء الماضي)، كان واضحاً لنا أن اللجنة قريبة من التشكيل والشروع في عملها». ولفت الحريري إلى أن «ستة أسماء من الثلث الثالث (ممثلو المجتمع المدني) حُذفت، والنقاش مستمر حول من سيحلّ محلها».
الأخبار
إضافة تعليق جديد