إسرائيل تتأهب كأن الحرب واقعة اليوم ونصرالله يعلن «الموقف ـــ الموقف» الأسبوع المقبل
عزّز الجيش الإسرائيلي في الأيام الماضية قواته بشكل «تظاهري» على الحدود مع لبنان، في محاولة لتوجيه رسالة استعداد مزدوجة إلى كل من الداخل والخارج. وفي الوقت نفسه، تواصلت الانتقادات لأداء هذا الجيش والقيادة السياسية الإسرائيلية بشأن قرار الغارة على «مزرعة الأمل» قرب القنيطرة، والتي زادت التوقعات باحتمال تدهور الوضع الأمني وربما الانزلاق إلى حرب.
وفي بلاغ رسمي قصد منه تخفيف حالة الذعر التي أصابت المستوطنين في المستوطنات الحدودية الشمالية مع لبنان، قال الجيش الاسرائيلي إن تعزيزات كبيرة أرسلت إلى الحدود وإن تواجد الجيش داخل المستوطنات «سوف يتكثف».
ترافق ذلك مع تعزيز الجيش الإسرائيلي قواته، فأرسل في البداية بطاريات الدفاع ضد الصواريخ من طراز «القبة الحديدية»، ثم أتبعها بإرسال قوات مؤللة ومدرعة ووحدات خاصة. كما تقرر تعزيز الجبهة بالمدفعية وبقوات المشاة، فضلا عن رفع مستوى التأهب في سلاح الجو وتقصير أزمنة رد طائرات سلاح الجو.
وخلافا للتصرفات المباشرة ما بعد غارة القنيطرة، والتي أوحت فيها قيادة الجبهة الشمالية أنها تتصرف كالمعتاد، وأنها لم تصدر أية تعليمات خاصة، وأن التحركات كانت في إطار المناورات، فإن الإعلان الرسمي عن تعزيز القوات عزز المخاوف من وجود تقديرات باحتمال تدهور الوضع. وتحدث إعلان الجيش بوضوح عن «تكثيف» القوات داخل المستوطنات الشمالية، وهو أمر يقصد به في العادة تعزيز الشعور بالأمان لدى سكان هذه المستوطنات. لكن هذه المرة ربما يرتبط تعزيز القوات داخل المستوطنات أيضا بدوافع عملياتية، بعدما صار مفترضا أن بوسع «حزب الله» الهجوم برا ومحاولة احتلال إحدى المستوطنات الشمالية.
والواقع أن تعزيز القوات لم يتم فقط قبالة الحدود مع لبنان، وإنما أيضا في البحر، حيث كثف الجيش الإسرائيلي منظومات الدفاع عن منصات استخراج الغاز في الحقول البحرية. وكانت أجهزة استخبارات غربية قد قدرت أن ضرب منصات استخراج الغاز قد يكون خياراً مفضلاً من جانب «حزب الله» وإيران، وأن صواريخ «ياخونت» الروسية التي يعتقد بامتلاك «حزب الله» لها قادرة على تحقيق إصابات مباشرة بدقة.
وفي إطار حالة التأهب المعلنة، ألغى رئيس الأركان الاسرائيلي الجنرال بني غانتس زيارة له الى العاصمة البلجيكية للمشاركة في مؤتمر رؤساء أركان حلف «الناتو». كما قرر قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال أمير ايشل إلغاء سفره في مهمة عمل الى الخارج.
وكان ضباط الأمن في المستوطنات الشمالية قد اجتمعوا بشكل طارئ لبحث الاستعدادات لمواجهة سيناريوهات مختلفة للتصعيد. واعترف رئيس الطاقم الأمني ومدير عام بلدية كريات شمونه، العقيد أشكول شوكرون أن «هناك الكثير من المخاوف في المنطقة والسكان متوترون، خصوصا وهم يرون تعزيز قوات الجيش وإغلاق الطرق على طول الحدود. وقد بعثنا رسائل أن كل هذه تحركات روتينية وهذه هي تعليمات الجيش. لكن التحدي لدينا هو طمأنة الناس وعدم توتيرهم، وإلى جانب ذلك القيام بالخطوات الداخلية لتعزيز الجهوزية، وشد الاهتمام، حتى لا نفاجأ في ساعة الحقيقة».
وتتحدث الأوساط العسكرية الإسرائيلية عن «هدوء مدوّ» في ظل حالة التوتر والتأهب. وتنقل الصحف الاسرائيلية رغبات الجنود الإسرائيليين بأن تمر الأزمة من دون تصعيد، بل أن بعضهم قال «كل ما نريده هو العودة إلى بيوتنا، إن لم يكن هذا السبت، فعلى الأقل السبت الذي يليه». وطالب رؤساء بلديات المستوطنات الحدودية سكانها بالهدوء والتزام التعليمات «والثقة بالجيش الإسرائيلي الذي يعزز قواته ويستعد لكل السيناريوهات».
وانتقدت افتتاحية «هآرتس»، أمس، بشدة أداء الرقابة العسكرية بشأن التطورات واعتبرتها «خدمة لليكود». وقالت إن الغموض «لا يخفي اي سر عن العدو: حزب الله وايران اعلنا بان اسرائيل قتلت رجالهما وهددا بالرد».
وأشارت الافتتاحية إلى أنه «كلما اتضحت تفاصيل الحدث بدا ان فرض الرقابة العسكرية يرمي إلى مساعدة حملة «الليكود»، واخفاء حقيقة الحادثة في الجولان عن الجمهور. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون يسوقان نفسيهما للجمهور كمقاتلين مجربين ضد الارهاب. فالتعادل مخيب الامل الذي حققاه مع «حماس» في حملة «الجرف الصامد» كلفهما فقدان الدعم والمصوتين لمصلحة رئيس «البيت اليهودي» نفتالي بينت الذي يعرضهما كخرقتين باليتين فيما يعرض نفسه كمرشح حازم ومصمم لقيادة جهاز الامن. وأقوال نتنياهو ويعلون عن أنهما متزنان ومسؤولان ويمتنعان عن اتخاذ القرارات المتسرعة لم تلق قبولا لدى الجمهور وكلفت «الليكود» خسارة مقاعد في الاستطلاعات».
وتساءلت الصحيفة: «هل الضائقة السياسية الحزبية هي التي دفعتهما لمغامرة خطيرة دفعت إسرائيل إلى حافة المواجهة مع «حزب الله» وإيران؟ وهل أرادا الإثبات بأنهما جريئان بقدر لا يقل عن بينت، الذي يهدد بسلب المقاعد من «الليكود»، وسلب يعلون منصبه؟».
وخلصت إلى أن «تهور نتنياهو ويعلون وتهربهما من المسؤولية تحت رعاية الرقابة العسكرية يعززان فقط التقدير بأنهما غير مناسبين لمنصبيهما. أما مسايرة القيادة العسكرية للمسؤولين السياسيين عنها وخوف زعماء المعارضة من إطلاق أصوات النقد «غير الوطنية» للعملية الاستعراضية في سوريا، فليسا أقل إثارة للقلق».
وكتب المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل أن قادة الجيش الإسرائيلي كانوا يعلمون بوجود الجنرال الإيراني (محمد عبدالله دادي) في القافلة التي أغارت عليها الطائرات الإسرائيلية يوم الأحد الماضي.
من جهة ثانية، يواصل «حزب الله» سياسة الصمت، حتى أن الكلمات التي سيلقيها قادة من «حزب الله» غدا والأحد، في ذكرى أسبوع الشهداء في عدد من البلدات الجنوبية، لن تتضمن «الموقف ـ الموقف» الذي تقرر أن يعلنه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في احتفال مركزي يقام في مجمع «سيد الشهداء» في الضاحية الجنوبية، يوم الجمعة المقبل.
الى ذلك، تلقى السيد نصرالله، أمس، رسالة من محمد الضيف القائد العام لـ «كتائب القسام»، قال فيها ان «واجب كل قوى المقاومة.. ان تتحد معا في مشروع واحد مقابل مشروع الاستسلام للعدو الصهيوني واعوانه»، واضاف ان «عدو الامة الحقيقي هو العدو الصهيوني ونحوه يجب ان توجه كل البنادق». بحسب ما اوردت مواقع «حماس».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد