مفتي مصر يسقط حق الردة
فتحت أمس تصريحات منسوبة الى مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة في شأن حرية العقيدة في الاسلام وحق المسلم في تغيير دينه، ثغرة في جدار التزمت والتعصب الذي ارتفع بناؤه مدى العقود الثلاثة الاخيرة وتجلت أسوأ آثاره في سلسلة الازمات والاحتقانات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين المصريين.
ونقل بعض الصحف المصرية امس، عن منتدى مشترك تنظمه على شبكة المعلومات الدولية "الانترنت" صحيفة "الواشنطن بوست" ومجلة "نيوزويك" الاميركيتان، بالتعاون مع جامعة جورج تاون ويحمل أسم "المسلمون يتكلمون"، مقاطع من مقال كتبه الدكتور جمعة وبثه المنتدى الاحد الماضي، أكد فيها صراحة ان الانسان المسلم يمكنه اختيار دين آخر غير الاسلام وان ذلك أمر يتعلق بـ"الضمير". وقال ان "السؤال الجوهري امامنا هو هل يمكن الشخص المسلم اختيار دين آخر غير الاسلام؟ والاجابة نعم". واستشهد بآيات من القرآن مثل "لكم دينكم ولي دين"، و"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، و"لا اكراه في الدين". واضاف ان "هذه الآيات تشير الى احدى الحريات التي منحها الله للناس كافة وهي حرية العقيدة".
وشدد على ان الاسلام لم يقرر أي عقوبة "دنيوية" على المسلم الذي يترك الاسلام ويغيّر عقيدته الى عقيدة اخرى، لكنه اعتبر ان "تخلي المسلم عن دينه إثم يعاقب عليه الله يوم القيامة ولا يتم التعامل معه في الحياة الدنيا... انها مسألة ضمير وهو أمر يبقى محصوراً بين المرء وربه".
وبدا مفتي الديار المصرية في موضع آخر من المقال كأنه يميز بين حرية الدين والعقيدة التي لا يحق "للمجتمع ولا الدولة" التدخل فيها، و"الردة" التي أشار ضمنا الى انها مفهوم سياسي ينطبق فقط على "من لا يكتفي بحقه في رفض الايمان" وانما يسعى الى "تقويض أسس المجتمع"، وفي هذه الحال يحق لمؤسسة القضاء ان تحاكمه.
ويكتسب هذا الموقف النادر من احد قطبي المؤسسة الدينية الرسمية في مصر (الازهر ودار الافتاء) اهمية مزدوجة، فهو من جانب يعد "تطوراً نوعياً" في الخطاب الديني المتشنج الذي عبأ أجواء المجتمع المصري في العقود الاخيرة، ومن جانب آخر يعد بمثابة "فتوى للرحمة"، اذ تحدث تغييراً جوهريا في المعطيات التي صنعت احدث واخطر الازمات الطائفية في البلاد وهي الأزمة الناجمة عن رفض وزارة الداخلية المصرية تعديل خانة الديانة في بطاقات هوية آلاف من المواطنين المسيحيين الذين سبق لهم ان اشهروا اسلامهم ثم عادوا الى ديانتهم الاصلية.
جمال فهمي
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد