مهرجان «أرسم حلمي التشكيلي الخامس» يُظهر قيماً جمالية وموضوعات تحاكي الواقع
مهرجان «أرسم حلمي التشكيلي الخامس» لم يكن تكراراً فقط لما انتهجه القائمون على هذا المهرجان في إرساء قيم الفن الجميل، من خلال المعرض التشكيلي والتصوير الزيتي والأعمال اليدوية، والمحاضرات الثقافية والفنية، والورشات التي أقيمت مجاناً للأطفال ضمن أيام المهرجان الخمسة مؤخراً في دار الأسد للثقافة والفنون في اللاذقية، ما أضفى على هذا المهرجان جمالية اشتغال القائمين عليه هذا العام بطريقة تجددية وتشاركية بإدخالهم على فعالياته الأساسية عرض اسكتشات مسرحية لأطفال جمعية (أرسم حلمي)، بإشراف الفنانة المسرحية ريم نبيعة، وعروضاً راقصة لأطفال مدرسة الرقص الأولى في اللاذقية (نرقص لنحيا) بإشراف الفنان سامي نصير، وإذا ما انتقلنا للناحية الفنية لمستوى المعارض (التشكيلي والتصوير الضوئي والأعمال اليدوية) فإن المتابع للدورات السابقة لهذا المهرجان يرى تطوراً كبيراً طرأ على الجوانب الفنية للوحات المعروضة، وخاصة لوحات المراحل العمرية الصغيرة واليافعين، التي شملت موضوعات متنوعة أبرزها موضوعات ذاتية تسلط الضوء على انفعالات واهتمامات الأطفال، وتعطي صورة عن حياتهم وهواجسهم، لتتبلور الحالة الفنية بشكل أكثر واقعية لدى فئتي اليافعين والشباب، التي تمحورت موضوعاتهم حول محاكاة الواقع عبر الطبيعة الصامتة والبورتريه والمشهد الطبيعي، باستخدام تقنية المائي والباستيل الزيتي، والإكريليك والألوان الزيتية.
ومن أجمل الحالات التي مرت في هذا المهرجان ذاك التفاعل المباشر ما بين أطفال الجمعية والأطفال وذويهم الذين ارتادوا المهرجان مع الفريق التطوعي للجمعية المشرف على الورشات، التي شكلت لوحة فسيفسائية ضمت تلك البراعم مع بعضها بشكل متناغم ومتآلف ومحب، ظهر في تعبيرهم بالرسم عن الحب للآخر وللوطن بعفوية الطفولة البريئة، في ورشة عمل للأطفال (لوحة جماعية) بإشراف فريق الجمعية، وفي ورشة (ألعاب تفاعلية) بإشراف عمران سليمان وضرار درغام، وكذلك في ورشة (موتيفات ماتيس) بإشراف إيمي سليمان، التي تم من خلالها التعرف على هذا الفنان العالمي والمشاركة في تشكيل لوحة من «موتيفات» الفنان المعروفة، لكن بطريقة خاصة بكل طفل، وكان التفاعل الأكبر في ورشة (حكاية يم يم) بإشراف محار مهنا،التي ركزت فيها على أن نحب بعضنا ونتقبل الشخص المختلف عنا بالمظهر، عبر ذاك الطفل الأسمر المختلف عنهم بالشكل والبيئة واللون، وقد كان للعمل اليدوي التراثي حضوره بتقديم أعمال يدوية متنوعة مبتكرة، من قبل مجموعة من الجمعيات الأهلية.
وقد أغنت المهرجان محاضرات ثقافية وفنية ركزت على فنون الأطفال وأهميتها، ودورها في تنمية شخصية الطفل من النواحي النفسية والاجتماعية والانفعالية، حيث قدم الدكتور فواز الأزكي محاضرة بعنوان (القادم الأجمل) عبر الحديث عن بداية الإنسان وتوثيقه تاريخ الأرض عبر الرسوم، في حين ركز شوقي غانم في محاضرته (فهم حالة الطفل من خلال رسومه) على دراسة نفسية الطفل ومشكلاته من خلال لوحاته، مع ذكر مجموعة من الروائز مثل رسم الرجل والأسرة، أما صبحي سرديني فأكد في محاضرته (التربية ودور الأسرة في توجيه موهبة الطفل) على أهمية السنوات السبع الأولى من حياة الطفل ومستقبله. أما الفنانة التشكيلية عدوية ديوب فتحدثت في محاضرتها (مدخل إلى رسوم الأطفال) عن المراحل العمرية من (٠ – ١٨) وخصائص كل مرحلة في مجال رسوم الأطفال.
لنرى تجلي التجديد من خلال التشاركية بين القائمين على المهرجان والفنون المسرحية من خلال عرض اسكتشات مسرحية، قدمت في ختام المهرجان، عبرت عن عبثية الإنسان بالغابة وقتله الحيوان، ومجموعة عروض راقصة قدمتها مدرسة الرقص الأولى في اللاذقية (نرقص لنحيا) وقد تفاعل الحضور مع هذين العرضين بشكل كبير، واختتم المهرجان بإعلان أسماء الفائزين بمسابقة الرسم والتصوير الضوئي من أصل ٦٧ مشاركاً ومشاركة، المحكّمة من قبل الفنانين التشكيليين (علي مقوص- وفاء جديد- أبي حاطوم) التي قدمت جوائزها المادية الستة عشر جائزة الدكتورة سناء مخلوف، للأطفال واليافعين والشباب، والجائزة الخاصة لأفضل متطوع في الجمعية.
وقالت رئيسة جمعية (أرسم حلمي) الفنية- الفنانة هيام سلمان: حاولنا في هذا المهرجان التجديد والتطوير من خلال ورشتي العمل التي قام فيها الأطفال بإشراف فريق الجمعية التطوعي قبل شهر من المهرجان حول الفنانين، الهولندي فنسنت فان كوخ، والروسي آندريه ريبوشكين، كان الهدف من هاتين الورشتين تسليط الضوء على البورتريه الخاص بالفنان فان كوخ، والزي الشعبي في أعمال ريبوشكين، وقيام الأطفال بالتعبير عن هذه اللوحات بطريقتهم الخاصة، وهذا الهدف الأساس وقد تم عرضها في جناح خاص بالمهرجان، والأمر الآخر الذي أضيف هذا العام التشاركية مع شخصيات فاعلة بمجال المسرح والرقص، لنغني المهرجان فنياً ولنتبادل الخبرات مع الجهات المشاركة. وذكر سامي نصير- مؤسس ومدرب ومدير مدرسة (نرقص لنحيا) أن مشاركتهم في مجموعة رقصات من العالم للتأكيد على أن سورية منفتحة على جميع ثقافات العالم، وهي البلد الأول الذي ابتدأ فيه الرقص منذ مملكة ماري، وأيضاً كانت مشاركتنا لزرع السرور على وجوه الأطفال والحضور، لذلك أسمينا المدرسة (نرقص لنحيا).
ونوهت الفنانة المسرحية ريم نبيعة بأن مشاركتهم ضرورة للتكامل بين جميع الفنون، ولتكتمل لوحة الفن عند مخيلة أطفالنا، عرضنا اسكتشات مسرحية أبطالها الأطفال أنفسهم، وهي تجربة أولى كعرض مسرحي متكامل مستوفي جميع شروط الفرجة المسرحية، قدمت مع /١٨/ طفلاً فكرة كيفية محاسبة الحيوان للإنسان على عبثه بالغابة والقتل الجائر للحيوانات، ولهذه التجربة مع جمعية (أرسم حلمي) الفنية هدف أساس هو تعزيز ثقافة المسرح عند أطفالنا، وجعلهم مشاركين حقيقيين في هذا المجال.
تشرين
إضافة تعليق جديد