هل تضيع كنوز ليبيا الأثرية؟
«مبالغ طائلة تصرف على الميليشيات المسلحة في حين يهمل الليبيون تاريخهم وعراقتهم»، هكذا يوصّف مراقب الآثار في مدينة شحات ناصر عبد الجليل حال الآثار في بلاده حالياً.
ومدينة شحات هي مدينة تاريخية أسسها الإغريق في محافظة الجبل الأخضر، في أقصى شمال شرقي ليبيا. وتعتبر شحات ثاني كبرى مدن محافظة الجبل الأخضر بعد مدينة البيضاء.
وتتميّز المدينة بالآثار الإغريقية كالحمامات اليونانية ومعبد زيوس الذي تأسس في القرن الخامس قبل الميلاد ومعبد أبولو وغيره من المعابد، وقلعة الاكرابوليس.
وفي العهد الروماني أدخلت بعض التحويرات على المباني اليونانية وشيّدت مبانٍ كثيرة جديدة، ومنها الحمامات الرومانية والمسرح ورواق هرقل ومعابد ونصب كثيرة، والسور الخارجي الذي بني في القرنين الأول والثاني للميلاد، كما توجد كنائس عدة تعود للعهد البيزنطي. وسبق أن زارتها شخصيات عدة بينهم الفيلسوف الإغريقي أفلاطون، بحسب مؤرخين.
ويعتبر عبد الجليل أن وضع آثار بلاده «مؤسف للغاية»، مرجعاً السبب في ذلك إلى ما أسماه «تلف منظومة الأخلاق لدى المواطن الليبي، خاصة سكان تلك المناطق الأثرية، الذين يعتدون على الآثار بالبحث العشوائي والجرف بالآلات الثقيلة بحثاً عن الكنوز لسرقتها وبيعها». أما عن ثاني الأسباب في التدهور الذي لحق بقطاع الآثار الليبية، يقول عبد الجليل إنه يكمن في «غياب الوعي لدى المسؤولين الليبيين بأهمية هذه الثروة التاريخية».
ويوضح أنه لم تصرف لمصلحة الآثار الحكومية أية ميزانية منذ شهر شباط العام 2011 حتى الآن، ما يمنع عمليات ترميم هذه الأماكن الأثرية.
وعن أهم الأماكن الأثرية في ليبيا، يقول عبد الجليل إنها قلعة الأتراك التي تقع في مدينة القيقب، شرقي مدينة شحات الليبية، وهي القلعة الوحيدة الباقية من أربع قلاع بناها الأتراك في ليبيا العام 1852. وبحسب عبد الجليل، فقد سيطر عليها أحد المواطنين الليبيين بعد أحداث العام 2011 بعدما طرد عمال مصلحة الآثار منها.
ويضيف مراقب الآثار الليبي أنّ «هناك أيضاً مقابر مدينة الجغبوب (في جنوب شرقي البلاد). هو موقع يعود إلى ما قبل التاريخ وهو ليس بعيداً عن المتربصين، إذ يتعرض في الفترة الحالية إلى عمليات الجرف العشوائي ويتم نبش قبوره التاريخية وسرقة المومياوات وتهريبها».
وخلافاً لما يراه عبد الجليل، يقول رئيس الشرطة السياحية في شرق ليبيا خالد السوسي إن الأمر ليس سيئاً إلى تلك الدرجة، معتبراً أن آثار ليبيا تضررت بنسبة 10 في المئة فقط.
أما رئيس مصلحة الآثار في شرق ليبيا محمد الشلماني، فيكشف عن فقدان ليبيا لأكبر كنوزها وهو عبارة عن 502 قطعة من العملات الإغريقية والرومانية من الذهب الخالص وما يزيد عن ألفي قطعة فضية يرجع تاريخها لأكثر من ألفي عام وكانت محفوظة في المصرف التجاري في مدينة بنغازي.
ويوضح أنه أثناء الحرب العالمية الثانية، نقل الايطاليون هذا الكنز الأثري إلى روما خوفاً من ضياعه قبل أن تستعيده ليبيا العام 1961.
ويزعم الشلماني أن الثروة سرقت بعدما تم حرق المصرف، حيث كانت تحفظ هذه العملات في شهر أيار العام 2011.
وعن طبيعة عمل الجهات الأثرية في شرق ليبيا حالياً، يقول المسؤول إن «عملها يقتصر على الحفاظ على ما تبقى من الإرث الحضاري الليبي ولا يتضمن العمل تجديد الأماكن أو إنشاء متاحف جديدة في الوقت الحالي».
ويبين كذلك أنه يجري حالياً تدريب كوادر ليبية تتولى المسؤولية بالتعاون مع منظمات عالمية مهتمة بهذا المجال، منها منظمة الأمم المتحدة «يونيسكو».
أما الخبير الليبي في الآثار فضل القوريني، فيؤكد رواية الكنز الليبي الكبير الذي فقدته البلاد بعد حريق المصرف التجاري في بنغازي، مشيراً إلى أن مصلحة الآثار الليبية أقامت دعوى قضائية ضد إدارة المصرف.
وفي هذا الصدد، يقول القوريني إن لديه «معلومات خطيرة ومهمة في هذه القضية»، مبدياً أسفه لعدم قدرة السلطات الليبية على استرجاع مثل هذا الكنز الأثري، ومعرباً عن أمله في أن يجد آذاناً صاغية لدى المسؤولين لمتابعة الأمر.
(عن «الأناضول»)
إضافة تعليق جديد