السجاد العجمي في إيران بازار وأسرار
السجاد العجمي بالنسبة لإيران هو موروث حضاري فضلا عن كونه فنا وتجارة، وتكاد كل مدينة إيرانية تشتهر بنوع محدد من السجاد ونقشاته، وأبرزها أصفهان وتبريز وكاشان وقم، إضافة إلى طهران.
بازار طهران، الذي يقع في الطرف الجنوبي للعاصمة، ويمتد على مساحة كيلومترين مربعين، هو المكان الطبيعي للزائرين لشراء السجاد العجمي اليدوي. ويضم السوق محلات عديدة لبيع هذا النوع من السجاد.
يبدأ تصنيع السجاد اليدوي بإعداد القالب الذي يتضمن النقشة، وآلة الحياكة اليدوية والخيوط المطلوبة، وهي عادة ما تكون من الصوف أو الحرير الطبيعي.
وتشتهر إيران بتصنيع السجاد اليدوي في المنازل كما في المصانع. وتتوافد النساء إلى محلات متخصصة لابتياع النقشات والخيوط لصناعة السجادة المطلوبة، إما للبيت أو حسب طلب المصنع. وحسب صاحب إحدى هذه المحلات، فإن هناك مؤسسات تعنى بتدريب النساء على فنون نسج السجاد العجمي.
وتقول سيدة قابلناها في محل لبيع الخيوط والنقشات، إنها استغرقت في صناعة سجادة بمساحة متر ونصف متر مربع أكثر من ثمانية أشهر. ولا يعتبر هذا الوقت كثيرا بالنسبة للعارفين بتفاصيل صناعة هذا النوع من السجاد، فهو يحتاج إلى دقة وتركيز كبيرين.
وعندما تسعى لشراء السجادة اليدوية، فعليك أولا أن تعرف ما نوعها، فإن كانت من تبريز، فإن سعر السجادة يتحدد بعدد العقد في كل 7 سنتيمترات، فهناك من خمسين إلى مائة عقدة، وربما أكثر وكذلك بنوعية الخيوط المستخدمة في السجادة، فالحرير الطبيعي هو الأغلى على الإطلاق، ثم الصوف الطبيعي، وهو عدة أنواع.
ويقول أحد التجار الذين التقتهم الجزيرة نت إن السجادة قد تستخدم فيها خيوط من الحرير والصوف في آن واحد. ويعرض البائع سجادة من تبريز تبلغ مساحتها ستة أمتار مربعة بسعر ألفي دولار، وهي تتضمن خمسين عقدة فقط ومصنعة من الصوف والحرير. ويقول البائع إن سجادة بمساحة 12 مترا مربعا ومن الحرير الخالص قد يصل سعرها إلى سبعة آلاف دولار.
ويتفنن الإيرانيون في صناعة هذا السجاد، سواء من حيث مساحاته أو تركيبه، حيث يضيفون إليه خيوط الذهب، ما يرفع سعره إلى مئات الآلاف من الدولارات.
وفي وقت اعتقدنا فيه أننا أحرزنا أسرار شراء السجاد، قادنا الباعة إلى عالم جديد من الأسرار والألوان والنقشات الخلابة التي تنبئ عن فن تتجذر أصوله قدر تجذر الحضارة الفارسية، وتمتد فروعه اليوم حتى في اللوحات الفنية التي تصنع من السجاد.
وعرض علينا أحد الباعة سجادا آخر من شيروان القريبة من مشهد، حيث تقاس العقد فيه بشكل عمودي وأفقي، ويبلغ فيه سعر السجادة من مقاس ستة أمتار مربعة قرابة 1500 دولار.
وهناك نوع ثالث من السجاد تصممه القبائل، ولا يوجد فيه عدد محدد من العقد، بل يحدد سعره حسب سمك الخيط المستخدم. ويمتاز هذا السجاد بألوانه الطبيعية.
النوع الرابع من السجاد يأتي من أصفهان ويطلق عليه اسم نائين، ويحدد سعره بعدد الخيوط الصغيرة التي تكون كل خيط سميك تنسج فيه السجادة التي تصنع من الحرير الطبيعي. ويقول البائع إن سعر سجادة من هذا النوع بمقاس ستة أمتار مربعة يصل لعشرة آلاف دولار.
وهناك العديد من السجاد الصناعي الذي يحاول مجاراة السجاد اليدوي ولكنه يستخدم مادة الأكريليك الرخيصة، ما يجعل أسعاره أقل بكثير من السجاد اليدوي.
يتميز باعة السجاد بمهارة كبيرة لإقناع الزبون بالشراء، حتى إن أحدهم كاد أن يقنعني بشراء سجادة بقيمة ألف دولار، ولكنني بعد أن بهرت بهذا الفن المتميز في الصناعة قررت مجاراة الميزانية وشراء سجادة رخيصة وجميلة ثم قفلت عائدا بها إلى الدوحة.
ماجد أبو دياك
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد