مناورات روسية متزامنة مع مناورات الأطلسي
دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، إلى ضرورة السعي لوقف إطلاق النار بين القوات الحكومية والانفصاليين في أوكرانيا، وبدء محادثات بشأن مستقبل البلاد. وتأتي دعوة لافروف في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية أن موسكو تجري مناورات عسكرية في منطقة كالينينغراد الواقعة في أوروبا، «شبيهة» بتلك التي يجريها حلف شمالي الأطلسي على حدودها مع دول البلطيق.
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع مع نظيريه الألماني والبولندي: «إننا مقتنعون، ويتفق شركاؤنا مع وجهة النظر تلك، على حدّ علمي، على أنه بصرف النظر عن التفسيرات المختلفة للأحداث المختلفة، التي حدثت خلال الأزمة الأوكرانية، لا مناص اليوم من التركيز على الوقف الفوري غير المشروط لإطلاق النار وبدء حوار».
من جهته، رأى وزير الخارجية الألماني فرانك ــ فالتر شتاينماير أن كل الأطراف الأوكرانية باتت «مستعدة» للتحرك من أجل وقف التصعيد. وقال شتاينماير: «لاحظت أن كل الأطراف مستعدة للتحرك من أجل وقف تصعيد الأزمة في أوكرانيا»، مستدركاً في الوقت ذاته: «لا أقول إننا توصلنا إلى حلّ للأزمة، لكنّ أجواءً جديدة حلّت محل التصعيد».
في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إجراء مناورات عسكرية في منطقة كالينينغراد الواقعة في أوروبا، «شبيهة» بتلك التي يجريها حلف شمالي الأطلسي على حدودها مع دول البلطيق. وكالينينغراد مدينة روسية معزولة تماماً عن الأراضي الروسية وتقع بين بولندا وليتوانيا.
وأوضحت الوزارة في بيان أن «عدد المشاركين في المناورات في منطقة كالينينغراد والقوات والوسائل المستخدمة من قبل وزارة الدفاع مماثلة لعدد الأشخاص والأسلحة والتجهيزات العسكرية المشاركة في التدريبات الحدودية التي تجريها دول الحلف الأطلسي». وأضافت أن المناورات الروسية تجري «بالتزامن» مع التدريبات البحرية المتعددة الأطراف «بالتوبس» والبرية «سابر سترايك»، التي ينظمها سنوياً منذ عام 2010 الحلف الأطلسي في دول البلطيق.
ويشارك حوالى 4700 جندي و800 آلية بريطانية وكندية وأميركية وفنلندية وبولندية في مناورات الحلف التي تساهم فيها عشر دول أعضاء، وبدأت الاثنين في لاتفيا ويفترض أن تختتم في 20 حزيران في ليتوانيا المجاورة.
في هذا الوقت، أمر الرئيس الأوكراني الجديد بترو بوروشنكو بإقامة ممرات إنسانية في الشرق الانفصالي، يمكن أن تؤدي إلى تطبيق خطته الهادفة إلى إنهاء قرابة شهرين من القتال بحلول نهاية الأسبوع، في مبادرة لاقت ترحيباً روسياً.
وقال مكتب بوروشنكو، في بيان، «من أجل تجنّب سقوط ضحايا جدد في منطقة عملية مكافحة الإرهاب، أمر الرئيس الوزراء المعنيين بتأمين كل الظروف اللازمة للمدنيين الراغبين في المغادرة».
وطلب الرئيس الجديد أيضاً من حكومته تأمين وسائل نقل وإمدادات أغذية ومواد طبية للمسؤولين المحليين، لكي يتمكنوا من مواجهة تدفق النازحين في أقسام أخرى من أوكرانيا.
ومبادرة بوروشنكو المدعوم من الغرب تلبّي طلباً أساسياً قدمته موسكو، وتساهم في تبديد القلق لدى المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان إزاء استخدام كييف الدبابات وسلاح الجو في مناطق ذات كثافة سكانية من أجل قمع الانفصاليين الموالين لروسيا. وفي هذا الإطار، رحّب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقرار الرئيس الأوكراني، معتبراً أنها «خطوة في الاتجاه الصحيح». وأضاف أن موسكو مستعدة لدعم أي قرار يؤدي إلى حلّ سلمي للأزمة.
وأكد لافروف أنه «مهما كانت التفسيرات المختلفة للأحداث، فمن الضروري اليوم التركيز على الوقف غير المشروط لحمام الدم وبدء حوار يشمل كل المناطق» في أوكرانيا.
إلى ذلك، انتهت محادثات استمرت ثماني ساعات بين روسيا وأوكرانيا والمفوضية الأوروبية، من دون اتفاق على حل خلاف بشأن أسعار الغاز، ما أثار مخاوف من توقف الإمدادات.
وقال مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي غانتر أوتينغر: «لدينا بعض الأسئلة المفتوحة وبعض المواقف المتباينة والخلافات المُستمرة في المواقف، لكننا اتفقنا على مواصلة المفاوضات غداً».
وفي السياق، قال وزير الطاقة الأوكراني يوري برودان إن المحادثات التي تتوسط فيها المفوضية الأوروبية في بروكسل تعثرت بسبب اقتراح روسي بوضع آلية تسعير تربط الأسعار المنخفضة بالجمارك على الصادرات، مضيفاً أنه «للأسف لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق اليوم. لم نجد حلاً في ما يتعلق بآلية التسعير».
من جهته، أشار وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إلى أنه قدّم اقتراحاً بنّاءً. وقال إن «الجانب الروسي ملتزم بالاتفاقات التي تم التوصل إليها بالفعل»، موضحاً أن الجانب الروسي اقترح «اليوم خطة بنّاءة للغاية نعتقد أن جميع الأطراف المعنية يمكن ويتعين أن تقبلها. سنواصل مشاوراتنا. اليوم أجرينا مشاورات طويلة وسنستكملها غداً».
وكانت روسيا هدّدت بقطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا، أمس، ما ستكون له تداعيات على الإمدادات للاتحاد الأوروبي.
ولكنّ متحدثاً باسم «غازبروم»، أكبر منتج روسي للغاز الطبيعي، أكد أن إمدادات الغاز المتجهة إلى الاتحاد الأوروبي مستقرة، وأن لا معلومات لديه عن قطع محتمل. وقال مصدر في غازبروم إن روسيا تمدّ أوكرانيا بكميات الغاز المعتادة.
ميدانياً، فإن الحملة التي تشنّها القوات الحكومية في شرق البلاد ازدادت حدة منذ انتخاب بوروشنكو رئيساً في الخامس والعشرين من أيار. وقال متحدث عسكري إن جنديين أوكرانيين أصيبا بجروح في القتال حول سلافيانسك.
كذلك هاجم انفصاليون مطار لوغانسك شرق أوكرانيا، الذي تسيطر عليه القوات الموالية لكييف، وفق ما أعلن مصدر عسكري أوكراني.
من جهة أخرى، أعلنت اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب (إف.إس.بي.) أن روسيا أحبطت «هجمات إرهابية كبيرة» كانت ستقع خلال احتفالات النصر في الحرب العالمية الثانية، الشهر الماضي، في موسكو وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في الآونة الأخيرة.
في سياق آخر، بدأت مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان تطرح تساؤلات حول استخدام القوات الأوكرانية المتزايد للمدفعية في سلافيانسك وبلدات مجاورة لها. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في رسالة وجهتها إلى بوروشنكو، أن «السلوك الإجرامي للمتمردين لا يعفي القوات الأوكرانية من التزاماتها بالتحرك بشكل يتوافق مع القانون الدولي، في إطار عملياتها العسكرية لفرض القانون».
من جهته، قال مسؤول بارز في «جمهورية دونيتسك» المعلنة من جانب واحد، يدعى اندريه بورغين، إن مستوى أعمال العنف يجعله يشكك في صدق مقترحات بوروشنكو.
المصدر: الأخبار+ وكالات
إضافة تعليق جديد