معايير القبول في مشفى ابن سينا ويوميات نزيل
عندما قررنا الذهاب الى مشفى ابن سينا تبادرت في المخيلة عشرات الأسئلة واشارات الاستفهام,كيف لا وسمعة هذا المشفى السلبية ربما تجاوزت حدود اللامعقول ويعرفها القاصي والداني ولمجرد ذكر اسم المشفى يكون رد الصدى اللهم عافنا!
إذاً نحن في مهمة ربما تكون شاقة وخطرة كما أراد البعض أن يهيئ لنا حتى قبل الذهاب ونصحنا البعض (شو بدكم من ها الصرعة ووجع القلب حتى زميلنا المصور علق قائلا: لو عرفت انكم آتون الى هنا لما أتيت) تزاحمت الأفكار عندها وجالت المخيلة في كل الاتجاهات فجميعنا يحفظ في ذاكرته الصور البشعة عن هكذا مشاف عبر ما شاهدنا وسمعنا بوسائل مختلفة.
والسؤال الذي يطرح نفسه أو كما يقول المثل ليس المريض هو المريض ولكن المريض الحقيقي هو من يعاشر ويرعى المريض فنزلاء هكذا أماكن ليسوا كبقية المرضى العاديين ومرضهم كبقية الأمراض التي اعتاد الانسان معالجتها ومساكنتها فالوضع مختلف جذريا نظرا لطبائع وخصائص هؤلاء المرضى حسب تصنيفاتهم وبالمقابل هناك موظفون يعملون بطاقات تفوق حدود الاحتمال والصبر وعلى قلتهم مطلوب منهم القيام بمختلف الأعمال التي تبدو في نظر البعض شاقة بامتياز وعلى أرض الواقع هي أفظع من ذلك وتفوق كل خيال حتى أصبح البعض ينطبق عليه المثل من عاشر القوم أربعين يوما أصبح منهم? كيف لا ومشفى ابن سينا ينظر إليه ويتعامل معه على أنه كالمنفى ومنبوذ من جميع الجوانب ولا يأتي إليه إلا الموظفون المعاقبوون والمغضوب عليهم في أماكن عملهم لدرجة أن عددا منهم ترك المشفى باحثا عن مكان آخر لينجو بريشه مهما كلف الأمر ذلك.
عند دخولنا باب المشفى كان هناك تصورات كثيرة سارعت للنفوذ من مخيلتنا إذ رأينا مرضى يتجولون في ساحة المشفى بهدوء وسكون لدرجة تساءلنا هل هؤلاء حقا مرضى عقليون حينها هتف البعض لدى مشاهدتنا: أهلا بكم..أهلا بكم يا معلمي ويا معلمتي فيما هم آخر بمد يده ليسلم علينا والابتسامة تعلو وجوههم ودهشنا أيضا فهل تصل قسوة الظلم الاجتماعي لدرجة يفقد الانسان فيها عقله أو حتى جزءا منه حسب درجات الفصام? فنزلاء المشفى ليسوا من شريحة اجتماعية أو فئة عمرية واحدة إذ أحد المرضى ناهز 92 عاما وهو يقيم بالمشفى وهذا دليل على أن نسبة عالية جدا من هؤلاء لا بديل لهم من مأوى إلا المشفى بعد أن أصبحوا منبوذين ومنسيين من أهلهم وهم بالنسبة لهم وصمة عار يخجلون من التقرب إليهم, فأي مصير سيكون لهؤلاء..?
فالبعض القليل ممن حالفهم (الحظ اللي بيفلق الصخر) وحظي بالذهاب لفترة قصيرة الى أهله كون حالته أصبحت تسمح له بذلك شرط اشراف الأهل على أخذه للدواء والالتزام به إلا أن حساب السرايا لم يكن صحيحا حتى في هذه الحالة كيف لا والبعض من الأهالي تصل لديه حالة الطمع والجشع والاستهتار بهذا المريض لدرجة بيع هذا الدواء المخصص له ذي التكلفة العالية التي تصل شهريا الى 8000 ليرة ليعود المريض الى المشفى وهو بحالة أسوأ مما كان عليه سابقا وهذه الظاهرة وغيرها من الأوجاع الحقيقية التي يصطدم بها المشفى.
يبدو بشكل عام بناء المشفى لا يتناسب مع خصوصية الأمراض العقلية إذ يعود الى العهد الايوبي وتظهر ملامحه الأثرية الواضحة في قسم النساء إذ كان تصميمه عبارة عن خان يصل بين دمشق وبغداد وهو عبارة عن استراحة للخيالة فهل يتناسب هكذا بناء وبعض الأجنحة المجاورة التي تمت اضافتها فيما بعد إليه تخدم من حيث الشكل والخصوصية هكذا أمراض عقلية أم أن تقدير العقلاء لما تركه الأجداد من ارث وتراث حضاري جعل هذا المكان من نصيب من لا يقدرون قيمته دون وعي منهم لأن حالات المرضى لا تتناسب اطلاقا مع هكذا تصميم, فالتصرفات العبثية لعدد من المرضى تسيء لبعض أجزاء البناء حيث يصولون ويجولون (وما حدا أحسن من حدا).
لدى جولتنا في أروقة المشفى اختلطت الأحاسيس فتارة تشويق لما نشاهده وتارة خوف من أي ردة فعل ممن سنقابلهم من المرضى وبداية كان مشاهدتنا لقسم الأطفال ولكن أي أطفال وأي طفولة, فهؤلاء غابت عنهم كل مظاهر الطفولة باستثناء اسم الجناح الذي يمكثون فيه فمنهم من جلس في بركة الماء يتناول محتويات كيس الشيبس بعد أن رماها على الأرض وآخر تعالى صوته صراخاً في وجه الممرضة لإخراجه خارج الجناح ولم تفلح توسلات الممرضة بأن ينتظر قليلاً ويهدأ بل زاد صراخه وغضبه حينها قلنا: الله يعين من يتعامل معهم.
وسألنا الممرضة يمامة عباس عن صعوبات التعامل رغم بيانها للعيان فشرحت معاناتها بالقول: إن النظافة الشخصية معدومة فنحن من يقوم بهذه المهمة ولمرات عدة في اليوم.. والأهم في ذلك تقصير الأهالي وإهمالهم بطريقة لا توصف فهم لا يأتون ولا يسألون وأحدهم منذ ثلاث سنوات كانت آخر زيارة لأهله ويوجد فقط ثلاث ممرضات يعتنين ب 6-10 أطفال ونناشد الأهالي لينظروا بعين الرحمة قليلاً وزيادة الكادر بما يتناسب مع حجم وصعوبة العمل والجهد المبذول.
يعلقون ولكن..وفي قسم مرضى الرجال انتابنا شيء من الخوف بداية وما لبث أن زال هذا الشعور عند تهافت المرضى على الباب والابتسامة تعلو وجوههم طالبين تصويرهم مرات عدة من زميلنا المصور وكم دهشنا عندما سأل أحدهم واسمه رشيد فور رؤيته للكاميرا.. هل هذه تعمل على الماء أم الكهرباء فقلنا له: تعمل على البطارية ثم قال ساخراً: هناك أحدث من هذه الكاميرا وأصغر منها مؤشراً بيده على حجم الكاميرا التي يعنيها.
وسألنا الممرضين المشرفين هل هذا حقاً مجنون علماً أنهم كانوا يتجولون في بهو الجناح ويشاهدون التلفاز المعلق بالشبك على أحد الجدران فيما أسرتهم المنتظمة ولباسهم المرتب توحي بأن هذا المكان ليس لهؤلاء فالعاطفة الإنسانية تبدو واضحة في التعامل معهم كما باقي الأجنحة وعندما هممنا بالخروج تسارع البعض يطلب منا البقاء معهم وتصويرهم أكثر..
أما في قسم النساء فبدا الأمر مختلفاً وكأنه حمام وانقطع ماؤه فعند فتح الباب علا صراخ المريضات وضحكاتهن وأشكالهن المختلفة حيث تهافتن إلينا يلمسننا وإحداهن تشكو زميلتها التي ضربتها على رأسها وتطلب منا معاقبتها وأخريات تحدثن بالانكليزية ورحبن بنا ب/وول كوم وهاو أر يو) فيما اشتكت أخرى إننا سببنا لها حالة تشنج فأوعز إليها أحدهم بالجلوس في مكان مشمس فجلست طائعة..
وفي مكان الإقامة بدت إحداهن وكأنها حالمة متألمة لعالم لا يدركه إلا الله وهي فيما جارتها الخرساء تحكي داخلها من خلال الرسوم التي تسطرها على الحائط بألوان متداخلة لأوجه وأماكن لا شك لها دلالات معينة وإذا عرضت لأهل الفن المختصين ربما تصنف ضمن درجات الفنون المألوفة فدواء هذه الحالة هو تقديم أدوات الرسم كي تهدأ ثورتها وهياجها في حالات الغضب..
ولشد ما أثار انتباهنا أن غياب العقل لا يغيب الموهبة فإحداهن توسلت الغناء لنا شئنا أم أبينا والمفاجىء خامة الصوت القوية التي تمتلكها وما غنته من مواويل وأغنيات محببة ولم تسكت عن الغناء إلا بعد إلحاح منا.
ومن الحالات الأخرى المثيرة أن هناك عددا لابأس به من المريضات ممن كن يتمتعن بدرجة اجتماعية ثقافية عالية فإحداهن دكتورة في الجامعة وأخرى سنة خامسة كيمياء ومنهن معاهد تعليمية وفور مشاهدتنا سألننا هل أنتن صحفيات فأشرنا بنعم وأخذن يتحدثن عن أوضاعهن وبأنهن أتين إلى المشفى ظلماً شاكين قسوة أهاليهن متمنيات الخروج بسرعة, وهنا أيضاً تبرز صعوبات عدة في التعامل مع المريضات ذكرتها السيدة خضرة طقطق والتي تعمل منذ ثلاثين عاماً وتشرف مع زميلاتها على 80 مريضة وأحياناً يصل العدد إلى .150
وتتضح مشكلة الأهل وعدم تعاونهم أو حتى مجرد السؤال عن مرضاهم فالتعامل مع المريض النفسي ليس بالأمر السهل فالمشرفة غالباً ما تتعرض للضرب والإهانة والصعوبة الأكبر حين مرافقة المريض لإجراء استشارات خارج المشفى كما أن نقص الكادر التمريضي والمستخدمين يجعل الأمر أكثر صعوبة إذ يوجد لكل ثمانية مرضى ممرضة وطبيب مقيم واختصاصية بالقسم والمريضات كبيرات السن يعتدين على الأصغر منهن..
وإضافة للأقسام المذكورة هناك القسم الاحترازي للحالات الخطرة وهم مرضى خطرون على أنفسهم وعلى الآخرين ممن ارتكبوا جرائم دون وعي نتيجة إصابتهم بنوع من أنواع انفصام الشخصية فأحدهم أقدم على قتل ابنته ذات الأربع سنوات وبعد مكوثه في المشفى لفترة عن طريق النيابة علم بما فعل فيما آخر أوقع ابنتيه في بئر دون وعي أو إدراك منه لفظاعة هذه الجريمة وقس على ذلك الكثير من هذه الحالات .
وهناك أيضاً قسم للمرضى الأطفال المتخلفين عقلياً ولا ندري هنا إن كان هؤلاء مكانهم الصحيح في المشفى أم يجب أن يكون في معاهد خاصة بحالتهم هذه ولتكن معاهد التنمية الفكرية التابعة للشؤون الاجتماعية والعمل.
كلنا يجهل بشكل عام التفاصيل الدقيقة للطب النفسي وتعقيداته بمختلف أنواعها ومن هو المريض النفسي وهل أي شخص يقال أنه معقد أو مريض نفسياً يؤتى به إلى هكذا مكان ولاسيما وأن النظرة العامة والتي أصبحت لصيقة وتبدو كتهمة للمشفى ولجميع من يعمل به لدرجة أنه أصبح عملا غير محبب ولا ينال رغبة العرف الاجتماعي فدائما ينظر بسلبية وظلم وكأنها وصمة عار لا تخدم سمعة أي شخص يعمل في المشفى بل تنال منه بمختلف المستويات..
فرغم ما وصل إليه العلم في مجال الطب النفسي وحققت درجات متقدمة على مستوى العالم المتطور فحتى الآن لم يأخذ الجانب الذي يستحقه من تبديد لبعض المفاهيم والموروثات المغلوطة التي لصقت به لسنوات ,فتصوروا مثلا أنه حتى بعض الأطباء العاملين في المشفى يتحاشون ذكر أنهم يعملون فيه ليس خجلا من مهنتهم وإنما تحاشياً لنظرة المحيطين بهم وسخرية من أصدقائهم ومعارفهم.
هنا أسئلة كثيرة تطرح ..هل جميع المرضى النفسيين بمختلف درجاتهم آخر مطافهم هذا المكان وهل هناك أسس ومعايير واجراءات لدخولهم وفي ذلك يوضح الطبيبان النفسيان رمضان محفوري وهمام عرفة العاملان في المشفى إن المرضى الذين يدخلون للمشفى هم مرضى الفصام بكل أنواعه مثل الانفصام الزوري وأهم ما يميزه الشك بالآخرين والأوهام كأن يعتقد أحدهم أنه ابن ملك وأهله الحاليون الذين قاموا بتربيته سرقوه من عند الملك وتآمروا عليه وأدخلوه المشفى أو انفصام الشباب وعادة ما يأتي المرض بشكل أكبر من حيث العمر وتكون استجابته للعلاج أسوأ وهذا يكثر فيه التفكك واضطرابات المزاج والانفصام البسيط وأغراضه غالبا وجدانية وفيه تراجع بآلية التفكير أما الانفصام غير المميز وغير المنظم كما يقول الطبيبان فأعراضه تتداخل فيما بينها بطريقة غير منظمة ومن الحالات الأخرى حدوث الاكتئاب الشديد وتترافق أحياناً بهلوسات وأوهام وهذه غالباً تتماشى مع الحالة النفسية الوجدانية وتصل نسبة المرضى الهوسيين إلى 90% من الانفصاميين, أما لماذا يؤذي المريض الآخرين فلأنه يخاف كل شيء محيط حوله حتى الخيال يعتبره عدواً له.
وعن معايير قبول المرضى في المشفى يوضح الطبيبان أن هذه المعايير تتركز حول نقاط عدة منها أن يشكل المريض خطراً على نفسه وعلى سلامة الآخرين مثل خطورة الانتحار أو المريض الفصامي الذي يتوهم أن أحدا يضع له السم في الطعام, والمريض المستبصر بمرضه أي أنه مصاب بمرض نفسي لكنه لا يدرك أنه مريض ويرفض تناول الدواء ويصعب علاجه في المنزل والمريض المحال من السجن أو المحكمة أو الذي قام بجناية أو جرم حيث يعرض على لجنة طبية اختصاصية وفي حال قررت أنه مريض يشكل خطراً على نفسه والسلامة العامة وأنه غير مسؤول عن الجرم الذي قام به بسبب مرضه النفسي يحكم القاضي بوضعه في مأوى احترازي لحين الشفاء فيقبل حتى يشفى ويصبح مدركاً لمرضه وتزول الخطورة منه.
وإضافة لهذه المعايير هناك حالات مثل العته الشيخي أو الخرف أو التخلف العقلي فيتشردون في الشوارع ويقومون بأفعال غير طبيعية كخلع الملابس أو التعري ويحالون إلى المشفى من قبل الشرطة وتقدم لهم الرعاية الطبية والنفسية لحين الشفاء يخرج المريض تحت رعاية ذويه وهناك حالة نادرة أيضاً كأن يدعي شخص إنه متخلف عقلياً ويأتي عن طريق الشرطة ويدعي المرض وهو سليم وهنا يبرز دور المحامي ليخليه من الجريمة وحالات تكون في موقع شك حيث لا يتم التأكد من أن الشخص مريض أو سليم وعندها يقبل المريض لعدة أيام ويترك دون علاج للمشاهدة والمراقبة اليومية لسلوكه وتصرفاته وطعامه وعنايته بنفسه ونومه ثم يعرض مرة أخرى على لجنة القبول نفسها المؤلفة من ثلاثة أطباء نفسيين وإذا تبين أنه غير مريض يتم تخريجه وتسليمه لذويه أو الجهة التي أحالته للمشفى كالنيابة مثلاً.
لفت مدير المشفى إلى وجود تعليمات إدارية قديمة موروثة عند البعض وهي ليست قانوناً وتحدث ارباكات كثيرة في العمل , وكإدارة مشفى هناك حاجة مستمرة إلى تحديث وتطوير القوانين, فالقانون على سبيل المثال لا الحصر لا يسمح بإخراج المريض النفسي من المشفى إلا عن طريق ذويه سواء أدخلته النيابة أو الأهل أو الشرطة, ورغم ذلك فإن كثيراً من الأهالي يتركون مرضاهم دون معرفة أي شيء عنهم رغم المراسلات العديدة لهم والجواب الدائم أن العنوان خاطئ, فأقدمنا على خطوة جديدة والقول للدكتور شعبو أصبحنا نحن من يوصل المريض إلى أهله عن طريق كادر المشفى, وغالباً ما يهاجم هذا الكادر من قبل الأهل لأنهم لايريدون مريضهم, ويقولون بإنه حتى لو مات ( هم غير مسؤولين عنه) وبلغة الأرقام فإن نسبة 98% من الأهل يرفضون استقبال مرضاهم. وبين الدكتور شعبو أن هناك 7 مشاريع جديدة قيد الإنشاء تتناسب مع جميع حالات المرضى كإنشاء جناح يضم 200 سرير للنساء لأن البناء القديم وضعت الآثار يدها عليه, وآخر يضم 4 أجنحة حديثة للتطوير يتم إعادة بنائها من جديد والتي تعود لعام ,2004 ولدى المشفى أيضاً بناء قائم سيحول إلى بناء للخدمات الطبية( يتكامل مع الخدمات الموجودة حالياً من أشعة وفحوصات مختلفة, كما وتفكر الإدارة بإنشاء غرف عمليات بسيطة غير معقدة, مع تطوير مكونات المخبر وإدخال أدوات جديدة مثل جهاز تخطيط قلب ثلاثي وإحداث عيادة سنية جديدة, فيما الصيدلية تضم تغذية كاملة من كافة الأدوية النفسية والعضوية ولا يوجد نقص في أي شيء حسب تأكيد المعنيين, إضافة إلى تأمين سيارة إسعاف جديدة وشبكة حاسوب سهلت كثيراًفي المشفى.
لا نستطيع أبداً أن نتجاهل ضرورة الاهتمام بهكذا مشفى فجميع الحالات التي فيه أصبحت أمراً واقعاً ويجب أن يؤخذ على محمل الجدية من قبل الجهات المعنية.
فهل يعقل أنه منذ عام 1920 وحتى الآن لا يوجد سوى مشفيين للأمراض النفسية في حلب ودمشق, علماً أن الجميع مدرك بأن حالات المرضى النفسية تتزايد عاماً بعد عام وما يترتب على ذلك من ضغوطات في العمل, مع الأخذ بعين الاعتبار أنه كلما قلت حالات المرضى وزاد الإشراف عليها من المنطقي أن تكون النتائج أفضل وأقل ضغطاً على العاملين.
نقطة أخرى لابد من التأكيد عليها هو تغيير النظرة ا لسلبية لهكذا مشاف (مرضى وعاملون) فإذا كان الأطباء أنفسهم ينظرون بدونية للعمل في هذا المجال فلاعتب إذا على الآخرين, لذلك نؤكد على ضرورة نشر المزيد من الوعي لهذا الجانب سواء عبر تعاون جهات مختلفة في مقدمتها الاعلام - الاسرة- المدرسة - الجامعة- ا لجمعيات الأهلية والوزارات المعنية وغيرها الكثير الكثير وخاصة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بأن تتولى مهمة الإشراف على شريحة الأطفال المتخلفين عقلياً في معاهدها المختصة بذلك.
***
لقطات
أقدم وثيقة وجدت في المشفى تعود لعام ,1920 وأحدث بناء موجود في هذا المكان يعود لعام 1945?!
المريض النفسي أشبه بمريض السكري والقلب والضغط طالما يأخذ دواءه بانتظام.
طلبت إدارة المشفى تنسيق العمل مع وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والأوقاف واتحاد نقابات العمال لدعم علاج هؤلاء الناس بالمشفى الذي أصبح مأواهم الأساسي.
أكد الدكتور شعبو أن الإعلام أثر سلباً على أداء المشفى لدرجة أن أكثر من 20 موظفاً غالبيتهم من النساء تم إجبارهن على ترك العمل بالمشفى.
ردات فعل غاضبة وكبيرة تصدر عن ا لمرضى نتيجة عدم وفاء الأهل بموعد الزيارات لهم.
يجرب المشفى مسابقات لاستقدام أطباء وغيرهم, ولا أحد يقبل تحسباً من أي وصمة عار تلحق بمن يعمل بالمشفى.
أحد المرضى في المشفى ومن عائلة مقتدرة مادياً وصل إلى مرحلة علاجية متقدمة اشترى له أهله منزلاً في حي المالكي ومع ذلك لم يمكث فيه سوى فترة قصيرة ليعود أدراجه إلى المشفى ويبقى فيه لا يغادره إلا زيارات قصيرة.
يتعرض بعض المرضى لحالات من الابتزاز من قبل بعض المستخدمين كأن يوهم أحدهم المريض بأن يخبر أهله عندما يأتون إليه بأنه يشتري له كل ما يطلب لابتزازهم مادياً.
إحدى المريضات يبدو أنها أعجبت بالزميل المصور فظلت تلاحقه وتطلب تصويرها وعند الخروج قالت له: شوما بدك تصورني.. مبين إنك بتغار عليّ...?!
بدا واضحاً أن مدير المشفى متأثراً كثيراً بما يراه في الدول الأوروبية بما يخص ا لمرضى العقليين لدرجة أن عبارة كما في ا لدول الأوروبية بقيت ملازمة لحديثه..?!
تحقيق ـ غصون سليمان - مريم ابراهيم
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد