أمير في «جبهة النصرة» عضو في «نادٍ أدبي»!
سرعة كبيرة، تمكن السعودي سلطان بن عيسى العطوي من أن يصل إلى موقع كبير داخل «جبهة النصرة»، ليصبح أحد أبرز القادة «الشرعيين» فيها، إلى جانب أبو حسن الكويتي وتركي الأشعري الذي قُتل منذ أيام في ريف حماه.
ورغم أن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن العطوي وصل إلى سوريا منتصف العام 2013 فقط، فإنه لم يمض الوقت الكافي ليتدرج صعوداً في المواقع كما هو معتاد.
كما أن العطوي كان يحتاج إلى تأهيل طويل، خصوصاً لاستلام منصب «شرعي»، كما تشير إلى ذلك اهتماماته قبل «النفير للجهاد» فهو لم يكن ملتزماً دينياً، وكانت تغلب عليه الميول الأدبية، حيث كان عضواً فاعلاً في «نادي تبوك الأدبي»!
ولكن يبدو أن العطوي، لسبب أو لآخر، استطاع أن يقفز من مجرد «نافر جديد» إلى استلام منصب «أمير شرعي» في «جبهة النصرة»، ويصبح أحد أبرز «الأمراء الشرعيين» وأكثرهم نشاطاً، لا سيما بعد الحرب الأخيرة التي تقودها الفصائل الإسلامية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في الشمال السوري.
وتشير معلومات الى أن سلطان بن عيسى العطوي كان كذلك عضواً في هيئة تبوك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يناقض ذلك أن يكون غير ملتزم دينياً، لأن وجوده في الهيئة كان بأمر من أمير منطقة تبوك فهد بن سلطان بن عبد العزيز، حيث كان العطوي يقوم بدور ممثل الأمير في الهيئة وينفذ أوامره بحرفيتها. ومن يعرف العطوي لا يذكره إلا بعلاقته مع الأمير فهد، وكيف أنه كان يستقوي على الضعيف والفقير ويكيل لهما العقوبات، ولا يبالي أن يكون تصرفه هذا فيه ما فيه من اختراق لتعاليم الإسلام وأحكامه، فكان همه الأوحد أن «يرضى عنه الأمير».
وفي هذا السياق، فإن عبدالله الوهيط، وهو سعودي، أزعجه الدور الذي يقوم به العطوي في حرب «الجهاديين» ضد بعضهم البعض، حيث اعتبر انه يزيد اشتعال الفتنة، وقال عنه على حسابه على «تويتر»، إن «سلطان العطوي كان في هيئة تبوك يأخذ توجيهاته من ولي أمره فهد بن سلطان، ويمجد سيده (وزير الداخلية السعودي الراحل) نايف، وهو مخبر لهم الآن»، في إشارة منه إلى وجود علاقة بين قيادة «جبهة النصرة» وبعض الأمراء السعوديين، وأن بعض قيادات «النصرة» مثل العطوي يرفعون تقارير بما يجري على أرض الشام إلى أمرائهم.
أما تمجيد العطوي لنايف، كما قال الوهيط، والمقصود الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز، فالقصة تتعلق بمقالة كتبها العطوي منتصف العام 2012 بعنوان «الديكتاتورية الليبرالية» ترحّم فيها على الأمير نايف وأشاد به وبمكانته، حيث كتب في المقالة عن موقف الأمير من وسائل الإعلام «الليبرالية»، «ورحم الله الأمير نايف حين وجه قوله لصحيفة مشهورة قائلا: أنتم لكم توجهات غريبة! فما وجدت تلك المقولة قبولا بين ليبراليينا، فغصّ بها كتابها ومنظّروها؟ وكان أحسنهم حالا وأمثلهم طريقة يؤل المقولة ويحوّرها. مع أن قائلها هو هو في مكانته».
جميع هذه المعطيات ترسم علامات استفهام كبيرة على قصة سلطان بن عيسى العطوي ووصوله إلى الأراضي السورية، ومن ثم استلامه بسرعة قياسية إمرة «شرعية» في «جبهة النصرة»، لا سيما أن من أشهر أدبيات «جبهة النصرة»، حسب المعلن، هو «تكفير الطواغيت، وعلى رأسهم طواغيت آل سعود». فكيف استطاع العطوي، رغم علاقته بالأمير فهد بن سلطان، وامتداحه وتبجيله للراحل نايف، أن يصبح «أميراً» في هذه الجبهة؟ ولماذا يتهمه الوهيط بأنه يعمل مخبراً؟
أسئلة قد لا تجد أي جواب عنها، قبل مرور وقت طويل وانكشاف حقيقة العلاقة بين السعودية وبعض التنظيمات «الجهادية» التي تتكاثر كالفطر فوق الأراضي السورية، فهل هي عدو لها كما تقول بعض الروايات، أم أنها مجرد داعم، أم ربما أكثر من ذلك؟
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد