هل خرجت سوريا فعلا من عين العاصفة؟
أمس الاول، انصبّت الاهتمامات الدولية والاقليمية على متابعة زيارة وزير الخارجية التركية احمد داوود اوغلو للعاصمة السورية. وأمس، تحولت تلك الاهتمامات إلى متابعة نتائج الزيارة المذكورة، ما يشير إلى أنّ الوضع الاقليمي برمته بات مرتبطا بشكل كامل بمصير النظام السوري، خصوصا أنّ هناك من يعتبر أنّ بقاء الرئيس بشار الاسد على رأس النظام الراهن وخروج سوريا من محنتها يعني سقوط الانظمة العربية والاسلامية الاخرى التي طالما عملت على إسقاط نظام الاسد او ترويضه وتقليم أظافره بأضعف الاحوال.
غير أنّ واقع الحال بحسب من التقوا بعض القادة السوريين في اعقاب الزيارة التركية الاخيرة اختلف بالكامل، فواشنطن التي حاولت توجيه رسالة واضحة إلى النظام السوري الذي تعامل مع احداث "حماة" بقوة وحزم فشلت في دفع تركيا لان تكون رأس حربة الهجوم السياسي والدبلوماسي والعسكري اذا لزم الامر على النظام السوري. فالولايات المتحدة قصدت الرد على النظام الذي تجاهل الرسالة الاميركية التي كانت قد وجهتها واشنطن لسوريا عبر سفيرها الذي زار "حماة" للقول بان المدينة هي تحت الحماية الاميركية اذا جاز التعبير وهي التي ستشكل جسر العبور إلى العاصمة دمشق، بينما لتركيا حسابات خاصة بها تتعلق باوضاعها الداخلية وازمتها مع الاكراد وما إلى ذلك من تناقضات وخلافات داخلية بين "العسكر" والحكومة. تلك الازمة التي كانت قد تبلورت في اعقاب استقالة القادة العسكريين منذ حوالي الاسبوعين، فضلا عن وصول العلاقات التركية الايرانية إلى مرحلة متقدمة من الخطورة، ما يعني بان تركيا مرشحة لان تنعزل عن بعض محيطها ما قد يحرمها الدور الاقليمي التي تسعى من اجله، ناهيك عن عدم الاستعداد التركي لخوض اي مغامرة عسكرية غير مضمونة النتائج.
ومع ذلك لا ينفي الزائر المعني بان للزيارة التركية مدلولاتها ونتائجها التي ستظهر في خلال الايام القليلة المقبلة. فالحوار بالواسطة وعبر وسائل الاعلام، الذي دار بين الدولتين التي تجمعهما حدود مشتركة تناهز الـ850 كيلومتر لا يمكن ضبطها بسهولة، تحول إلى حوار مباشر نتج عنه شرح مستفيض من قبل الرئيس الاسد للخصوصية السورية، كما كشف ممارسات المسلحين التي شكلت السبب الاول لرد فعل الحكومة السورية، في وقت اعربت فيه تركيا عن هواجسها وتوجسها من حملة القمع السورية التي وصلت إلى حدود استئصال مجموعات مسلحة موالية للغرب وشل قدرتها عن الحركة، وذلك في حين كان على النظام السوري المبادرة إلى تنفيذ الاصلاحات الموعودة ووضعها في اطارها الصحيح قبل انفلات الامور ووصولها إلى الطريق المسدود.
ويضيف الزائر ان الاسد خرج منتصرا من هذه الجولة التي قد يعقبها جولات جديدة من الضغوط قد لا تتوقف عند العقوبات الاقتصادية الاخيرة التي اعلنتها واشنطن في الساعات الاخيرة الماضية. الا ان الخطر الفعلي زال بالكامل بعد ان استعاد النظام السوري المبادرة بالكامل وتمكن من القضاء على مراكز القوة العسكرية لدى معارضيه، وذلك بالاستناد إلى خطة مبرمجة قائمة على قناعة سورية بان الدول الغربية لن تتدخل عسكريا في سوريا بعد ان فشلت في ليبيا ودخلت في رمالها المتحركة، كما ان تركيا غير قادرة على تنفيذ اي خطوة عسكرية من دون مساعدة مباشرة عسكرية ولوجستية ومالية من قبل دول الاطلسي، لاسباب تتعلق بموازين القوى من جهة وخصوصية الوضع التركي الداخلي من جهة ثانية.
ويخلص الزائر اللبناني إلى التأكيد بان سوريا خرجت عمليا من عين العاصفة وباتت على حدودها، وهذا لا يعني بالطبع ان الاصلاحات ستعود إلى ادراج النظام، بل انها ستوضع على نار هادئة بعيدا عن الضغوط والممارسات العسكرية التي تثقل كاهل الملفات الاصلاحية.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
التعليقات
بلدي سوريا..
الله يحمي سوريا بشعبها و
أن المتصهينين الجدد من أمراء
إضافة تعليق جديد