الأسد: أي شيء نتفق عليه سواء في جنيف أو في سورية لا بد أن يخضع لاستفتاء شعبي
أكد الرئيس بشار الأسد أن ما تنتظره سورية من مؤتمر جنيف هو أن يخرج هذا المؤتمر بنتائج واضحة تتعلق بمكافحة الإرهاب في سورية وخاصة الضغط على الدول التي تقوم بتصدير الإرهاب عبر إرسال الإرهابيين والمال والسلاح إلى المنظمات الإرهابية وخاصة السعودية وتركيا والدول الغربية التي تقوم بالتغطية السياسية لهذه المنظمات الإرهابية.
وأضاف الرئيس الأسد في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إن الحرب التي شنت على سورية كانت من مرحلتين المرحلة الأولى وهي ما خطط في البدايات وهو إسقاط الدولة السورية خلال أسابيع أو خلال أشهر ونستطيع القول بعد ثلاث سنوات إن الشعب السوري ربح هذه المرحلة والمرحلة الأخرى من المعركة هي مرحلة مكافحة الإرهاب وهذه المعركة نعيشها اليوم ولم تنته بعد ولا نستطيع أن نتحدث عن الانتصار قبل أن نقضي على الإرهابيين ونستطيع القول إننا نحقق تقدما في ذلك ونسير إلى الأمام ولكن هذا لا يعني أن النصر قريب وهذا النوع من المعارك معقد وبحاجة الى زمن طويل.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
سيدي الرئيس.. وكالة الصحافة الفرنسية تشكركم كثيراً على هذه المقابلة..هذه المقابلة المهمة بالتأكيد..لأنها تأتي قبل مؤتمر جنيف.
السؤال الأول: ماذا تنتظرون من هذا المؤتمر...
الرئيس الأسد..
الشيء البديهي والذي نتحدث عنه بشكل مستمر هو أن يخرج مؤتمر جنيف بنتائج واضحة تتعلق بمكافحة الإرهاب في سورية، وخاصة الضغط على الدول التي تقوم بتصدير الإرهاب عبر إرسال الإرهابيين وإرسال المال والسلاح للمنظمات الإرهابية، وخاصة السعودية وتركيا، وطبعاً الدول الغربية التي تقوم بالتغطية السياسية لهذه المنظمات الإرهابية..هذا هو القرار الأهم أو النتيجة الأهم التي يمكن لمؤتمر جنيف أن يخرج بها..أي نتيجة سياسية تخرج من دون مكافحة الإرهاب ليس لها أي قيمة، فلا يمكن أن يكون هناك عمل سياسي والإرهاب منتشر في كل مكان، ليس فقط في سورية بل في الدول المجاورة أيضاً. أما من الجانب السياسي فمن الممكن لمؤتمر جنيف أن يكون عاملاً مساعداً في عملية الحوار بين السوريين.. لا بد أن تكون هناك عملية سورية تحصل في سورية ويمكن لجنيف أن يكون مساعداً ولكن لا يمكن لمؤتمر جنيف أن يكون بديلاً عن عملية سياسية تحصل بين السوريين وداخل سورية.
السؤال الثاني: سيدي الرئيس.. بعد نحو ثلاث سنوات من الحرب المدمرة في سورية والتحدي الكبير لإعادة إعمار البلاد هل من الممكن ألا تكونوا مرشحاً لرئاسة الجمهورية...
الرئيس الأسد..
هذا يعتمد على شيئين.. يعتمد على الرغبة الشخصية، أو القرار الشخصي، ويعتمد على الرأي العام في سورية.. بالنسبة لي أنا لا أرى أي مانع من أن أترشح لهذا المنصب، أما بالنسبة للرأي العام السوري فما زال أمامنا أربعة أشهر تقريباً قبل أن يتم الإعلان عن موعد الانتخابات.. حتى ذلك الوقت إذا كانت هناك رغبة شعبية ومزاج شعبي عام ورأي عام يرغب بأن أترشح فأنا لن أتردد ولا لثانية واحدة بأن أقوم بهذه الخطوة. بالمختصر نستطيع أن نقول بأن فرص الترشح هي فرص كبيرة.
عندما تدافع عن بلدك فمن البديهي أن تضع احتمالاً وحيداً هو احتمال الربح فقط لأن خسارة سورية لهذه المعركة تعني فوضى في كل منطقة الشرق الأوسط
السؤال الثالث: هل شعرتم للحظة في هذه السنوات أنكم قد تخسرون المعركة.. وهل فكرتم في سيناريو بديل لكم ولعائلتكم...
الرئيس الأسد..
في أي معركة احتمالات الخسارة والربح هي احتمالات واردة دائماً ولكن عندما تدافع عن بلدك فمن البديهي أن تضع احتمالاً وحيداً هو احتمال الربح فقط لأن خسارة سورية لهذه المعركة تعني فوضى في كل منطقة الشرق الأوسط.. هي ليست عملية محصورة ضمن سورية وهي ليست كما كان يصور في الإعلام الغربي بأنها قضية ثورة شعبية ضد نظام يقمع الشعب وثورة من أجل الديمقراطية والحرية. كل هذه الأكاذيب الآن أصبحت واضحة للناس.. لا يمكن لثورة أن تستمر ثلاث سنوات وتكون شعبية وتفشل.. ولا يمكن طبعاً أن تكون ثورة بأجندات خارجية بل بأجندات وطنية.. أما بالنسبة للسيناريوهات التي وضعتها.. فطبعاً في مثل هذا النوع من المعارك لديك العديد من السيناريوهات الأول والثاني والثالث والعاشر.. ولكن كل هذه السيناريوهات هي سيناريوهات حول الدفاع عن الوطن وليس حول الهروب.. لا يوجد خيار للهروب في مثل هذه الحالات.. يجب أن أكون في مقدمة المدافعين عن هذا الوطن وهذه السيناريوهات الوحيدة التي كانت موجودة منذ اليوم الأول للأزمة حتى هذه اللحظة.
السؤال الرابع: هل تعتبرون أنكم ربحتم الحرب...
الرئيس الأسد..
هذه الحرب ليست حربي أنا لكي أربحها.. هي حربنا كسوريين.. وأعتقد بأن هذه الحرب كانت فيها /إذا صح التعبير/ مرحلتان.. المرحلة الأولى.. وهي ما خطط في البدايات وهو إسقاط الدولة السورية خلال أسابيع أو خلال أشهر.. الآن نستطيع أن نقول بعد ثلاث سنوات بأن هذه المرحلة فشلت، أي بمعنى أن الشعب السوري ربح هذه المرحلة، والتي كانت بعض الدول تهدف من خلالها إلى إسقاط الدولة للوصول إلى التقسيم، تقسيم سورية إلى دويلات متعددة.. هذه المرحلة بكل تأكيد فشلت وانتصر فيها الشعب السوري.. ولكن هناك مرحلة أخرى من المعركة وهي مرحلة مكافحة الإرهاب، وهذه المرحلة نعيشها اليوم بشكل يومي وكما تعلمون لم تنته بعد، فلا نستطيع أن نتحدث عن الانتصار بهذه المرحلة قبل أن نقضي على الإرهابيين.. نستطيع أن نقول بأننا بهذه الحالة أو في هذه المرحلة نحقق تقدماً.. نحن نسير إلى الأمام ولكن هذا لا يعني بأن النصر قريب.. هذا النوع من المعارك معقد.. ليس سهلاً.. وبحاجة لزمن طويل.. ولكن أؤكد وأكرر بأننا نحقق تقدماً، إلا أننا لا نستطيع أن نتحدث الآن عن أننا حققنا النصر.
السؤال الخامس: بالعودة إلى جنيف.. هل ستؤيدون أي دعوة تصدر عن المؤتمر لخروج جميع المقاتلين الأجانب من سورية بمن فيهم حزب الله...
الرئيس الأسد..
من البديهي أن يكون الدفاع عن سورية هو من مهام السوريين، والمؤسسات السورية، والجيش السوري بشكل خاص.. فلم يكن هناك حاجة لدخول أي مقاتل غير سوري، لو لم يكن هناك العشرات من الجنسيات التي تقاتل من خارج سورية والتي قامت بالاعتداء على المدنيين في لبنان وخاصة على الحدود السورية وعلى حزب الله.. عندما نتحدث عن خروج المقاتلين لا بد أن يكون هذا جزءاً من سلة متكاملة تهدف إلى خروج المقاتلين وتسليم كل المسلحين /حتى السوريين منهم/ سلاحهم للدولة السورية وبالتالي تحقيق الاستقرار، فمن البديهي أن يكون جوابي.. نعم خروج كل من هو غير سوري خارج سورية /لا أريد أن أقول هدف/ بل أحد عناصر الحل في سورية.
السؤال السادس: بالإضافة إلى تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في حلب.. ما هي المبادرات التي أنتم على استعداد لتقديمها في /جنيف2/...
الرئيس الأسد..
المبادرة السورية تم طرحها منذ عام بالضبط.. في كانون الثاني العام الماضي.. وهي مبادرة متكاملة فيها جانب سياسي وجانب أمني.. وفيها كل الجوانب التي تؤدي للاستقرار وكل تلك التفاصيل هي جزء من المبادرة التي طرحتها سورية سابقاً لكن أي مبادرة سواء كانت هذه المبادرة أو غيرها لا بد أن تكون نتيجة حوار بين السوريين.. فجوهر أي شيء نطرحه يتطلب موافقة السوريين عليه أو لا وهذا يبدأ بالأزمة وبموضوع مكافحة الإرهاب، وينتهي برؤية السوريين لمستقبل سورية السياسي، ولنوع النظام السياسي الموجود في سورية.. لذلك فقد كانت مبادراتنا هي عملية تسهيل لهذا الحوار، وليست وجهة نظر الحكومة السورية، بل كانت دائماً وجهة نظرنا أن أي مبادرة يجب أن تكون جماعية ومن قبل القوى السياسية في سورية والشعب السوري بشكل عام.
السؤال السابع: المعارضة التي ستشارك في جنيف منقسمة والعديد من الفصائل على الأرض يعتبر أنها لا تمثله.. اذا حدث هناك اتفاق بين الطرفين، كيف يمكن تطبيق هذا الاتفاق على الأرض...
الرئيس الأسد..
هذا السؤال الذي نسأله نحن كحكومة.. عندما أفاوض جهة ما من أفاوض... يفترض أن تكون في جنيف عدة أطراف.. نحن لا نعرف من سيأتي بعد.. فمن المفترض أن تكون هناك جهات مختلفة بما فيها الحكومة السورية.. الكل يعرف الآن بأن بعض هذه الأطراف التي قد تجلس معنا لم تكن موجودة بل وجدت خلال الأزمة من خلال أجهزة المخابرات الأجنبية سواء في قطر أو في السعودية، أو في فرنسا أو في الولايات المتحدة ودول غيرها.. عندما أجلس مع هؤلاء فأنا أفاوض تلك الدول.. فهل من المعقول أن تكون فرنسا جزءاً من الحل السوري، أو قطر أو أمريكا أو السعودية أو تركيا مثلاً.. هذا الكلام غير منطقي، فعندما نفاوض هذه القوى نحن نفاوض الدول التي تقف خلفها والتي تدعم الإرهاب في سورية.. ولكن هناك قوى أخرى معارضة سورية، لديها أجندة وطنية، هذه القوى يمكن أن نفاوضها /كما قلت قبل قليل/ حول ما هي الرؤية لمستقبل سورية.. يمكن لهذه القوى أن تشارك معنا في إدارة الدولة السورية، في الحكومة وفي المؤسسات المختلفة، ولكن أي شيء نتفق عليه مع أي طرف، سواء في جنيف أو في سورية لا بد أن يخضع للموافقة الشعبية وهذا يكون عبر استفتاء شعبي يشارك فيه المواطن السوري.
السؤال الثامن: في هذا الإطار.. هل اتفاقات الهدنة التي بدأتم بها في برزة والمعضمية ممكن أن تكون بديلاً لجنيف...
الرئيس الأسد..
ربما تكون هذه المبادرات أهم من جنيف، هذه الحقيقة.. لأن معظم القوى التي تقاتل والتي تقوم بعمليات إرهابية على الأرض هي ليست مرتبطة بأجندة سياسية.. البعض منها عصابات امتهنت السرقة، والبعض الآخر /كما تعلمون/ منظمات تكفيرية تسعى لإمارة إسلامية متطرفة وشيء من هذا القبيل. كل هذه القوى لا يعنيها جنيف، لذلك العمل المباشر مع هذه القوى والنماذج التي تم تحقيقها في المعضمية وفي برزة وفي مناطق أخرى من سورية، أثبتت جدواها في تلك المناطق، ولكن هذا الموضوع مختلف عن المسار السياسي الذي يتعلق بالمستقبل السياسي لسورية، هذه المصالحات تؤدي لإعادة الاستقرار ولتخفيف نزيف الدماء في سورية، ولكنها تأتي مقدمة للحوار السياسي الذي تحدثت عنه قبل قليل.
السؤال التاسع: سيدي الرئيس.. هل أنتم مستعدون في الحكومة المستقبلية الانتقالية أن يكون لكم رئيس وزراء من المعارضة...
الرئيس الأسد..
هذا يعتمد على من تمثل هذه المعارضة.. عندما تمثل هذه المعارضة أغلبية.. لنقل أغلبية في البرلمان مثلاً، فمن الطبيعي أن تترأس هي الحكومة.. أما أن نأتي برئيس وزراء من المعارضة وهو لا يمتلك الأكثرية فهذا مناقض للمنطق السياسي في كل دول العالم.. في بلدكم على سبيل المثال، لا يمكن أن يكون رئيس الوزراء هو من أقلية برلمانية، أو في دول كبريطانيا وغيرها.. فهذا يعتمد على الانتخابات المقبلة التي تحدثنا عنها في المبادرة السورية والتي ستحدد الحجم الحقيقي لقوى المعارضة المختلفة. أما المشاركة من حيث المبدأ، فنحن معها وهي شيء جيد.
السؤال العاشر: هل أنتم مستعدون مثلاً أن يكون رئيس وزرائكم المقبل أحمد الجربا أو معاذ الخطيب...
الرئيس الأسد..
هذا يعود بنا إلى نفس السؤال السابق.. هل يمثل أحد من هؤلاء الشعب السوري، أو جزءا من الشعب السوري... أو حتى هل يمثلون أنفسهم، أم يمثلون الدول التي صنعتهم... هذا يعيدنا إلى ما قلته قبل قليل.. كل واحد من هؤلاء يمثل الدولة التي صنعته، ومشاركة هؤلاء تعني مشاركة هذه الدول في الحكومة السورية.. هذه النقطة الأولى. أما النقطة الثانية.. لنفترض أننا وافقنا على مشاركة هؤلاء في الحكومة.. هل تعتقد بأنهم يجرؤون على المجيء إلى سورية لكي يشاركوا في الحكومة.
أنت تعلم بأنهم لايجرؤون. كانوا يتحدثون في العام الماضي أنهم يسيطرون على 70 بالمئة من سورية، ولكنهم لا يجرؤون على المجيء إلى الـ 70 بالمئة التي حرروها كما يدعون.. فهم يأتون إلى الحدود لمدة نصف ساعة ومن ثم يهربون من سورية.. فكيف يمكن أن يكونوا وزراء في الحكومة... هل يمكن أن يكون الوزير من الخارج... لذلك هذه الطروحات هي طروحات غير واقعية على الإطلاق، نستطيع أن نتحدث عنها بصيغة النكتة أو المزاح.
السؤال الحادي عشر: سيدي الرئيس.. قلتم إن الأمر يعتمد على نتائج الانتخابات، لكن كيف يمكنكم تنظيم هذا النوع من الانتخابات إذا كان جزء من أراضي سورية يقع تحت أيدي المسلحين...
الرئيس الأسد..
خلال هذه الأزمة، وبعد بدء الاضطرابات الأمنية في سورية قمنا بإجراء الانتخابات مرتين، مرة الانتخابات البلدية، وفي المرة الثانية الانتخابات البرلمانية.. طبعاً لا يمكن أن تكون عملية الانتخابات مشابهة للانتخابات التي تحصل في الظروف الطبيعية، ولكن الطرق بين المناطق في سورية مفتوحة، وكل الناس تستطيع أن تتحرك بين المناطق المختلفة.. فيستطيع الأشخاص الذين يتواجدون في مناطق ساخنة أن يأتوا إلى المناطق المجاورة القريبة ويقوموا بعملية الانتخاب.. يكون هناك صعوبات ولكنها ليست عملية مستحيلة، لا يوجد هناك أي مشكلة حول هذا الموضوع.
السؤال الثاني عشر: بما أن مقاتلي المعارضة يحاربون الآن /الجهاديين/ هل تميزون بين الاثنين...
الرئيس الأسد..
كان يمكن إعطاء إجابة عن هذا السؤال في بداية الأحداث أو في المراحل السابقة من الأزمة أما اليوم فأستطيع أن أقول بأن الجواب مختلف تماما لأنه لا توجد فئتان اليوم.. وكلنا يعلم أنه منذ أشهر قليلة قضت المنظمات الإرهابية المتطرفة الموجودة في سورية على آخر ما تبقى من المواقع التي كانت تتموضع فيها القوى التي كان يحاول الغرب أن يصورها على أنها معتدلة.. يسميها القوى المعتدلة أو العلمانية أو ما كان يسمى /الجيش الحر/.. هذه القوى لم تعد موجودة الآن.. نحن أمام جهة واحدة هي القوى المتطرفة وهذه القوى المتطرفة هي مجموعات مختلفة، وبالنسبة للمقاتلين الذين كانوا مع القوى التي تسمى معتدلة بالمنطق الغربي فمعظمهم أجبر على الدخول والانضمام إلى المنظمات المتطرفة بعامل الخوف أو البعض منهم انضم طوعاً من أجل الأموال لأن هذه المنظمات لديها الكثير من الأموال.. لكن بالمختصر نحن الآن نقاتل طرفاً واحداً هو المنظمات الإرهابية المتطرفة بغض النظر عن التسميات التي تراها في الإعلام الغربي.
السؤال الثالث عشر: إذاً من غير الممكن أن يحارب الجيش ومقاتلو المعارضة جنباً إلى جنب ضد /الجهاديين/...
الرئيس الأسد..
نحن نتعاون مع أي طرف يريد أن ينضم الى الجيش في قتال الإرهابيين، وهذا حصل سابقاً، فهناك كثير من المسلحين تركوا هذه المنظمات وانضموا إلى الجيش وقاتلوا معه.. فهذا ممكن، ولكن هي حالات فردية، لا يمكن أن نقول عنها بأن الجيش تحالف مع القوى المعتدلة ضد القوى الإرهابية.. هذه الصورة غير حقيقية، هي صورة وهمية يستخدمها الغرب فقط لكي يبرر دعمه للإرهاب في سورية، بأنه يدعم إرهاباً تحت ذريعة الاعتدال ضد إرهاب متطرف وهذا الكلام غير منطقي وغير صحيح.
السؤال الرابع عشر: الدولة تتهم المقاتلين باتخاذ المدنيين دروعاً بشرية في المناطق التي يسيطرون عليها لكن حين يقصف الجيش هذه المناطق ألا تعتبرون أنه يقتل أبرياء...
الرئيس الأسد..
الجيش لا يقوم بقصف مناطق، الجيش يضرب الأماكن التي يوجد فيها الإرهابيون بشكل عام في معظم الحالات يدخل الإرهابي إلى منطقة فيخرج المدني وإلا لماذا لدينا نازحون... معظم النازحين في سورية وعددهم بالملايين هم أشخاص نزحوا بسبب دخول الإرهابيين إلى مناطقهم وبالتالي لا يمكن أن يكون المدنيون موجودين مع المسلحين ولدينا كل هؤلاء النازحين.. الجيش يقاتل المسلحين الإرهابيين، وفي بعض الأحيان كانت هناك حالات قام بها الإرهابيون بأخذ المدنيين كدروع بشرية.. أما بالنسبة لسقوط المدنيين كضحايا فهذا للأسف يحصل في كل الحروب.. لا يمكن أن تكون هناك حروب نظيفة لا يسقط فيها ضحايا من الأبرياء المدنيين هذه هي طبيعة الحروب، لذلك الحل هو في إيقاف الحرب، لا يوجد أي حل آخر.
السؤال الخامس عشر: سيدي الرئيس.. هناك منظمات دولية اتهمت الحكومة كما اتهمت المعارضة بارتكابها للتجاوزات، هل أنتم مستعدون بعد وقف هذه الحرب أن يكون هناك تحقيق يجري حول هذه التجاوزات...
الرئيس الأسد..
تخيل أي منطق ذاك الذي يقول بأن الدولة السورية تقتل شعبها كما تقول هذه المنظمات وهناك عشرات من الدول تعمل ضد سورية ورغم كل ذلك ما زالت الدولة صامدة ثلاث سنوات، هذا الكلام غير منطقي.. لو كنت تقتل شعبك فالشعب سيقوم ضدك، لا يمكن لهذه الدولة أن تستمر لأكثر من بضعة أشهر وبعدها ستسقط.. أن تصمد ثلاث سنوات فهذا بسبب وقوف الشعب معها، فهل يمكن أن يقف الشعب معنا ونحن نقوم بقتله، هذا الكلام خارج عن الطبيعة وليس فقط خارجاً عن المنطق.. لذلك هذا الكلام الذي تقوله تلك المنظمات إما أنه يعبر عن جهلها بما يحصل في سورية أو أنها /أو بعض منها/ يقول هذا الكلام ضمن أجندة سياسية للدول التي تطلب منها أن تقول هذا الكلام، ولكن الدولة السورية دائماً تقوم بالدفاع عن المدنيين.. وكل الفيديوهات الموجودة الآن والصور تؤكد بأن من يقوم بارتكاب مجازر هم الإرهابيون الذين يقتلون المدنيين في كل الأماكن.. وهناك وثائق حول هذا الموضوع، ولكن هذه المنظمات لا يوجد لديها حتى وثيقة واحدة تثبت بأن الحكومة السورية قامت بارتكاب مجزرة ضد المدنيين في أي مكان منذ بداية الأزمة حتى اليوم.
السؤال السادس عشر: سيدي الرئيس نعلم أن هناك صحفيين أجانب اختطفتهم العصابات الإرهابية، هل هناك صحفيون أجانب في سجون الدولة...
الرئيس الأسد..
الأفضل أن تسأل الأجهزة المعنية والمختصة حول هذا الموضوع وهم سيعطونك الإجابة.
السؤال السابع عشر: هل المصالحة ممكنة يوماً ما بين سورية والسعودية وقطر وتركيا...
الرئيس الأسد..
السياسة تتبدل دائماً ولكنها تتبدل حسب شيئين.. المبادئ والمصالح.. هذه الدول التي ذكرتها لا تجمعنا معها المصالح.. هذه الدول تدعم الإرهاب، وهذه الدول شاركت في سفك الدماء في سورية.. أما بالنسبة للمصالح فهناك سؤال آخر يطرح.. هل يقبل الشعب السوري بأن يشارك هذه الدول المصالح بعد كل ما حصل، بعد كل الدماء التي سفكت في سورية.. لا أريد أن أجيب نيابة عن الشعب السوري.
إن رأى الشعب بأن لديه مصالح مع هذه الدول وفي الوقت نفسه قامت هذه الدول بتغيير سياساتها والتوقف عن دعم الإرهاب، فربما سيقبل الشعب السوري عندها أن تكون هناك عودة للعلاقات بيننا وبينها.. لكن لا أستطيع أنا فقط كرئيس أن أجيب نيابة عن كل الشعب السوري في مثل هذه الظروف.. هذا قرار الشعب.
السؤال الثامن عشر: استقبلتم سيدي الرئيس بمناسبة الرابع عشر من تموز في باريس، واستقبلتم في قصر الإليزيه.. وبالتالي هل أنتم الآن مستغربون لموقف فرنسا وهل تعتقدون أن فرنسا يمكن أن تعود للعب دور ما في سورية...
الرئيس الأسد..
لا.. أنا لست مستغرباً ولست متفاجئاً لأن هذا الاستقبال وتلك المرحلة ما بين عام 2008 وحتى بداية عام 2011 كانت محاولة استيعاب للدور السوري والسياسة السورية، وكلفت فرنسا بهذا الدور من قبل الولايات المتحدة عندما وصل ساركوزي للرئاسة، وكان هناك اتفاق بينهم وبين إدارة بوش حول هذه النقطة على اعتبار أن فرنسا هي صديقة قديمة للعرب ولسورية وهي أقدر على لعب هذا الدور.. وكان المطلوب في ذلك الوقت استخدام سورية ضد إيران وحزب الله وإبعادها عن فكرة دعم المنظمات المقاومة في منطقتنا.. فشلت هذه السياسة الفرنسية لأنها كانت مكشوفة.. وأتت ظروف ما سمي بالربيع العربي لكي تنقلب فرنسا على سورية بعد أن فشلت في تحقيق ما كانت وعدت الولايات المتحدة بأنها ستحققه، هذا هو سبب الموقف الفرنسي في ذلك الوقت وانقلابه في عام 2011.
أما بالنسبة للدور الفرنسي المستقبلي.. فلنتحدث بصراحة، على الأقل منذ عام 2001 لا توجد سياسة أوروبية، هذا إن لم نقل قبل ذلك حتى في التسعينيات.. لكن بعد عام 2001 وهجمات الإرهابيين في 11 أيلول في نيويورك، منذ ذلك الوقت لا توجد سياسة أوروبية، توجد فقط سياسة أمريكية لدى الغرب وتقوم بعض الدول الأوروبية بتنفيذها.. هذا ما حصل بكل القضايا التي مرت بها منطقتنا في العقد الماضي.. وحتى الآن نرى الشيء نفسه.. نرى بأن السياسات الأوروبية تأخذ الإذن من الولايات المتحدة قبل أن تقوم بتطبيقها أو أن الولايات المتحدة تكلف الدول الأوروبية بتنفيذ سياساتها.. فلا أعتقد بأن أوروبا وخاصة فرنسا التي كانت تقود في السابق السياسة الأوروبية.. لا أعتقد بأنها قادرة على لعب أي دور في المستقبل في سورية، وربما في الدول التي حولها، هذا سبب.. السبب الآخر هو أن المسؤولين الغربيين فقدوا مصداقيتهم.. هم مسؤولون يتبعون ليس المعايير فقط المزدوجة وإنما المعايير الثلاثية والرباعية.. فلديهم كل أنواع المعايير لكل حالة سياسية مختلفة.. فقدوا المصداقية.. باعوا المبادئ من أجل المصالح.. وبالتالي لا يمكن أن تبني معهم سياسة مستمرة.. فما يقومون به اليوم قد يقومون بعكسه غدا.. لذلك لا أعتقد أن فرنسا سيكون لها دور بالقريب العاجل حتى تبدل سياساتها بشكل كلي وبشكل جذري وحتى تكون دولة مستقلة بسياساتها كما كانت في الماضي.
السؤال التاسع عشر: باعتقادكم كم من الوقت يلزم لسورية حتى تتخلص تماماً من كل الأسلحة الكيميائية...
الرئيس الأسد..
هذا الموضوع يعتمد على مدى توفير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للمعدات الضرورية لسورية للقيام بهذه العملية.. هناك بطء في تأمين تلك المعدات هذا الجانب الأول.. الجانب الآخر كما تعلم عملية تفكيك المواد الكيميائية لا تتم داخل سورية ولا من قبل الدولة السورية وإنما دول متبرعة في أماكن مختلفة من العالم هي التي ستقوم بهذه العملية.. هناك دول توافق على القيام بتفكيك بعض المواد قليلة الخطورة وهناك دول ترفض كلياً هذا الشيء.. فإذاً الجدول الزمني مرتبط بتوفر هذين العاملين، الأول وهو لدى المنظمة والعامل الثاني هو لدى الدول التي ستقبل بأن تفكك هذه المواد على أراضيها.. لذلك لا تستطيع سورية أن تحدد جدولاً زمنياً لهذا الموضوع.. سورية قامت بواجبها بتحضير البيانات وبإدخال المفتشين الذين قاموا بتدقيق تلك البيانات وفحص المواد الكيميائية، والباقي كما قلت يرتبط بالدول الأخرى وليس بسورية.
السؤال العشرون: سيدي الرئيس.. ما الذي تبدل في حياتكم الشخصية واليومية أنت وأسرتك، هل يستوعب أطفالكم ما حدث، وهل تتحدثون إليهم بهذا الشأن...
الرئيس الأسد..
هناك أشياء لم تتبدل.. فأنا أذهب إلى العمل كما هي العادة، ونعيش في المنزل كما كنا نعيش سابقاً، والأطفال يذهبون إلى المدرسة، هذه الأشياء لم تتغير ومن جانب آخر هناك أشياء أصابت كل منزل سوري وأصابتنا نحن أيضاً، وهي الحزن الذي نعيشه بشكل يومي وفي كل ساعة لما نراه ونلمسه من خلال الآلام ومن خلال الضحايا التي سقطت في كل مكان وأصابت كل عائلة، ومن التخريب للمنشآت والمصالح والاقتصاد، كل هذه الأشياء أثرت علينا.. طبعاً لا شك بأن الأطفال يتأثرون أكثر من الكبار في مثل هذه الحالات.. ربما تكون هناك حالة من النضج المبكر لهذا الجيل الذي تكون وعيه خلال الأزمة.. هناك أسئلة يطرحها الأطفال لا يمكن أن تسمعها في الظروف العادية حول لماذا نرى هذه الأشياء... لماذا هناك أشرار بهذه الطريقة.. لماذا هناك قتلى... ليس من السهل أن تفسر للأطفال هذه الأشياء ولكنها تبقى أسئلة يومية وحديثاً يومياً بين الأهل وأبنائهم، ونحن واحدة من هذه العائلات التي تناقش نفس المواضيع.
السؤال الواحد والعشرون: خلال هذه السنوات، ما كان أصعب موقف عرفتموه...
الرئيس الأسد..
ربما ليس بالضرورة أن يكون موقفاً بمقدار ما هي حالة.. هناك عدة حالات، كان من الصعب على الشخص أن يستوعبها وما زال من الصعب أن نستوعبها.. أول حالة أعتقد هي الإرهاب.. مستوى الوحشية واللاإنسانية التي وصل إليها الإرهابيون والذي يذكرنا بما كنا نسمعه عن العصور الوسطى التي مرت بها أوروبا منذ أكثر من خمسة قرون.. يذكرنا بالعصر الحديث بالمجازر التي قام بها العثمانيون ضد الأرمن عندما قتلوا مليوناً ونصف مليون أرمني ونصف مليون من السريان الأرثوذكس في سورية وفي الأراضي التركية.. الجانب الآخر الذي من الصعب أن نفهمه هو مدى السطحية التي رأيناها لدى المسؤولين الغربيين في عدم فهم ما حصل في هذه المنطقة، وبالتالي كانوا غير قادرين على رؤية الحاضر ولا المستقبل.. كانوا دائماً يرون الأمور في الماضي ومتأخرة جداً وبعد أن يكون قد تجاوزها الزمن وأصبحت مراحل مختلفة تماماً عما تعيشه اليوم.. الجانب الثالث الذي أيضاً من الصعب أن نفهمه هو تأثير البترودولار على تغيير الأدوار على الساحة الدولية، فمثلاً تتحول قطر الدولة الهامشية إلى دولة عظمى، وتتحول فرنسا إلى دولة تابعة لقطر تنفذ السياسة القطرية وهذا ما نراه الآن بين فرنسا والسعودية.. كيف يمكن أن يحول البترودولار بعض المسؤولين في الغرب وخاصة في فرنسا إلى بائعين للمبادئ، يقومون ببيع مبادئ الثورة الفرنسية مقابل بضعة مليارات من الدولارات.. هذه بعض الأشياء وهناك أمور كثيرة مشابهة من الصعب أن يفهمها الإنسان ومن الصعب أن يقبلها.
السؤال الثاني والعشرون: بدأت محاكمة المتهمين في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري هل تظنون أنها ستكون محاكمة عادلة...
الرئيس الأسد..
نحن نتحدث عن تسع سنوات من عمر هذه المحاكمة.. هل كانت عادلة... كل مرة كانوا يتهمون طرفاً لأسباب سياسية.. حتى في الأيام القليلة الماضية لم نر أي دليل حسي قدم حول الجهات التي تورطت في هذه القضية.
لكن السؤال الآخر.. ما هو سر هذا التوقيت.. عمر هذه المحاكمة تسع سنوات.. هل ما قدم منذ أيام كشف فقط في هذه المرحلة.. أعتقد بأن كل ما يحصل هو مسيس وهدفه الضغط على حزب الله في لبنان كما كان في البداية هدفه الضغط على سورية بعد اغتيال الحريري مباشرة.
السؤال الثالث والعشرون: قلتم إن الحرب ستنتهي حين يتم القضاء على الإرهاب، لكن السوريين والجميع يريدون أن يعرفوا متى ستنتهي هذه الحرب، بعد أشهر.. بعد سنة.. بعد سنوات...
الرئيس الأسد..
جزء من هذا الموضوع نتمنى أن يجيب عنه مؤتمر جنيف.. عندما يقوم مؤتمر جنيف بالضغط على هذه الدول، وهذا جزء لا يرتبط بسورية لأنه لو كان الوضع مرتبطاً بسورية لقمنا منذ اليوم الأول بالضغط على تلك الدول ومنع دخول الإرهاب، ولكن نحن بالنسبة لنا عندما يتوقف دخول هذا الإرهاب فالموضوع لن يستغرق أكثر من بضعة أشهر.
التعاون الأمني لا يمكن أن ينفصل عن التعاون السياسي، والتعاون السياسي لا يمكن أن يتم عندما تقوم دول بأخذ مواقف سياسية معادية لسورية
السؤال الرابع والعشرون: يبدو أن الاستخبارات الغربية تريد إعادة فتح قنوات مع دمشق لطلب تعاونكم في مجال محاربة الإرهاب.. هل أنتم مستعدون لذلك...
الرئيس الأسد.. حصلت عدة لقاءات مع أكثر من جهاز مخابرات لأكثر من دولة ولكن كان جوابنا بأن التعاون الأمني لا يمكن أن ينفصل عن التعاون السياسي، والتعاون السياسي لا يمكن أن يتم عندما تقوم هذه الدول بأخذ مواقف سياسية معادية لسورية.. هذا كان جوابنا بشكل واضح ومختصر.
السؤال الخامس والعشرون: قلتم في السابق إنه حصلت أخطاء من جانب الدولة.. ما هي الأخطاء التي كان يمكن تفاديها بنظركم...
الرئيس الأسد..
أنا قلت.. إن أي عمل يمكن أن تكون فيه أخطاء ولم أحدد ما هي الأخطاء.. وتحديد هذه الأخطاء لا يمكن ان يكون موضوعياً إلا عندما نتجاوز الأزمة ونعيد تقييم ما مررنا به، عندها نستطيع أن نرى تلك الأخطاء بشكل موضوعي.. أما تقييمها ونحن في قلب الأزمة فسيكون تقييماً قاصراً.
السؤال السادس والعشرون: سيدي الرئيس.. دون دعم روسيا وإيران والصين هل كنتم ستصمدون في وجه ما أعلن ضدكم من حروب...
الرئيس الأسد..
هذا السؤال افتراضي فلا نستطيع أن نجيب عنه لأننا لم نجربه بالشكل الآخر.. الواقع الآن يقول بأن الدعم الروسي والصيني والإيراني كان دعماً هاماً وساهم في صمود سورية في هذه الفترة.. ربما لو لم يكن هناك هذا الدعم لكانت الأمور أصعب بكثير ولكن كيف.. من الصعب أن نرسم صورة لشيء افتراضي الآن.
السؤال السابع والعشرون: بعد كل ما حدث هل يمكن أن تتخيلوا رئيساً آخر يقوم بعملية إعادة إعمار البلاد...
الرئيس الأسد..
عندما يرغب الشعب السوري بهذا الشيء لا يوجد أي مشكلة.. أنا لست من النوع المتمسك بالسلطة.. بكل الأحوال إذا لم يكن الشعب السوري يرغب بوجودي كرئيس، فمن البديهي أن يكون هناك رئيس آخر، فلا توجد لدي مشكلة نفسية تجاه هذا الموضوع.
شكراً جزيلاً سيادة الرئيس
إضافة تعليق جديد