دمشق ودراما انقلاب الأصدقاء القدامى
.. وباتت سوريا في قلب العاصفة!
وحيدةً، تُركت دمشق في قلب "المعركة" بعد أن تخلّى عنها الأقربون والأبعدون، ولم يتبقّ لها سوى لبنان "الشقيق" وإن بصورة جزئية تخرقها المعطيات عن تهريب أسلحة ودعم لوجستي لمعارضيها.
بالأمس، زارها وزير خارجية لبنان عدنان منصور داعماً للقيادة في مسيرته الاصلاحية وللشعب في التزامه الثوابت. لكنّ زيارة الوزير "الحليف" وتطمينات الرئيس السوري له بأنّ سوريا ماضية بطريق الاصلاح بخطى ثابتة لم تكن كافية لتغطي على "انقلاب" حلفاء الأمس.
فتركيا، مثلاً، لم تعد تتحمّل إذ إنّ "صبرها قد نفذ" على حدّ تعبير رئيس حكومتها رجب طيب أردوغان، الذي أعلن أنه سيرسل وزير خارجيته إلى دمشق يوم الثلاثاء لنقل "رسائل حازمة"، لهجة لم ترق للقيادة السورية ودفعت المستشارة الرئاسية بثينة شعبان لتطمين الموفد التركي أنه إذا كان سينقل رسائل حازمة، فهو سيسمع كلاماً "أكثر حزماً".
ومع ساعات الفجر الأولى، بدا أنّ "صبر" آخرين قد "نفذ" ايضاً، إذ خرج الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز بخطاب وُصِف قبل بدئه بـ"التاريخي" وإذ به ينتهي بإعلان السعودية استدعاء سفيرها في دمشق "للتشاور"، في خطوة رسمت الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً لكونها تشكّل سابقة من نوعها إذ إنّ أميركا نفسها لم تبادر لمثلها حتى اللحظة.
صبر تركيا نفذ..
هكذا إذاً، حفلت الساعات القليلة الماضية بالمواقف التصعيدية ضدّ سوريا في ما بدا أنه "حملة منسّقة" بدءاً من تركيا، وصولاً إلى السعودية، مروراً بالجامعة العربية و، كالعادة، الادارة الأميركية.
ولم يفاجئ الموقف التركي "التصعيدي" المراقبين إذ بدا وكأنّ تركيا مهّدت له على امتداد المرحلة الماضية، قبل أن يخرج رئيس حكومة رجب طيب أردوغان ليقول أنّ "صبر تركيا قد بلغ لحظاته الأخيرة" ويعلن أنه سيوفد وزير خارجيته أحمد داود اوغلو إلى دمشق الثلاثاء لابلاغها موقفا حازما وليبني على نتائج زيارته الموقف التركي النهائي.
وإذا كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون سارعت لتلقف الخبر-البشرى ولتحمل داود أوغلو رسالة لسوريا تقضي بوجوب إعادة جنودها لثكناتها فوراً، فقد سبقتها المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان بالرد على اردوغان. وقالت شعبان "إذا كان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو قادما إلى سوريا لينقل رسالة حازمة فإنه سيسمع كلاما أكثر حزما بالنسبة للموقف التركي الذي لم يدن حتى الآن جرائم القتل الوحشية التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية المسلحة بحق المدنيين والعسكريين والشرطة".
السعودية على الخط...
ويبقى الموقف السعودي هو الموقف المفاجئ في سياق المواقف الصادرة على امتداد الساعات الماضية، وهو الذي أتى في أعقاب موقف مشابه لمجلس التعاون الخليجي ردّ عليه مصدر سوري رسمي منتقداً "تجاهله" جرائم الجماعات المسلحة.
هكذا، خرج الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز بخطاب مفاجئ بعيد منتصف الليل وصفته وسائل الاعلام المحسوبة عليه بـ"التاريخي" حتى قبل أن يلقي تحية السلام. وقد اعتبر الملك السعودي في هذا الخطاب أنّ "تداعيات الأحداث التي تمر بها الشقيقة سوريا (...) ليست من الدين ولا من القيم والأخلاق"، موضحاً أنّ "إراقة دماء الأبرياء لأي أسباب ومبررات كانت لن تجد لها مدخلاً مطمئناً يستطيع فيه العرب والمسلمون والعالم أجمع أن يروا من خلاله بارقة أمل إلا بتفعيل الحكمة لدى القيادة السورية، وتصديها لدورها التاريخي في مفترق طرق الله أعلم أين تودي إليه".
وإذ أكد الملك السعودي أن بلاده لا يمكن أن تقبل بما يحدث في سوريا ودعا القيادة السورية لتفعيل إصلاحات شاملة سريعة، أشار إلى أنّ مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن تختار بإرادتها الحكمة، أو تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع لا سمح الله. وختم الملك السعودي كلمته بإعلان استدعاء السفير السعودي في دمشق "للتشاور" حول الأحداث الجارية هناك.
وبانتظار صدور موقف سوري رسمي متوقع إزاء الكلمة، تولت صحيفة "الوطن" السوري إعطاء الانطباع الأولي "السلبي" منها، إذ اعتبرتها "أقرب إلى رسالة تهديد أميركية منها إلى رسالة أخوية تجاهل فيها خادم الحرمين حقيقة الأحداث والبراهين التي تثبت أن أشقاءه في سوريا يتعرضون لمؤامرة تتجاوز حدود الخطابات".
كلمة أخيرة...
هي سياسة المعايير المزدوجة التي لم يعد من الجائز السكوت عنها..
فسوريا قد لا تكون النموذج الأمثل للديمقراطية في المنطقة باعتراف الجميع، وقد تكون سوريا أحوج ما تكون إلى إصلاحات شاملة وسريعة، كما طلب الملك السعودي، تُشعِر المواطن السوري أنّ له الدور الأكبر في عملية صنع القرار في بلاده..
لكنّ السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه يبقى حول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية أفضل حالاً، هي التي لا تزال نساؤها تخوض "ثورة" لا لشيء بل لقيادة السيارة كمرحلة أولى. وأكثر من ذلك، كيف يقدّم الملك السعودي "النصيحة" لدمشق، في وقت ساهمت بلاده في "إخماد" ثورة و"قمع" شعب في مكان آخر، يفترض أنه أقرب له من سوريا، البحرين..
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
التعليقات
اللي نزَّل الدب على البئر يرجع يطالعه !
ليش
ليش ... ليش
رد على ليش؟؟
OBAMA اللأرعن
إضافة تعليق جديد