مواطن سوري نموذجي

23-06-2006

مواطن سوري نموذجي

تطلع عبد الرزاق حمصي دائماً إلى اكتشاف الجانب الآخر من العالم, تبع السياح وتقرب منهم, سمع حكاياتهم ودخل إلى أعماقهم,

خبر ثقافتهم وميولهم, عاداتهم وتقاليدهم, وشيئاً فشيئاً ساقه شغفه هذا إلى مهنة الدليل السياحي الذي وجد فيها ضالته, فهو دائم الترحال تنتقل عيناه بين أمجاد الماضي وطموح الحاضر..‏

ترى ما المتعة التي أسرته وأستأثرت به في هذه المهنة, وماذا أضافت له, وكيف كان يرتقي بها حتى باتت كل حياته?. يجيب عبد الرزاق حمصي عن هذه الأسئلة وكثير غيرها في الحوار التالي: > لم مهنة الدليل حصراً?.‏

>> إنها مهنة ممتعة جداً,تحقق التواصل مع الثقافات الأخرى بمصادرها الكثيرة, وخاصة بالنسبة لي لأنني قليلاً ما أغادر سورية, ففي مهنتي أشعر أن البلاد جميعاً هي التي تزورني من خلال مرافقتي لمجموعات سياحية من جنسيات مختلفة, أشعر أنني أنتقل إلى عالمهم من خلال حواراتنا فكم من مرة وجدت نفسي أقف على جسر لندن وأخرى أزور القصر الملكي.. ومرات في الساحة الحمراء.. وأحياناً التقط صوراً قرب برج ايفل, أتبادل الأماكن مع الوفود فهم سيغرقون في أمجادنا العريقة من خلال زيارتهم للمواقع الأثرية, وأرحل بدوري إلى عالمهم الذي لا شك أيضاً يفخرون به..‏

> إلى أي حد استطاعت المرأة أن تنجح في هذا المجال?..‏

>> استطاعت بعض الزميلات بثقافتهن العالية إثبات جدارتهن وحسن قيادتهن للمجموعات السياحية, ولكن كثيرات منهن غادرن المهنة لأنها لم تتناسب مع وضعهن العائلي.. وخصوصاً أن الدليل قد يضطر للغياب عن المنزل لفترات تمتد إلى أسبوع أو أكثر.. وربما ما يناسب الفتاة أكثر أن تكون دليلة محلية تمارس عملها في موقع محدد أو قطاع معين كالمتاحف مثلاً ..‏

> هل أنصفت مهنة الدليل السياحي في بلادنا?‏

>> رغم ما يتعرض له الدليل السياحي من معوقات مازال هناك تجاهل لقيمة ما يقوم به, فهو يعمل يومياً لأكثر من 12 ساعة تتجاوز فيها ساعات الشرح سبع ساعات وهذا بحد ذاته شاق جداً, ويتطلب مهارات من حيث اللياقة البدنية, واللغة والمعلومات والديناميكية, لأنه يعد بحق سفيراً لبلاده, فهو بخبرته وثقافته يستطيع أن يحول المجموعات السياحية إلى أصدقاء لسورية ورسل لبلادهم, يجلون الحقائق, ويقدمون الصورة الناصعة لبلادنا لذا أتمنى الاهتمام أكثر بهذه المهنة التي أعتقد أنها رسالة سامية قبل أن تكون مهنة..‏

> ما المعوقات التي تعترض عمل الأدلاء السياحيين?‏

>> عدم توفر إقامة لائقة للدليل أثناء أدائه لعمله ما ينعكس سلباً على عمله, وحين يبذل قصارى جهده لإنجاح المجموعات السياحية يقابله المعنيون باللامبالاة, وعدم الاهتمام, وهذا برأيي يعود لسوء فهم طبيعة وقيمة هذه المهنة.‏

> وصلنا أنك تعمل مع مجموعات عالية الأهمية, ما وجه الخلاف بينها وبين المجموعات الأخرى?‏

>> تضم هذه المجموعات أفراداً من أصحاب القرار في بلادهم لذا أسعى من خلالهم إلى تغيير وجهة نظرهم تجاه سورية لأغير من قراراتهم وقناعاتهم تجاهنا, خصوصاً تجاه ما تتعرض له سورية من ضغوط كبيرة, وأعتقد هنا يكمن دور الدليل في تغيير وجهات نظر بعض الناس ممن هم أصحاب قرار في بلادهم, وقد كان عام 2005 صعباً جداً, ولكن سورية كان قوية بأبنائها..‏

> ما المواقف التي تركت أثراً إيجابياً خلال مهنتك?‏

>> رافقت إعلاميين من مختلف الجنسيات وكنت شديد التأثر حين أقرأ ما يكتبون عن حضارة سورية وروعتها أو يبثون برامج تلفزيونية يصورون فيها واقع وحقيقة سورية ويدحضون ما يحاول الإعلام الأميركي بثه من تشويه وإساءة لبلادنا.. ما يمنحني شعوراً بالسعادة والفخر, وأن رسالتي وصلت بسلام..‏

> من خلال استطلاعك عام 2004 مع السياح من جنسيات عديدة, ما أبرز دوافعهم للزيارة?‏

>> يلعب المغتربون الدور الأبرز في الترويج للسياحة في بلادنا فأغلب من زاروا سورية جاؤوا بناء على تشجيع من صديق سوري الأصل (مغترب), وكان لمعرض الآثار السوري المتنقل حول العالم الأثر الكبير في الترويج لسورية(حبذا لو يتكرر).. إضافة للحضور القوي للسيد الرئيس والسيدة عقيلته خلال زيارتهم لبعض الدول فقد قدموا سورية بشكل حضاري وتلقائي ما دفع العديد من السياح لزيارة سورية, ولا يمكن تجاهل دور الكتابات الصحفية والبرامج التلفزيونية التي عرضت في العديد من الدول وتحكي عراقة سورية وأمجادها والأنشطة الثقافية السورية كعروض لفرقة السمفونية السورية, المعارض, الصناعات التقليدية, اللوحات, المحاضرات, كلها عوامل شجعت السياح للتعرف عن قرب على تاريخ أمة عريقة شامخة.. ولكن الأطرف في الأمر كان صدور كتاب في لندن يحكي عن السيدة (جين ديكبي) المستشرقة البريطانية التي جاءت إلى سورية عام 1850 وتوفيت فيها عام ,1881 يصف هذا الكتاب سحر وجمال سورية اللذين حملا هذه السيدة لتقيم في سورية وتتزوج من سوري- هذا الكتاب دفع الكثير من السياح وخصوصاً السيدات البريطانيات لزيارة سورية ليكتشفوا سحر وجمال سورية بأنفسهن..‏

> هل كونت صداقات مع بعض السياح?‏

>> لدي مجموعة كبيرة من الأصدقاء وأنا دائم الاتصال بهم ويعملون بدورهم للترويج لبلادنا من خلال إنشاء مواقع على الانترنت ومن خلال وسائل الإعلام ولدي الآن ناد لعشاق سورية..‏

> إلام تطمح?‏

>> لدي هواية جمع الوثائق التي تتعلق بالآثار والسياحة في سورية وأملك مجموعة ضخمة منها تتجاوز 30 ألف وثيقة ما بين صورة ونشرة وكتاب, مما كتب عن سورية من عشرينات القرن الماضي حتى اليوم..‏

أسعى إلى إعادة نشرها ضمن كتاب أو كتب وإنشاء معرض خاص بها..‏

 

فاتن دعبول

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...