قوات الجيش اللبناني تدخل عرسال والجنرال عون يبدأ التكويع طلبا لكرسي الرئاسة
وسط ترحيب من الأهالي، دخلت القوى الأمنية بلدة عرسال بعد فتح الطريق إليها، ونفذت انتشاراً في شوارعها، وصولاً إلى الجرود التي يستخدمها الإرهابيون في إدخال السيارات المفخخة.
وتواكبت هذه الخطوة، مع اجتماع أمني في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وحضور رئيس الحكومة تمام سلام، ووزيري الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية. وبحث المجتمعون في الوضع الأمني عموماً، ولا سيما في منطقتي عرسال وطرابلس، وفي المتطلبات اللازمة لتمكين القوى الأمنية من القيام بواجباتها في ضبط الوضع الأمني.
وتركز البحث على ضرورة معالجة وضع طرابلس وإنهاء الاشتباكات في شكل جذري، وخلصت المداولات إلى وضع خطة أمنية لطرابلس بقيادة الجيش وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية كافة. وأشارت المعلومات إلى أن سلسلة اجتماعات ستعقد على مستوى رفيع، بدءاً من اليوم، من أجل وضع تصور لخطة أمنية شاملة لعاصمة الشمال. ومن المفترض أن تنهي الأجهزة الأمنية تصورها خلال أيام معدودة لعرضه على الحكومة كي تتخذ القرار النهائي في شأن معالجة وضع طرابلس. كذلك جرى البحث في معالجة المشكلات في البقاع الشمالي. وأكّد المجتمعون توفير الغطاء السياسي للجيش والأجهزة الأمنية. وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق، إن على الجيش والأجهزة الأمنية أن تتعاون معاً لوضع خطة أمنية، ونحن مستعدون لمنحها الغطاء اللازم لعملها، سواء في «مربّع الموت في البقاع»، أو في طرابلس. وأضاف المشنوق: «على المؤسسات الأمنية والعسكرية أن تشرح لنا ما يجب فعله على كافة الصعد، لنعرف إلى أين سنمضي معها».
وكان لافتاً ما أبلغه المشنوق إلى عدد من حاضري الاجتماع أمس، عن كون أحد أبرز المطلوبين في عرسال، الشيخ مصطفى الحجيري، المعروف بـ«أبو طاقية»، قد غادر عرسال إلى جهة مجهولة. وأكّدت مصادر أمنية هذا الأمر، لافتة إلى أن الرجل يقود مجموعة مسلحة هي بمثابة «اللواء اللوجستي» لمجموعات «جبهة النصرة» و«داعش» و«كتائب عبد الله عزام» على طرفي الحدود اللنبانية ـــ السورية قرب عرسال. وتتألف مجموعته من نحو 200 شخص مسلحين بمعظمهم، يعمل بعضهم في أعمال إغاثة النازحين السوريين انطلاقاً من مسجد ومستوصف يديرهما الشيخ مصطفى. كذلك تضم المجموعة في صفوفها معظم من سببوا خلال السنوات الماضية مشكلات أمنية في عرسال ومحيطها، ومعظم المتورطين في أعمال الإرهاب الذين انطلقوا من عرسال أو مروا بها. ففي سجلات الأجهزة الأمنية، تتردد أسماء مصطفى الحجيري وأفراد من مجموعته كأبرز المطلوبين في قضايا تفجير سيارات وقتل وإطلاق الصواريخ على قرى لبنانية في البقاع الشمالي. وتصنّف الاستخبارات الأميركية «أبو طاقية» كأحد رموز تنظيم «القاعدة» في لبنان. وقالت المصادر إن «أبو طاقية» اختفى من عرسال بعدما وردته رسالة من جهة رسمية لبنانية تنصحه بمغادرة عرسال؛ «لأن قرار ضبط الأمن فيها لا يحتمل التراجع، وأن مصيره بات على المحك». ورغم ما تقدّم، تؤكد مصادر أمنية أن الرجل لا يزال في عرسال، لكنه توارى عن الأنظار، علماً بأنه كان قد قال لرئيس بلدية عرسال علي الحجيري قبل نحو 10 أيام: «سأذهب إلى الجرد».
ودخلت قوة كبيرة مؤللة من فوج المجوقل في الجيش، والقوة الضاربة في قوى الأمن الداخلي، بلدة عرسال بعد فتح الطريق إليها في محلة «عين الشعب». واستقبل الأهالي القوى الأمنية بنحر الخراف ونثر الأرز، فيما نفّذ تلامذة المدارس مسيرة في ساحة البلدة تأييداً لهذه الخطوة ودعماً للجيش، رافعين لافتات كتب عليها «نحن مش إرهابية». وناشد مخاتير عرسال الجيش التوجّه بكثافة إلى الجرود وضبط الحدود بشكل كامل، علماً بأن هذا الأمر مقرر في خطة الجيش. وأوضح مصدر أمني أن انتشار الجيش في جرود البلدة هو «لمنع تسلل الإرهابيين من قرى القلمون السورية من جهة، وضبط السيارات المفخخة التي تعبر جرود عرسال عبر طرقاتها الفرعية من جهة ثانية». وعلمت «الأخبار» أن وزارة الداخلية ومديرية قوى الأمن الداخلي أصدرت مذكرة باستحداث فصيلة لهذه القوى في عرسال، بإمرة المقدم بشارة نجيم ويساعده الرائد عماد بيضون، لكن مباشرة عمل الفصيلة تنتظر توفير مبنى مناسب لها. وأقام الجيش حواجز ثابتة في البلدة دققت في السيارات وهويات المارة. وأفيد بأن الجيش أوقف على حاجز وادي الشعب 15 سورياً دخلوا الأراضي اللبنانية بأوراق مزورة، من بينهم عناصر من «جبهة النصرة».
وأشاد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري في بيان، باستقبال الأهالي للجيش، وطالب بـ«تطبيق القانون على الجميع دون استثناء». وأكد الاستعداد لدعم الجيش في «كل ما يطلب منا لتوقيف المسلحين الخارجين عن القانون»، مؤكداً عدم تغطيته أحداً من المسلحين «مهما علا شأنه». وقال: «من يرد دعم الثورة فهناك في سوريا مناطق القتال، عليه الذهاب إلى هناك، لا أن يرمي الصواريخ على البلدات المجاورة. لا نريد مسلحين في عرسال والمسلح القبضاي عليه الذهاب إلى سوريا».
وانعكس انتشار الجيش في عرسال ارتياحاً في بلدة اللبوة وتفاؤلاً بتخليصها من الصواريخ والسيارات المفخخة. إلا أن التفاؤل سرعان ما تبدد إثر سقوط صاروخي «غراد» في محلة وادي الخنازير بين القاع والهرمل، سقط أحدهما على مقربة من مستشفى الهرمل الحكومي. كذلك استُهدفت بلدة بيت شاما في غربي بعلبك، للمرة الأولى، بصاروخي غراد، مصدرهما ــ بحسب مصادر أمنية ــ سرغايا السورية شمالي العاصمة دمشق بالقرب من الزبداني.
وفي سياق متصل، أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنه بنتيجة التحقيق مع خمسة أشخاص من الجنسية السورية كانوا قد دخلوا خلسة إلى لبنان، اعترف الموقوفون بانتمائهم إلى شبكة إرهابية نقلت سيارة مفخخة لمصلحة جبهة النصرة من نوع «بيك - آب» من بلدة يبرود السورية إلى جرود بلدة عرسال، وأحيل الموقوفون على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر لاستكمال الإجراءات القضائية وفقاً للأصول.
في مجال آخر، شيع أمس جثمان حسام الشوا لذي سقط مساء أول من أمس خلال محاولة الجيش فتح طريق قصقص، بعد أن قطعه عدد من الشبان تضامناً مع أهالي عرسال. وتخلل التشييع إطلاق نار كثيف في الطريق الجديدة، كذلك قطع شبان طريق المدينة الرياضية وقصقص حتى نهاية التشييع.
إلى ذلك، أعلن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، في حديث تلفزيوني، أنه «مع انسحاب كل المسلحين من سوريا، وخصوصاً العرب». ورأى أنه «قد يكون حزب الله تدخل لحماية نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقد يكون تدخل لحماية نفسه».
وأكد أن هناك احتمالاً جدياً لترشحه إلى رئاسة الجمهورية. لكنه شدد على أنه يرفض «كل شيء يؤدي إلى صدام لبناني - لبناني حتى لو كلفني هذا الرفض عدم الوصول إلى الرئاسة».
الأخبار اللبنانية
إضافة تعليق جديد