الجعفري: ما يجري في عين العرب يؤكد ضلوع الحكومة التركية في مذابح داعش
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن الحكومة السورية تدين بأشد العبارات استخدام السلاح الكيميائي وتعتبره جريمة بغيضة تخضع لمبدأ المساءلة وتؤكد تأييدها الكامل للتوجه العالمى نحو بناء مجتمع دولي خال من استعمال القوة والتهديد بها يقوم على مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة المرتكزة على العدل والمساواة في السيادة وعلى السلام بين الأمم والشعوب.
وقال الجعفري في كلمة له أمس أمام اللجنة الأولى حول نزع السلاح والأمن الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة إنه وانطلاقا من قناعة الحكومة السورية بأن استخدام أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة الكيميائية هو أمر مرفوض وغير أخلاقي ومدان وبناء على إيمانها الراسخ بالسعي نحو إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها الأسلحة النووية ولتثبت للعالم كله التزامها بالوقوف ضد أي استخدام للأسلحة الكيميائية فقد انضمت سورية إلى اتفاقية حظر استحداث وصنع وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدمير تلك الأسلحة للعام 1992.
وأضاف الجعفري لقد قامت سورية بالوفاء بالتزاماتها الناتجة عن انضمامها للاتفاقية وأنجزتها بنجاح رغم الظروف الصعبة للغاية كما أنها ملتزمة بتنفيذ أحكام الاتفاقية كاملة وفي إطار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كدولة طرف في الاتفاقية.
وبين الجعفري أنه لولا التعاون السوري مع البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة لما تم إنجاز مهام هذه البعثة حيث عبر العديد من المسؤولين الأمميين وفي مقدمتهم المنسق الخاص للبعثة المشتركة سيغريد كاغ عن ارتياحهم وامتنانهم للتعاون المثمر والبناء للحكومة السورية ما أدى إلى إنجاز عمل غير مسبوق في تاريخ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأوضح الجعفري أن الحكومة السورية توءكد تأييدها الكامل للتوجه العالمي نحو بناء مجتمع دولي خال من استعمال القوة والتهديد بها.. عالم يقوم على مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة المرتكزة على العدل والمساواة في السيادة وعلى السلام بين الأمم والشعوب.
وأضاف الجعفري نؤكد اليوم مجددا استعدادنا للمشاركة في أي جهد دولي صادق يسعى إلى تحقيق تلك الأهداف النبيلة المنشودة فعالمنا يواجه تحديات كثيرة يأتي في مقدمتها خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل ولا سيما الأسلحة النووية منها.
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أنه وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على إبرام معاهدة عدم الانتشار النووي أصبح من الضروري أن تمتثل الدول النووية لموجب المادة السادسة من معاهدة عدم الانتشار للعمل جديا على نزع السلاح النووي وإنهاء ظاهرة استثناء “إسرائيل” من عالمية نزع السلاح النووي.
وقال الجعفري تؤكد الحكومة السورية على الحق غير القابل للتصرف للدول الأطراف في معاهدة عدم الانتشار وفقا لأحكام المادة الرابعة منها بالحصول على التكنولوجيا النووية وتطويرها وتوظيفها للاغراض السلمية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما تعارض في الوقت ذاته أي محاولة لتفسير النصوص بشكل ينتقص من هذا الحق أو يقيد استخدامه.
وأشار الجعفري إلى أن مؤتمر نزع السلاح هو المحفل التفاوضي الوحيد متعدد الاطراف لبحث قضايا نزع السلاح وقال إنه من الأهمية بمكان احترام أنظمة المؤتمر وقواعده الإجرائية التي تشكل أساسا لا بد منه لنجاح أي عمل قد يتم التوافق عليه ونؤكد في هذا الصدد على ضرورة أن يعتمد المؤتمر برنامج عمل متوازنا وشاملا يتضمن تشكيل هيئات فرعية للتفاوض بشأن برنامج لإزالة الأسلحة النووية إزالة كاملة وفقا لبرنامج زمني محدد وملزم وغير مشروط إضافة إلى التفاوض لوضع صك عالمي ملزم قانونيا وغير مشروط يهدف إلى توفير ضمانات أمن سلبية للدول غير الحائزة الأسلحة النووية بعدم استخدام هذه الأسلحة أو التهديد باستخدامها ضدها وكذلك التفاوض حول منع سباق التسلح في الفضاء الخارجي وحظر إنتاج المواد الانشطارية.
وأكد الجعفري أن الواقع الحالي في عالمنا بخصوص ظاهرة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والخفيفة يظهر انخراط بعض الدول الكبرى والصغيرة على حد سواء المنتجة منها وغير المنتجة في نقل الأسلحة الصغيرة والخفيفة إلى التنظيمات الإرهابية والعناصر من غير الدول بهدف إذكاء الأزمات وتقويض استقرار دول بعينها.
واعتبر الجعفري أن الأعمال الإرهابية التي ترتكبها تنظيمات إرهابية متطرفة في سورية ما كانت لتحصل لولا الدعم بالسلاح والمال والتدريب والإيواء الذي تتلقاه تلك التنظيمات من دول عربية وإقليمية ودولية باتت معروفة للجميع في انغماسها في العمل الإرهابي فوق الأراضي السورية.
وقال الجعفري إن أحد أهم مشاغلنا فيما يتعلق بمعاهدة تجارة الأسلحة كان الاعتراض على عدم إدراج لغة صريحة في المعاهدة تنص على الحظر القطعي لتوريد الأسلحة للعناصر من غير الدول والتنظيمات الإرهابية المسلحة وقد اثبتت الوقائع التي نشهدها اليوم في سورية وفي عدد من دول المنطقة وخارجها صحة مشاغلنا حول المعاهدة المذكورة حيث أن وصول الأسلحة للتنظيمات الإرهابية والتي يحلو للبعض وصفها بأنها عناصر فاعلة من غير الدول قد قوض الاستقرار والأمن الاقليميين كما حدث مؤخرا في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل.
وأضاف الجعفري إن التقرير الثاني الذي صدر عن بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق في ادعاءات استخدام الكلور في سورية وهو الاستخدام الذي أدانته الحكومة السورية بشدة لا يزال قيد النقاش في المجلس التنفيذي للمنظمة وفيه الكثير من الثغرات الهيكلية وهو بحد ذاته تقرير فني بحت من الواجب معالجته ضمن إطار منظمة الحظر حصرا.
وقال الجعفري على الرغم من ذلك فقد استخدم عدد قليل من الدول هذا التقرير للتشهير بسورية وهو أمر ليس في مكانه ولا يخدم مصداقية عمل منظمة الحظر ونتمنى عدم تسييسه درءا للتأثير على مصداقية منظمة الحظر على غرار ما حصل في السابق من تأثير على مصداقية معاهدة عدم الانتشار النووي.
وبين الجعفري أن بعض الدول لا تزال تتمادى في حمايتها للممارسات الوحشية واللا إنسانية لتنظيمي “داعش وجبهة النصرة” الإرهابيين وغيرهما من التنظيمات الإرهابية وتزودها بمختلف صنوف الأسلحة ومنها السلاح الكيميائي التي قامت باستخدامه ضد الشعب السوري وعناصر الجيش العربي السوري في أكثر من مناسبة.
وقال الجعفري إننا لا نزال نشهد إصرار الدول الداعمة للإرهاب في سورية على توجيه اتهامات باطلة ولا أساس لها من الصحة للحكومة السورية متناسية التقارير الكثيرة التي تشير إلى تورطها هي وبالأخص نظاما الحكم في تركيا والسعودية بشكل مباشر في تزويد تلك التنظيمات الإرهابية بالسلاح الكيميائي إضافة لغيره من أدوات القتل والإجرام.
وأضاف الجعفري إن الحكومة السورية تطالب بمساءلة جميع الدول التي تمد مختلف التنظيمات الإرهابية في سورية بمختلف صنوف الأسلحة وذلك استنادا إلى القرارات الدولية ذات الصلة مذكرا في هذا الصدد بأن الحكومة التركية قد أنشأت 106 من التنظيمات الإرهابية التي تنشط في سورية كما أنها أنشأت أيضا ما يسمى “الجيش السوري الحر” فوق الأراضي التركية ثم دعمته وسلحته ودربته قبل إطلاق عناصره الإجرامية داخل سورية.
وتابع الجعفري لقد كان حريا بالحكومة التركية وبمقتضى قواعد حسن الجوار بين الدول والعلاقات التاريخية بين الشعبين التركي والسوري أن تمد يد المساعدة إلى سورية لتجاوز الأزمة إلا أن هذه الحكومة التركية التي تستلهم نفس أيديولوجية الفكر الديني المتطرف للتنظيمات الإرهابية المسلحة قد شكلت إحدى قواعد الإسناد الرئيسية لهذه التنظيمات الإرهابية وما يجري في هذه اللحظة في منطقة عين عرب الحدودية يؤكد ضلوع الحكومة التركية في المذابح التي يقوم بها تنظيم “داعش” الإرهابي بحق المواطنين السوريين في تلك المنطقة.
وقال الجعفري إن الحكومة السورية تجدد دعوتها الدول الأعضاء للعمل على اخلاء منطقة الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل وأذكر في هذا الإطار بالمبادرة التي كانت سورية قد طرحتها نهاية عام 2003 خلال عضويتها في مجلس الأمن وتدعو المجلس إلى اعتمادها.
وأضاف الجعفري تؤكد الحكومة السورية أن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل غير قابل للتحقيق من دون انضمام “إسرائيل” القوة النووية الوحيدة في المنطقة إلى كل معاهدات حظر هذه الأسلحة وإخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك بعيدا عن أي قراءة استنسابية ومن دون شروط مسبقة وعلى قدم المساواة مع بقية الدول الأعضاء في كل من الأمم المتحدة ومعاهدة عدم الانتشار النووي.
وتابع مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إن قيام بعض الدول النووية وبعضها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن بتزويد “إسرائيل” بالتكنولوجيا النووية المتطورة على مدى عقود من الزمن واستمرار هذه الدول في حماية الاستثناء النووي الإسرائيلي بشكل يخالف التزامات تلك الدول وفقا لاحكام معاهدة عدم الانتشار قد أتاح لـ “إسرائيل” تصنيع وإنتاج أسلحة نووية ووسائل ايصالها بما يهدد أمن وسلامة منطقة الشرق الأوسط برمتها ويتجاوزها أيضا.
ولفت الجعفري إلى أن معظم دول العالم كانت تتطلع إلى انعقاد ونجاح المؤتمر الخاص بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط والذي كان من المقرر عقده نهاية عام 2012 في العاصمة الفنلندية هلسنكي.
وقال الجعفري إن إعلان “إسرائيل” في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال شهر أيلول عام 2012 عدم المشاركة في المؤتمر المذكور قد أدى إلى إفشاله وإلى تفريغ كل الجهد الدولي المبذول في مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار في العام 2010 من محتواه وكأن البعض يريد أن يعطي الانطباع بأن عقد هذا المؤتمر يجب تفصيله على مقاسات “إسرائيل” ومصالحها بدلا من إرغامها على المشاركة في المؤتمر الرامي لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل الأخرى.
ودعا الجعفري الدول الأعضاء إلى تحمل مسؤولياتها في وقف تهريب الأسلحة بكل فئاتها سواء كانت قاتلة أم غير قاتلة والمسلحين والإرهابيين عبر حدود الدول المجاورة لسورية محذرا من أن آفة الإرهاب سترتد على تلك الدول عاجلا أم آجلا لافتا إلى الإرهاب الذي يضرب تركيا الآن.
سانا
إضافة تعليق جديد