مسلسل "عمر" يعبر الجدار الأوّل... بنجاح
أخيراً... وبعد طول انتظار، خرج مسلسل "عمر"، كما أراد له صانعوه أن يكون. وبعد سجال حامٍ بين مؤيّد ومعارض، ظهرت شخصيات الخلفاء الراشدين مجسّدة بالصوت على الشاشة، في خطوة هي الأولى من نوعها في الدراما التلفزيونيّة العربيّة. وتلك خطوة لن تكون محطّة تاريخية في تجربة المخرج حاتم علي والمؤلّف وليد سيف وحدهما، وإنما في تجربة كلّ الفنانين الذين قاموا بتجسيد شخصيات الخلفاء الراشدين، لاسيما الممثل الشاب سامر إسماعيل الذي يجسّد شخصية الفاروق عمر بن الخطّاب.
منذ الحلقات الأولى، يمكن للمشاهد أن يلتقط الحساسية العالية التي يبديها صناع العمل، تجاه القدسية الدينية والتاريخية للشخصيات. هكذا، يحرصون في شارتي البداية والنهاية على التأكيد أنّ مرجعيات دينية كبيرة راجعت النصّ، ودققت في تفاصيله. ولا تغيب آيات القرآن الكريم عن متن الحلقات، ضمن فواصل نسمعها بصوت الممثل السوري عبد الرحمن آل راشي. أضفى هذا الخيار على العمل هالةً من السكينة، كما أنّه خيار إخراجي موفّق، إذ يتمّ عرض الآيات المختارة وفقاً لزمن نزولها. وبهذا، فإنّها تؤرّخ للمرحلة الزمنيّة التي رافقت نزولها والأحداث التي ارتبطت بتلك المرحلة من السيرة النبوية، وذلك منذ الآية الكريمة الأولى "إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق".
على مستوى الشكل، ولناحية ملامح شخصيات الخلفاء الراشدين تحديداً، بدا الحرص واضحاً على تدخل الماكياج والمؤثّرات الصوتية والضوئية في التفاصيل، بما يمنح تلك الشخصيات بعداً خاصاً. وهذا الأمر بدا جلياً في التفاصيل الشكلانية لشخصية عمر بن الخطاب. إذ تمّ التدخل في جسم ووجه الممثل الشاب سامر اسماعيل، بالإضافة إلى تعديل الصوت الذي يؤديه مدبلجاً الفنان الأردني أسعد خليفة. وقد عرف هذا الأخير بتميّز صوته في الوطن العربي، ويعدّ من أجمل الأصوات وأكثرها هيبةً.
ولعلّ المخرج حاتم علي نجح في عبور الجدار الأول بينه وبين الناس، بإظهاره وجوه الخلفاء الراشدين وأصواتهم. أو بمعنىً أدقّ، هو نجح فنياً في ذلك، على نحو قد يقوّي موقفه على مستوى الجدل الدائر حول مسألة إظهار وجوه الصحابة أم لا. ولكن لا يزال أمام أسرة المسلسل استحقاقات أخرى، تتعلق بالحكاية ذاتها. ولعلّ في نجاحهم في الاستحقاقات المقبلة على صعيد الحكاية ما يقوّي من حجة التحدّي الأولى، أي إظهار الوجوه، وربما يوفر السبب ليقتنع بها من يرفضها اليوم. ففي التفاصيل المقبلة، ثمة سيرة كاملة للفاروق، لا نعرف إن كان الكاتب وليد سيف، سيأخذ منها ما اتفق عليه المسلمون، ويبتعد عن النقاط التي لا تزال مثار خلاف. لا نعرف كم من التفاصيل الكثيرة والغنية في سيرة عمر بن الخطاب سيلتقطها العمل، خصوصاً أنّ عهده شهد تحوّلات تاريخية كبرى، ومعه عرفت الفتوحات الإسلامية مداها الأكبر.
وبما أنّ حكاية "عمر" تبدأ في وقت مبكّر، أي قبيل نزول الوحي على النبي محمد، فإنّها تعد بتفاصيل غنية أخرى، سواء تلك التي تتعلّق بالسيرة النبوية، بسيرة الخلفاء الراشدين والصحابة الذين عايشهم عمر. فهل سينجح وليد سيف بتوليفها في حكاية تمتد لثلاثين حلقة؟ ذلك هو الاستحقاق الحقيقي أمام العمل.
أما على المستوى الفني، فثمّة حرفية عالية يبديها المخرج حاتم علي، كشفت عن نفسها منذ الدقائق الأولى لعرض المسلسل. لكننا لن نستبق الأحداث. كلّ ما نستطيع قوله اليوم إنّ في الحلقات الأولى من مسلسل "عمر" ما يجعلنا نتأكّد أنّ في الحلقات المقبلة ما يستحقّ المتابعة.
=========
"عمر"
إخراج حاتم علي ـ تأليف وليد سيف
إنتاج "تلفزيون قطر" و"مجموعة أم. بي. سي"
يعرض عند العاشرة مساءً على شاشة mbc
=--=-=-
إنسيرت:
ظهرت شخصيات الخلفاء الراشدين مجسدة بالصوت والصورة على الشاشة، في خطوة هي الأولى من نوعها في الدراما التلفزيونيّة العربيّة>
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد