نعوة باسم جيش العزّة !
عبدالله علي : جيش العزّة بوجوده وهيكليته ورمزيته، يتمرّغ هذه الأيام في وحلِ خياراتٍ كلُّ واحدةٍ منها أشدّ قسوةً وذلاً من الأخرى. فمن فصيلٍ بُذلت الكثير من الجهود لتعويمه وتطويبه عنواناً للجيش الحرّ ، إلى شريدٍ محاصرٍ في بقعةٍ ضيقةٍ لا تتجاوز حدود ريف حماة الشمالي.
الطموحات الشخصية لقادته وألاعيب الاستخبارات الاقليمية والدولية، أقحمت جيش العزّة في غمار اختباراتٍ كثيرةٍ. كانت تتجاذبه فيها تناقضاتُ المصالح وسوءُ فهم الواقع. فمن الابن المدلل لغرفة عمليات الموك في 2015 حيث تنعّمَ بصواريخ تاو أميركية الصنع التي لا تعطى إلا لفصيل موثوق، إلى مغضوبٍ عليه ومحروم من التمويل والتسليح في 2017 بعد أن حرفت أنقرة بوصلتها ودخلت شريكاً في مسار أستانا مع الروسي والايراني.
وعند تشكيل "الجبهة الوطنية للتحرير" بدعم تركي واضح، تضافرت العديدُ من العوامل التي منعت جيش العزة من ركوب الموجة واستعادة رضا أنقرة. أولاً بسبب الأمية السياسية لقادته وعدم تقديرهم مدى صعوبة تحدي قطار أستانا. وثانياً لأن خطوط إمدادهم تمر عبر مناطق هيئة تحرير الشام فلم يكن بوسعهم اتخاذ قرار الانضمام إلى نادي أستانا حتى لو أرادوا.
لكن جيش العزّة لم يكتف بذلك، بل تحول تدريجياً إلى حليف مخلصٍ لجبهة النصرة المصنفة على قوائم الارهاب. خاض معاركها بشراسة ضد الجيش السوري، ومدّعياً الحياد عندما يكون المستهدف فصيلاً آخر حتى لو كان من فصائل الجيش الحر.
وكانت الخطيئة التي لا تغتفر التي ارتكبها جميل صالح قائد جيش العزة أنّه دشّن حركة التمرد ضد اتفاق سوتشي، معلناً رفضه تسيير الدوريات الروسية في مناطق سيطرته. موقف كان لا بدّ أن يلقى ردّاً روسياً في يوم ما، لكنه أيضاً أثار حنق أنقرة التي لم يعجبها خروج أحد من عباءتها على العلن متحدياً اتفاقاتها الدولية، أما الجيش السوري فكان يحضر صفعةً قوية لكل ابن عاق قرر الانشقاق عنه.
اليوم بعد تطويق معاقله في ريف حماة الشمالي، تضيق الخيارات أمام جيش العزّة. والموجود منها أمامه إما مهين أو قاتل. هو يدرك أن بقاءه مرهون ببقاء نقطة المراقبة التركية في مورك، وبالتالي سيكون مضطراً للدخول في العباءة التركية بشروط استانا وتحت سقف اتفاق سوتشي كي يضمن مصير قادته وعناصره في المستقبل القريب العاجل. وإذا رفض أن يكون مثل فصائل درع الفرات وغصن الزيتون، فلن يكون أغلى على أنقرة من فصائل أخرى تم الاستغناء عنها لأنها لم تعد تخدم السياسة التركية.
وبعد فوات أوان المصالحة والتسوية مع الجيش السوري، يبقى طريق آخر أمام جيش العزة هو الاستسلام .. احتمال بعيد الحدوث لكنه يظل وراداً قياساً على بعض التجارب السابقة في القلمون والجنوب السوري.
لكن ومهما يكن ... فمن المؤكد أن تحرير خان شيخون لن يختم بالشمع الأحمر على مقار ومعاقل جيش العزة فحسب.. بل سيضع وجوده وفاعليته على المحكّ .. وربما يقذف به إلى غياهب النسيان.
إضافة تعليق جديد