واشنطن بين ناري حليفيها التركي والكردي
الجمل ـ بقلم:Howard La Franchi ـ ترجمة:وصال صالح: تبدو تركيا من خلال غزوها للشمال السوري، في الأيام الأخيرة، وكأنها تضغط على تنظيم داعش الذي بات يُشكل عبئاً ثقيلاً عليها بسبب قيامه بالعديد من عمليات التفجير على أراضيها، ومن جهة أخرى هي ترمي إلى توجيه رسائل إنذار وتهديد للأكراد السوريين ، وهذا ما جعل الولايات المتحدة بين فكي كماشة أو بين نارين، في الحقيقة ردة فعل واشنطن تكشف عن أولوياتها في المنطقة في قسم كبير من الحرب الدائرة في سورية ، وهي كانت تعتقد بأن أمورها تسيرعلى ما يرام في الخط الذي رسمته في تعاملها مع كل من تركيا والأكراد السوريين، بالنسبة للولايات المتحدة، تركيا تشكل مصدر إزعاج ومشاكل للولايات المتحدة الأميركية، لكنها حليف حاسم للناتو وجسراً بين أوروبا والشرق، الأكراد السوريون أثبتوا أنهم قوة فاعلة على الأرض في قتال تنظيم داعش داخل الأراضي السورية، لكن تركيا تخشاهم..
هذا الأسبوع كان على الولايات المتحدة أن تختار، لكن القرار لم يكن حتى قريباً، لذلك أوفدت نائب الرئيس جو بايدن على جناح السرعة إلى تركيا يوم الأربعاء لطمأنة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن دعمها الذي لا يتجزأ له، ويشمل تقديم الدعم للتوغل التركي في الأراضي السورية.
هدف تركيا "الظاهري" هو هزيمة الإرهابيين الذين تتهمهم بتنفيذ هجمات في الداخل التركي، لكن أيضاً لتجنب أي محاولة من جانب الأكراد السوريين لتثبيت علمهم على طول الحدود، الولايات المتحدة لن تتسامح مع اي محاولة لعرقلة تقدم الأكراد ضد داعش من أجل إقامة كيانهم الكردي على طول الحدود السورية-التركية، ويبدو أن الرسالة قد وصلت لمقاتلي الميليشيات الكردية YPG المدعومة من الولايات المتحدة وفي اعتراف ضمني بنفوذ الولايات المتحدة انسحب الاكراد السوريين يوم الخميس مرة أخرى، من الأرض على طول الحدود التي كانوا قد استولوا عليها من داعش والتي كانت تشكل مصدر قلق خاصة لتركيا.، التي تشعربالتوجس والخوف بسبب العلاقات التي تربط YPG مع حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، وطالبت الأكراد السوريين يوم الخميس، بالانسحاب إلى مكان أبعد إلى الشرق من نهر الفرات.
أكبر قلق يعتري العلاقات الأميركية- التركية
يقول محللون إقليميون "التوازن الذي حاول بايدن خلقه هذا الأسبوع لا يعكس فقط مخاوف الولايات المتحدة من تداعيات المعركة ضد داعش، وإنما مخاوف أوسع نطاقاً بشأن اتجاه العلاقات مع تركيا والتوجه الجيوسياسي الطويل المدى" ويقول محلل "لا أعلم كم هو عدد أجراس الإنذار التي قُرعت في البيت الأبيض، وسواء كانت واحدة أو اثنتان أو ثلاثة أو أربعة فقط، لكن من الواضح أنهم يدركون الآن أن العلاقة حرجة للغاية لعقيدة أمن الولايات المتحدة على مدى السنوات ال70 الماضية هي في ورطة" قال جون هانا وهو نائب مستشار الأمن القومي السابق في إدارة جورج دبليو بوش، والآن مستشار بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن وأضاف "لدينا مصلحة عميقة في استقرار العلاقة ووضع حجرالأساس لها " وأضاف المحلل " وهذا ما تمحورت عليه عملية بايدن الانقاذية".
تجدر الإشارة إلى أن علاقات الولايات المتحدة مع تركيا شهدت توتراً بسب رفض تركيا المشاركة بشكل كامل مع قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، واستغرق الأمر شهراً من الضغط الدبلوماسي المكثف من الولايات المتحدة على تركيا، العام الماضي، لتسمح الأخيرة للولايات المتحدة باستخدام الناتو لقاعدة إنجرليك الجوية في جنوب تركيا لشن غارات جوية ضد داعش في سورية، لكن العلاقات المتصخرة غرقت في أعماق جديدة، في أعقاب محاولة الانقلاب ضد حكومة اردوغان في تموز، حيث كان هناك اتهامات تركية بدعم الولايات المتحدة لرجل الدين التركي -فتح االه غولن- الذي يعيش في منفاه الاختياري في ولاية بنسلفانيا –بتدبير الانقلاب-، لكن بايدن أكد على دعمه "للديمقراطية" التركية، وفي معرض تعليقاته العلنية، وفيما بدا أيضاً للتخفيف من مشاعر العداء للولايات المتحدة التي اجتاحت تركيا منذ الانقلاب الفاشل، وبدا بايدن مفرطاً في الثناء على الشعب التركي ودفاعه "البطولي"عن الديمقراطية في أعقاب الانقلاب.
يجب أن نرى،إلى أي مدى سيكون تأثير هذه الكلمات المهدئة في عكس شعور "السقوط الحر" للعلاقات الأميركية- التركية" يقول هانا "اردوغان هو شخصية صعبة ومعقدة و لديه أهداف في تركيا تتعارض تماماً وفي كثيرمن الحالات مع مصالح الولايات المتحدة ".
مستقبل غامض للأكراد السوريين
وهذا ما يجعل مستقبل الأكرادالسوريين غير واضح، لكن المحللين الإقليميين يتساءلون، إن كان حلم الشعب بقيام دولته قد تبدد، "لفترة من الوقت كانت الأمور هناك تسير بشكل رائع بالنسبة لهم، ولم يكتفوا بأن الولايات المتحدة تقف إلى جانبهم وإنما أيضاً روسيا وإيران مدتا لهم يد المساعدة كذلك " تقول آمبيرين زمان وهي صحفية تركية وزميل في السياسة العامة في برنامج أوروبا العالمية بمركز ويلسون في واشنطن، لكن الصحفية تلاحظ الآن أن تركيا لم تعد فقط تتحدث إلى الولايات المتحدة مرة ثانية، لكن أيضاً هي تصلح ذات البين مع روسيا وإيران أيضاً "وهذا يؤدي إلى عصرهم" وتقول السيدة زمان بأن الYPG ربما تجاوزت حدودها هذا الشهر خلال عمليتها الأخيرة " تركيا حصلت على ضمانات من الولايات المتحدة تتعلق بالعملية الأخيرة وانه حالما يتم [الاستيلاء على بلدة منبج الحدودية ذات الأهمية الاستراتيجية] بالكامل فإن الYPG سينسحبون منها لكنهم واصلوا تحركاتهم الاستفزازية نحو أقصى الشمال باتجاه تركيا" وأضافت " هذا أدى إلى وضع الولايات المتحدة في موقع الحليف الذي لا يستطيع الإيفاء بوعوده".
بالنسبة للأكرادالسوريين فإن الكثير منهم سوف يعتمدون الآن على خطوات تركيا القادمة "هل ستبقى تركيا في سورية لفترة طويلة؟" تتساءل السيدة زمان "مهما كان الأمر فإن المسألة الكردية ستظل شائكة للعلاقات الأميركية- التركية" وأضافت "بالنسبة لتركيا هي الآن مشكلة عابرة للحدود وعلاوة على ذلك لاتزال ال YPG رصيداً قيماً ضد كل من داعش والدولة السورية لذلك من غير المرجح أن تتخلى واشنطن عنهم تماماً".
ويرى هانا أنه "إذا تحول التوغل التركي إلى هجوم أوسع ضد الأكراد، فإنه سيستنفذ منهم القوة المقاتلة الحاسمة ضد داعش، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تجدد التوترات بالتأكيد في العلاقات التركية- الأميركية".
عن:csmonitor
الجمل
إضافة تعليق جديد