03-11-2017
45 كيلومتراً تفصل الجيش عن البوكمال
على خلاف التقلبات والخلافات التي يشهدها مسار«التسوية السياسية» عبر كمٍّ من مؤتمرات ومبادرات إعادة إنتاج الهياكل المعارِضة، تتحرك الأطراف في الميدان بتواتر ثابت. فالحرب ضد تنظيم «داعش» في الشرق ما زالت على أشدّها، بما يتخللها من تنافس يراعي خطوط التواصل الروسية ــ الأميركية، فيما تبدو منطقة «تخفيف التصعيد» في إدلب مرشحة بدورها لتشهد تصعيداً عند أطرافها الشرقية
بعد جولة المحادثات السابعة في أستانا، والتي قدّمت «مؤتمر سوتشي» الروسي إلى العلن، يبدو أن الأخير لن يلقى الزخم المرتقب، أقلّه خلال جولته الأولى. فقد خرج طيف واسع من المعارضة السياسية والعسكرية بتوافق على رفض حضور هذا المؤتمر، من باب التمسّك بشرعية «مسار التسوية الأممي» ضمن محادثات جنيف.
ويمكن فهم غياب ائتلاف القوى المدعومة من تركيا، المعترضة بدورها على دعوة قطاع واسع من التنظيمات الكردية في سوريا، وعلى رأسها «حزب الاتحاد الديموقراطي»، بينما يأتي غياب المكوّن المعارض المدعوم من السعودية، والممثل بـ«هيئة التفاوض العليا»، في جوّ من إعادة تنظيمها داخلياً، في ظلّ محاولة الرياض إنتاج وفد جديد مختلف عن التشكيلة السابقة.
المواقف المعارضة التي خرجت عن «هيئة التفاوض العليا» وفصائل «الجبهة الجنوبية» و«الائتلاف السوري» المعارض و«هيئة أركان الجيش الحر» و«وفد قوى الثورة العسكري» إلى أستانا، اجتمعت على أنّ المؤتمر الذي تعدّ له موسكو يُشكِّل «التفافاً» على محادثات جنيف والإرادة الدولية في الانتقال السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة.
ورغم هذه المقاطعة المبكرة، تبدو موسكو عازمة على إحياء هذا المسار، انطلاقاً من تجربتها السابقة في أستانا، والتي تمكنت خلالها من استقطاب المعارضة والقوى الإقليمية والدولية، وحتى الأمم المتحدة. وتراهن على قدرتها على تغيير الآراء حيال «مؤتمر الحوار الوطني» في سوتشي، خاصة مع احتمال كبير بحضور طيف واسع من الأكراد السوريين، الذين يشكلون ثقلاً خاصاً للمؤتمر. (بدا لافتاً أمس اعتراض باريس الخجول على المؤتمر، وطلبها إدراج تلك الجهود تحت المظلة الأممية).
على الصعيد الميداني، يتابع الجيش وحلفاؤه تقدمهم شرق «محطة T2» في بادية دير الزور الجنوبية الشرقية، وتمكنوا أمس من التقدم لمسافة تقارب خمسة كيلومترات، ليصبحوا على بعد يقارب 45 كيلومتراً عن أطراف مدينة البوكمال الحدودية. ولليوم الثاني على التوالي، نفذت ست قاذفات استراتيجية روسية من طراز «تو 22» قصفاً على مواقع التنظيم، على طول بلدات وادي الفرات بين الميادين والبوكمال. وفي موازاة التحرك شرقاً، يقترب الجيش بخطوات ثابتة نحو تحرير كامل مدينة دير الزور من يد تنظيم «داعش»، في ضوء تقدمه السريع داخل أحياء المدينة؛ فقد استعاد أمس السيطرة على أحياء الحميدية، والجبيلية، والعابد، والجمعيات.
وبعد ما يزيد على أسبوع على بدء تحرك عسكري جديد، انطلاقاً من ريف حماة الشمالي الشرقي، نحو أطراف ريف إدلب الجنوبي الغربي، في المنطقة المحاذية شمالاً للطريق بين السعن وإثريا، حرّك الجيش وحلفاؤه محوراً جديداً للعمليات في محيط جبل الحص، في ريف حلب الجنوبي. وتركز تحرك الجيش على ثلاثة محاور رئيسة: الأول من محيط بلدة الحاضر الجنوبي، والثاني من خطوط التماس جنوب السفير، فيما كان الثالث من غرب خناصر نحو أطراف جبل الحص الجنوبية. وتمكن الجيش، أمس، من استعادة السيطرة على ثلاث بلدات انطلاقاً من المحور الأخير، وهي حجارة كبيرة وحجارة صغيرة وجب عوض. وترافق تحرك الجيش المنسّق مع تصعيد مماثل على أطراف قرية المشيرفة في ريف حماة الشمالي.
ترسم خطوط تحرك الجيش المتناغمة جيباً جديداً، يمتد من ريف حماة الشمالي حتى أطراف الحاضر. ويبرز مطار أبو الضهور العسكري كنقطة تقاطع لكل تلك المحاور. وبدا لافتاً أن «هيئة تحرير الشام» التي تتمتع بنفوذ واسع على الجبهات المقابلة للجيش في تلك المناطق، حاولت إدخال عدد من الفصائل «المعتدلة» المدعومة من أنقرة معها، فيما يبدو أنه محاولة لإحباط تقدم الجيش وتقييده بقيود «تخفيف التصعيد» طبقاً لمضامين اتفاقات أستانا.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد