تسليف شعبي لمؤسسات وأجهزة الدولة والشعب على الله
الجمل – حلب – باسل ديوب :لعل مصرف التسليف الشعبي في الجمهورية العربية السورية، هو من المصارف القليلة الباقية في الكرة الأرضية، التي ما تزال تستوفي فوائدها من أصل مبلغ القرض فوراً ، ورغم ذلك فالحصول على قرض حتى وقت قريب لم يكن بالأمر اليسير، فإنجاز المعاملة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود - الموظفين يعني تغيباً عن الدوام أو إجازة لفترة قد تطول، وقد تقصر ، ولكل إدارة أو مؤسسة مزاجها الخاص في الاشتراط ، فبعض المؤسسات لا تقبل كفالات موظفيها من خارج ملاكها ، فإحدى المقترضات وهي ممرضة في أحد المشافي التابعة لمديرية الصحة ، استغرقت معاملتها حوالي الشهرين بين المصرف ومحاسبي الإدارة ، وفي النهاية تبين أن عدد سنوات خدمة كفيلاتها الثلاثة أقل من 15 سنة، وهذا ما كان يعني البحث عن كفيل رابع ،أو كفيل لديه خدمة كافية.
في فرع العبارة لمصرف التسليف الشعبي في حلب تم تجاوز بعض قرارات الإدارات لمصلحة المقترض، فلم يبق هنالك عبرة لوحدة الجهة للمقترض و كفلائه ، كما أن تقسيم أيام الأسبوع مناصفة بين أيام مخصصة لتسليم طلبات الاقتراض للمواطن وأيام أخرى مخصصة لاستلام الطلبات منه، كان مضيعة لوقت المواطنين.
" لذلك ألغينا هذا القرار الذي لا معنى له سوى إرهاق المواطن " هذا ما قاله " عبد الله الحمادي " مدير المصرف وقال " الآن يمكن لمعاملة القرض أن تنجز في يوم واحد ، كما هي حالة معاملة أنجزت هذا اليوم "
5 ساعات فقط...
لم نركن إلى ما " زعمه " السيد المدير الذي طلب إلى أحد موظفيه أن يأتيه ببضع استمارات بشكل عشوائي ، اتضح أنها جميعاً منجزة في بحر الأسبوع الذي دخل يومه الرابع ، ومنها واحدة مؤرخة بتاريخ يوم تسليم الاستمارة لصاحبها.
ليس في الأمر سحر أو ما يدعو للتعجب ولماذا لا تنجز في يوم أو يومين ؟؟ قال المدير وتابع
" إذا أحضر المتعامل بيانات راتبه، ورواتب كفلائه، وكانت مستوفية الشروط ، فالأمر محسوم، تدقيقها لا يستغرق أكثر من ربع ساعة ،وكذلك ربع ساعة لإدخال المعلومات في الحاسب ، تتم الموافقة ،ويطلب منه إحضار تعهد من معتمد الرواتب بقطع مبلغ القسط الشهري، وتحويله لحساب المصرف ، ويتم تعيين يوم لقبض المبلغ وتوقيع الكفلاء "
نظرياً يبدو هذا الكلام معقولاً جداً ، وللتأكد من صحته كان لا بد من سؤال المراجعين ،
فاطمة / موظفة في التربية قالت " الأسبوع الماضي أخذت الطلب من أجل الكفلاء، واليوم أحضرته وطلبوا مني أن أحضر الكفلاء غداً "
وكذلك قال مراجع آخر كان يسعى لتقريب أو تأخير موعد إحضار كفيله ليتفق مع دوامه الوظيفي .
يوم واحد لـ " الحر بوق "
ليس الأمر وردياً تماماً كما رسمه لنا السيد المدير ، إلا أن المواطن "الحر بوق" يمكنه بالفعل أن ينجز كل معاملاته في يوم واحد، ويحتاج في سبيل ذلك إلى استثمار كل دقيقة من نهاره بدءاً بلحظة استلام الطلب، إلى مراجعة معتمد الرواتب، ومحاسب إدارته، ومعتمد، ومحاسب إدارة كفلائه ، فالعودة مجدداً لتقديم الطلب، وتدقيقه ،والحصول على الموافقة، ومن ثم حمل كتاب التعهد بقطع القسط ، من المصرف إلى معتمد الرواتب ،ومحاسب الإدارة، والعودة مجدداً مع الكفلاء للتوقيع .
أحد كوادر المصرف قال أن " الإجراءات الجديدة لاقت ارتياحاً من المواطن، لكنها أزعجت البعض، من الذين يعتاشون على معاناة المراجعين، ويأسهم من إنجاز معاملة بشكل سلس وبسيط ، لم يعد هنالك دور للسماسرة ، و الوساطات ، كما كان في السابق ، فالازدحام انتهى بعد إلغاء تخصيص الأيام ، لكن هنالك كثير من المواطنين لا يصدقون أن أمورهم يمكن أن تتم ببساطة ، فيحاولون البحث عن واسطة "
يقدم المصرف 550 قرضاً كل شهر ، حيث بلغت قيمة القروض المنفذة لغاية الشهر الـ 11 من العام الجاري 762000000 ليرة ، في حين أن الكتلة المتداولة تبلغ 2808179650 ليرة
أمن الدولة في الطليعة !!
لكن للمصرف ديوناً تقارب الـ 1500000 ليرة، وهي تتوزع على عدد من الجهات، والشركات العامة، فشركة الإنشاء والتعمير تبلغ ديونها حوالي 4300000 ليرة ، وهي متوقفة تماماً عن السداد منذ العام 2002 ، بذريعة عدم وجود رواتب لموظفيها ، والطريف في الأمر أن محاسب الرقابة والتفتيش لا يحول أقساط مقترضي إدارته إلا بشكل كيفي
" حتى ما بعد منتصف الشهر لم يجري التحويل رغم أن مرور أيام على منتصف الشهر وكثيراً ما يتأخر ، وهذا يسبب أعباء إضافية علينا ، والمتخلفون عن السداد هم أمن الدولة والشرطة والجمارك ووزارة الدفاع و الرقابة والتفتيش سد تشرين واستصلاح الأراضي وجامعة حلب ، وبعض المدارس الخاصة " كما قالت كندة الحريري إحدى الموظفات.
و رغم أن أرباح المصرف في العام الماضي 2005 تجاوزت الـ 67 مليون ليرة ، إلا أنه غير متصل بشبكة الانترنيت حتى اليوم !!
الجمل
إضافة تعليق جديد