30 ألف مقاتل عراقي يهاجمون معاقل "داعش" في صلاح الدين
شنت قوات الجيش العراقي ومجموعات مؤازرة هجوماً على معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- "داعش" شمالي بغداد، اليوم الاثنين، في بداية حملة ترمي إلى استعادة السيطرة على مدينة تكريت وإخراج التنظيم من محافظة صلاح الدين. في الوقت نفسه، أشارت وسائل إعلام إيرانية إلى أن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، موجود في صلاح الدين. وقالت مصادر ميدانية مطلعة في تكريت إن سليماني وصل إلى المنطقة السبت الماضي، لتقديم الاستشارات للقادة العراقيين.
ولدى وصوله تكريت استقبل اللواء سليماني من قبل قادة الجيش والحشد الشعبي والمقاتلين العراقيين، فيما قال مصدر مطلع آخر إن عمليات تحرير تكريت بدأت برمز "لبيك يا رسول الله" من قبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، كما يشارك قائد "عصائب اهل الحق" قيس الخزعلي في العمليات، بحسب وكالة أنباء "فارس".
وذكرت الوكالة الايرانية أن "سليماني شارك استشارياً في العديد من عمليات تحرير المدن والمناطق المهمة في العراق ومنها تحرير جرف النصر (جرف الصخر سابقاً)".
وقال ضابط برتبة لواء في الجيش العراقي، لوكالة "فرانس برس": "بدأ قرابة 30 ألف مقاتل من الجيش والشرطة الاتحادية ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي وأبناء العشائر عمليات تحرير مدينة تكريت وقضاء الدور (جنوب) وناحية العلم (شمالها)"، مؤكداً أن هذه التشكيلات "تقوم بمهام التحرير في أوسع عملية نوعية تستهدف داعش بعد حزيران".
وأشار إلى أن العملية "ليست سهلة، فالتنظيم يتحصن في مواقع وطرق وبساتين وأطراف وعرة" في محيط المدينة الواقعة عند نهر دجلة.
وتتقدم القوات العراقية نحو تكريت عبر ثلاثة محاور أساسية، إضافة الى محاور أخرى "لمنع تسلل وهروب داعش"، بحسب المصدر نفسه. ويأتي التقدم جنوباً من سامراء، وشمالاً من قاعدة سبايكر وجامعة تكريت، وشرقاً من محافظة ديالى التي كان أعلن الشهر الماضي "تطهيرها" من "الجهاديين".
وتتم العملية بغطاء ناري مكثف من المدفعية الثقيلة وطيران الجيش، بحسب المصادر العسكرية العراقية.
ومن جهته، أكد محافظ صلاح الدين رائد الجبوري، لوكالة "الأناضول"، أن "القوات الأمنية معزّزة بسلاح الجو العراقي وطائرات التحالف الدولي، وبمساندة عناصر الحشد الشعبي، استعادت، صباح اليوم، جسر البو شوارب، وقرية الحساني، وقرية البو الشيخ محمد، القريبة من مركز ناحية العلم التي يتحصّن فيها عناصر داعش"، مشيراً إلى أن القوات الأمنية "حقّقت تقدماً في القاطع الجنوبي لمدينة تكريت وسيطرت على الحاجز العسكري الأول للتنظيم المحاذي لمدينة الجلان".
وحرّرت القوات العراقية مبنى أكاديمية شرطة صلاح الدين جنوبي تكريت، كما استعادت السيطرة على حي القادسية جنوبي تكريت، حسبما أفاد ضابط في الجيش العراقي لوكالة "الأناضول".
كما اندلعت اشتباكات بين القوات العراقية وعناصر التنظيم في مناطق بنات الحسن وجلام سامراء شمال شرقي قضاء سامراء، بالتزامن مع تقدّم تلك القوات من سامراء باتجاه الدور.
وقالت مصادر عسكرية وطبية إن 16 من الجنود المتقدمين و11 من مقاتلي الفصائل قتلوا في اطلاق نار وتفجيرات قنابل مزروعة على جوانب الطرق.
كما أفادت الشرطة ومصادر مستشفى بأنه إلى الشرق من سامراء أيضاً، قاد انتحاري سيارته المحملة بمتفجرات نحو قافلة من مقاتلي الفصائل فقتل أربعة. وأصيب أكثر من 30 من مقاتلي الفصائل في الاشتباكات التي وقعت بالقرب من الدور.
وفي صلاح الدين يسيطر مقاتلو "داعش" على عدة معاقل من بينها تكريت مسقط رأس الرئيس السابق صدام حسين، ومدن أخرى تقع على نهر دجلة.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أعلن بعد اجتماعه مع قيادة عمليات سامراء وقادة القطاعات العسكرية أمس الأحد، انطلاق العملية العسكرية لتحرير تكريت من مسلحي "داعش".
وأكد العبادي أن القوات الأمنية أعطيت الأولوية للحفاظ على أمن حياة وأمن المواطنين خلال العملية العسكرية.
ومن جهة ثانية، قال رئيس الوزراء العراقي، اليوم الإثنين، إنه لن يسمح بتنامي نفوذ جماعات مسلحة "خارج إطار الدولة"، متعهداً "ضبط" تصرفات عناصر الحشد المؤازرة.
وقال العبادي، خلال كلمة ألقاها أمام مجلس النواب: "أقولها بصراحة، أنا رئيس وزراء العراق، القائد العام للقوات المسلحة، في مجلس النواب، وحاسبوني على هذا الكلام: لن نسمح بتشكيلات عسكرية سواء ميليشيات أو غير ميليشيات، جماعات مسلحة.. خارج إطار الدولة".
أضاف: "لن نسمح لميليشيات في ما بيننا"، طالباً "مساعدة الجميع ووقوف مجلس النواب ضد هذه الظاهرة التي تحاول إضعاف الدولة العراقية"، مشدداً على وضع "أسس جديدة" لضبط القوات الأمنية و"الحشد الشعبي".
وقال "نضع أسساً جديدة للضبط. الجيش والشرطة لدينا طرق قانونية للضبط ومحاسبة المقصرين. الحشد الشعبي باعتباره مؤسسة جديدة لم يكتمل بناء كل مؤسساته، وبالتالي بدأنا الضبط داخل الحشد الشعبي"، بما يشمل "ضبط المقاتلين من ناحية ذهابهم إلى الجبهة، رجوعهم من الجبهة، حمل أسلحتهم، إذا كان هناك تجاوز كيف نحاسب".
وأشار العبادي إلى أن "التجاوزات" تحصل غالباً بعد استعادة مناطق كان يسيطر عليها "الجهاديون"، قائلاً "للأسف أكثر التجاوزات التي تحصل في المناطق التي تحرر هو ليس أثناء العمليات العسكرية، بل بعد العمليات العسكرية"، معتبراً أن ثمة "انتهازيين.. يحاولون الإساءة بعد التحرير، يأتون ويحرقون منازل ويسرقون منازل مواطنين".
ومن الممكن أن يؤثر سير العمليات في محافظة صلاح الدين في الخطط الرامية لاستعادة مدينة الموصل الشمالية، بينما قال مسؤول أميركي إن الهجوم على الموصل أكبر المدن الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية قد يبدأ في نيسان. لكن مسؤولين عراقيين امتنعوا عن تأكيد هذا التوقيت.
وفي سياق متصل، أعلن البنتاغون، اليوم، أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتلقوا طلباً من العراق لشن غارات دعماً للقوات الحكومية التي تنفذ عملية واسعة لاستعادة مدينة.
وقال المتحدث باسم البنتاغون ستيفن وارين للصحافيين: "نحن لا نشن غارات دعماً للعملية في محيط تكريت".
وامتنع وارين عن القول ما إذا كانت طائرات الاستطلاع الأميركية تقدم معلومات لقادة عملية تكريت.
لكن مسؤولاً في البنتاغون قال لوكالة "فرانس برس"، رافضاً الكشف عن إسمه، إن طائرات أميركية تساعد في تقديم المعلومات والاستطلاع.
وشدد وارين على أن العراق دولة تحظى بسيادة ويعود إلى حكومة بغداد أن تقرر ما إذا كانت تريد مساعدة عسكرية من مقاتلات التحالف الدولي.
وقال "نحن على علم بالعملية قبل بدئها لكنني لن أخوض في التفاصيل حول مدى التعاون الذي قمنا به قبل ذلك"، مضيفاً: "نحن نراقبها عن كثب".
ورداً على سؤال حول أنشطة إيران، قال "نحن مدركون لوجود اهتمام إيراني كبير في القتال العراقي ضد تنظيم الدولة الإسلامية".
ويأتي الهجوم الذي بدأ اليوم في أعقاب محاولات فاشلة منذ حزيران لتطهير تكريت من مقاتلي التنظيم المتطرف، الذي أعلن قيام دولة خلافة في المناطق التي استولى عليها في شرق سوريا وشمال العراق وغربه.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد