صدى قرار رفع أسعار المحروقات في البرلمان السوري الجديد
الأحد 19 حزيران: انعقدت جلسة مجلس الشعب في الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم، وتكلم 26 نائبا طعن 25 منهم بشرعية قرار وزارة التجارة الداخلية رفع أسعار الطاقة، وهم بالتسلسل: فارس الشهابي، مها العجيلي، عدنان سليمان، أشواق عباس، عارف الطويل، نزار اسكيف، زاهر اليوسفي، فواز نصور، مها شبيرو، ثائر ابراهيم، رفعت حسين، فارس الجنيدان، نبيل صالح، فاطمة خميس، عمر أوسو، وضاح مراد، صفوان قربي، وليد درويش، محمد الفارس، نضال حميدي، رياض شتيوي، اسماعيل حجو، عهد الكنج، وائل ملحم.. هاذا وقد قدمنا أنا وفارس الشهابي وسمير حجار طلبا بتصويت المجلس على توصية بطي قرار رفع أسعار الطاقة، وفي نهاية الجلسة تم إقرار جلسة استجواب غدا لكل من وزراء النفط، والتجارة الداخلية (وحماية المستهلك)، والمالية، والإقتصاد، قشة لفة..وفيما يلي كلمتي أمام المجلس:
نبدأ من حيث انتهت الحكومة المنتهية صلاحيتها بقرار رفع أسعار المحروقات.. وسواء كان يحق لحكومة تصريف الأعمال إصدار هاذا القرار أم لايحق لها فإننا لن نتوقف عند المماحكات القانونية طالما أن القرار يهدد تماسك بنية الأسرة السورية وبالتالي يوهن عزيمة المدافعين عن الدولة في وجه كل أشرار العالم الذين يعملون على تفكيكها بشتى الوسائل العسكرية والإقتصادية .. لهاذا نطالب بطي القرار الذي رفضه غالبية شعبنا الصامد على الطوى، إذ من شأن مثل هاذا القرار تحويل الجزء الباقي من العائلات المستورة إلى طالبي معونات غذائية على أبواب لئام الأمم غير المتحدة..
وضمن هاذا السياق نطالب أيضا بحق كل جندي سوري بصرف راتب مهمة إضافي على راتبه الأساسي بحسب القوانين الناظمة للمؤسسات الوطنية التي تمنح تعويضا ماليا لكل موظف يكون في مهمة ميدانية تحت بند "أذن سفر" ونذكّر أن مقاتلي الجيش تلقوا هاذا التعويض في حرب تشرين و قوات الردع في لبنان.. فلدى الجندي أسرة يجب أن نوفر لها ما يقيها العوز ويعزز تفرغ معيلها لشؤون الدفاع عن هاذا الوطن المنكوب بحكوماته المتعاقبة ..
السادة النواب: إن الشعب يراهن عليكم في رفع الأذى عنه، ومجلسنا الآن في اختباره الأول أمام ناخبيه، وهو جمهور لم يعد يكتفي بالوعود والكلمات، وأي تهاون أو استرخاء ستكون نتيجته انفضاض قواعدنا عنا وانفراد الحكومة بنا للسنوات الأربع من عمرنا الآتي..
تحية للجيش العربي السوري والمجد والخلود لشهدائنا الأخيار.
الإثنين 20 حزيران: أُعطيت الفرصة اليوم لمتهمي الفريق الإقتصادي في الحكومة منتهية الصلاحية كي يدافعو عن سياساتهم السيئة أمام مجلس الشعب، فساقو الحجة نفسها لتبرير فشلهم: إنها الحرب .. وقد فند النواب حججهم ولم يوافقو على خطتهم بإنقاذ الخزينة من جيب الشعب..البعثيون والشيوعيون والمستقلون الذين تحدثو اليوم رفضو قرار رفع أسعار المحروقات وبينوا انعكاساته الكارثية على صمود الشعب بوجه أعداء سورية، بحيث يمكن تلخيص الأمر كمايلي: الفريق الإقتصادي يقول أن رفع المحروقات ضروري لاستمرار صمود الدولة، والنواب يقولون أن القرار يفكك بنية الأسرة التي تشكل عماد الدولة.. ومازال الجدل مستمرا حتى يوم الأربعاء، وأرى أنه جدل عقيم لايحل المشكلة، وأرى الحل أن يجري تصويت المجلس على طي قرار رفع أسعار المحروقات بحضور أعضاء المحكمة الإدارية، وكفى الله السوريين شر الفرقة والفقر والتفكك والإختلاف..
الثلاثاء 21 حزيران: جلسة مجلس الشعب اليوم كانت سرية، وخصصت لمناقشة تطوير العمل البرلماني وتوسيع نفوذ النواب في مواجهة أولاد الحكومة، غير أن النقاش لم يتوقف حول قرار الحكومة التي لم تعد بحكومة رفع أسعار المحروقات.. وقد لاحظت منذ جلسة يوم الأحد وأمس الإثنين إقدام العديد من البعثيين على الطعن بشرعية القرار، إلى أن بدأ بعضهم اليوم بالحديث عن حتمية القرار ووجوب تقديم المزيد من التضحيات من أجل استمرار الدولة.. والواقع أن فقراء البعثيين هم الذين رفضوا القرار بينما أثرياء البعثيين وشركاء الحكومة في المناسف والمناشف داخل المجلس بدأوا بالقول نعم للقرار وبعضهم الخجول قال لعم، مما يدل أنه لم يصدر توجيه ملزم بعد للبعثيين من قيادتهم بالوقوقوف مع أو ضد القرار وفي ذلك خير وديموقراطية حزبية.. وننتظر موقف القوميين السوريين، إذ يمكنهم أن يشكلو مع المستقلين والبعثيين الرافضين أكثرية موجبة أدبيا، وليس قانونيا، فيما لو طالبنا بالتصويت على لامشروعية القرار سيء الذكر حتى لايقال يوما أننا أشحنا بوجهنا عن الخطأ، وقد أوصانا سيد القوم يوما ألا نسكت عن الخطأ..
ويبقى السؤال: بعدما أكلت الحرب شحمنا ولحمنا، مالذي ستجنيه الحكومة من مصمصة عظمنا، وكم شهرا سنصمد قبل أن تتلاشى قوتنا التي نواجه بها كل أشرار العالم ؟
الأربعاء 22 حزيران: بعد خروجي من المجلس ميََلت على صديق قديم بسوق الحمرا، أبو بديع القدسي رجل محترم وفهيم وقليل الكلام، تحدثنا عن قانون رفع أسعار المحروقات وسقت له حججا قانونية تثبت لامشروعية القرار اعتمادا على دراسات باحثين وفقهاء بالقانون.. فقال لي: أخي أبو أحمد مابدها فقه قوانين ولاتعقيد، حكومة تصريف الأعمال عملت متل لما بطلب منك تمشيلي أمور المحل بالثقة لبين ماروح عالجامع، يعني بتشرف عالبيع والشري بالأمانة بس مابيحقلك تشلح الزباين ..
في جلسة اليوم الأربعاء تحدث النواب عن مجمل قضايا الناس: عن حالات المهجرين، وإحياء مؤسسة التجارة الداخلية، واستعادة العمل بالبطاقة التموينية، واختفاء الناس على الحواجز ، وأمراء الحرب، والخبز ودعم المواد الأساسية، وقد أظهر غالبية المتحدثين وعيا عميقا وغيرة وطنية في مجمل طروحاتهم إلا أصحاب المقدمات الإنشائية والمبالغات الوطنية، إذ كنا نتوقع سلفا، بعد ربع صفحة من المديح أنها مقدمة لقبول قرار الحكومة سيء الذكر، ولكن مقابل كل مؤيد للقرار كان هناك واحد ساكت عن ذكره وثلاثة رافضين له، وضمن هاذا السياق قدمت طلبي لطي القرار مستعينا بدراسات واستشارات باحثين مختصين في القانون (د. عصام التكروري و د. عصام دلة)
* بخصوص عدم مشروعية القرار الصادر في 16 حزيران عن وزارة التجارة الداخلية في حكومة تسيير الأعمال والقاضي برفع أسعار المشتقات النفطية:
- لا يجوز لحكومات تسيير الأعمال أن تقوم بتحديد أسعار السلع والخدمات التي تؤثر على الوضع الاقتصادي للبلد.
- لا يجوز لها تقديم مقترحات لتعديل النصوص الدستورية أو إلغاءها.
- ليس لها اقتراح مشاريع القوانين أو عقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
- لا يجوز لها وضع خطط التنمية الطويلة الأجل أو الشاملة.
- ليس لحكومة تصريف الأعمال القيام بالتعاقد لإبرام القروض أو إحداث أية أعباء مالية أو صرف أية اعتمادات أو إصدار أوامر تعيينات أو تغيير هياكل الدولة الاقتصادية، لأن ذلك يندرج ضمن مفهوم السياسات العليا للدولة أو المستثناة من صلاحيات حكومة تصريف الأعمال.
- كما ليس لها اتخاذ أية قرارات أو إجراءات من شأنها تقييد الحكومة اللاحقة.
ونظراً لما تقدم أطالب برأي استشاري من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب حول ما إذا كان القرار المذكور ينتهك المواد المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها في الدستور السوري، وينتهك الصلاحيات الدستورية لمجلس الشعب في ممارسة الرقابة على أعمال الوزارة عملاً بأحكام المادة 74 ما تلاها من الدستور النافذ ومن ثم استصدار بيان رسمي موقع عليه من قبل أعضاء مجلس الشعب يدعو الحكومة إلى طي قرارها المتعلق برفع اسعار المحروقات وذلك التزاماً بالدستور وبمبدأ المشروعية...
الخميس 23 حزيران:بعض الزميلات والزملاء طالبوا بتقييد نشر بعض النواب للمناقشات التي تجري في المجلس على مواقع التواصل الإجتماعي والإكتفاء بطرح شؤونهم الخاصة!؟ وإذا نجح نوابنا الأعزاء في مسعاهم هذا فقد يأتي من يطالب بعدها بتوحيد لباس النواب .. والواقع لو أن إعلامنا يقوم ببث جلسات المجلس بشكل مباشر كما في كل برلمانات العالم لكنا قبلنا بالأمر، إذ كيف للناخبين أن يعرفو إذا كان مرشحهم قد طرح قضاياهم أم لم يفعل، وكيف سيفرق عموم السوريين بين الأعضاء النائمين والمستيقظين، بين المزاودين والصادقين، بين المحدودين والنابهين، إذا لم يسمعوهم ويشاهدوهم، بل ولماذا لايسمح لمن يرغب من الشعب بحضور الجلسات لكي يطمئن إلى أن مستقبل الأمة بأيد أمينة !؟ والواقع أن نواب المجلس ضحايا وكالة سانا التي تسمع وتنقل غير مايقولون، منذ ربع قرن، وأذكر شخصيا أني منذ ثلاثين عاما في العمل الإعلامي لم يوافق وزير إعلام بدخولي إلى المجلس لتغطية جلساته المفلترة التي تصل إلى الناس دايت بلا دسم.. الزميل خالد العبود رد بالقول أنه لايجوز تكلم النائب باسم المجلس ولكن من حق النائب إبداء رأيه ، إذ لايجوز الوصاية على نائب اختاره الشعب للتكلم باسمه..
وكي لاأزعج الزملاء الأعزاء لن أتحدث عن مداولات المجلس لهذا اليوم وأنتظر ماسيقدمه الزميل نجدت أنزور الذي كلف بمهمة إدارة إعلام المجلس، فقط سأورد ماطرحته اليوم:
السيدة رئيس المجلس : لقد استهلك الحديث عن قرار رفع الحكومة السابقة لأسعار المحروقات جل مناقشات المجلس خلال هذا الأسبوع ، لذلك أطلب التصويت على القرار بالرفض أو الإيجاب، سواء كانت نتيجة التصويت ملزمة أم غير ملزمة، حتى لايقال أن مجلس الشعب قد أشاح بوجهه عن مصالح شعبه.. وقد ردت السيدة رئيس المجلس بعد استشارة مساعديها بالقول أن القرار هو من صلب عمل الحكومة وأن القضاء الإداري هو صاحب الإختصاص بالنظر في القرار المذكور.. وبناء عليه أقترح على الأخوة المتضررين رفع شكاواهم إلى المحكمة المذكورة والمطالبة بالتعويض عن الخسائر الخاصة والعامة من هذا القرار وسأكون معكم بالتعاون مع الفريق القانوني لنجعل منها قضية وطنية ، ولايموت حق وراءه مطالب..
نبيل صالح
التعليقات
ما قبل الخميس و ما بعد الخميس
التعويض العائلي المنحوس
التعويض العائلي المجحف
رفع المحروقات
مسألة أيام
المندبين
المندبين
المندبين
إضافة تعليق جديد