كارتر في العراق لبحث معركة الأنبار
وصل وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إلى بغداد، امس، قادماً من السعودية في زيارة غير معلنة، أتت ضمن إطار جولة الوزير الأميركي على الدول الحليفة لواشنطن في الشرق الأوسط، بدأت من إسرائيل مروراً بالأردن والسعودية.
وجاءت جولة كارتر في المنطقة في سياق «طمأنة» حلفاء واشنطن بعد الاتفاق النووي الذي تم توقيعه مع إيران في فيينا، مؤخراً، إلا أن مسألة «محاربة تنظيم داعش» ظهرت بالتوازي أيضاً، على جدول أعمال الوزير الأميركي خصوصاً من خلال ما رشح عن زيارته لبغداد.
وأكد كارتر الذي استهل زيارته بالمكوث لحوالي 20 دقيقة في الأكاديمية العسكرية العراقية لمكافحة الارهاب في بغداد، حيث حضر مناورة عسكرية لوحدات خاصة عراقية تم تدريبها على يد القوات الأميركية، استعداد بلاده «للقيام بالمزيد» في مواجهة «داعش»، ومن ثم توجه للبحث مع المسؤولين السياسيين والعسكريين العراقيين، في مسألة التصدي لتنظيم «داعش».
وكان من اللافت تضمن جدول أعمال الوزير الأميركي لقاء جمعه بمجموعة من شيوخ العشائر العراقية من محافظتي نينوى (مركزها الموصل) والأنبار، إلى جانب رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، بالإضافة إلى لقائه رئيس الحكومة حيدر العبادي ووزير الدفاع خالد العبيدي، وزيارته إلى غرفة العمليات المشتركة في بغداد، التي تدار منها حاليا المعارك في محافظة الأنبار.
وبدا واضحاً تركيز الوفد الأميركي خلال الزيارة على المعارك في محافظة الأنبار، خصوصا في مدينة الرمادي، حيث عملت واشنطن منذ عودة قواتها إلى العراق، الصيف الماضي، تحت مسمى «مستشارين»، على تركيز أغلب قواعد انتشار هذه القوات في المحافظة الغربية، وكان آخرها إرسال حوالي 450 جنديا، الشهر الماضي، من أجل تدريب «العشائر السنية في المحافظة» بحسب الإعلان الأميركي آنذاك.
وبحسب وكالة «رويترز»، قال كارتر إنه سيلتقي «بزعماء سنة» خلال زيارته، لأن «المشاركة السنية في الحملة (على الرمادي) أساسية لنجاحها».
وسبق زيارة كارتر، وصول رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي إلى العراق السبت الماضي، في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، ولم تنشر تفاصيلها لاحقا، إلا أن تقارير إعلامية ذكرت انها ركزت على مسألة التنسيق مع قوات «الحشد الشعبي» في معارك الأنبار.
وفي هذا السياق، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي موفق الربيعي، أمس، أن زيارة كارتر «جاءت لبحث تنسيق الضربات الجوية للتحالف الدولي استعدادا لتحرير مدينتي الرمادي والفلوجة في محافظة الأنبار»، وأكد أن هذا هو «الهدف الرئيس من زيارة كارتر». كما لفت إلى أن «تنسيق الضربات الجوية مهم في معارك الأنبار لتجنب سقوط ضحايا بين القوات الأمنية على الأرض بنيران صديقة (التحالف الدولي)». وتقاتل وحدات «الحشد الشعبي» بشكل رئيسي في الأنبار.
وخلال زيارته الاولى الى العراق منذ تسلمه مهامه في شباط، تركزت مباحثات كارتر على العمليات العسكرية في المحافظة التي سيشارك فيها للمرة الاولى جنود دربهم «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن. وقال كارتر متحدثا أمام مجموعة من «المستشارين» الأميركيين: «نحن مستعدون للقيام بالمزيد.. عندما واذا ما طور (العراقيون) قوات قادرة ومحفزة قادرة على استعادة الارض والحفاظ عليها». ولطالما ركز المسؤولون الأميركيون على مسألة «امساك الأراضي من قبل أبنائها» بعد إخراج تنظيم «داعش» منها.
وتناول الجبوري خلال لقائه الوزير الأميركي هذه المسألة تحديداً. وجاء في بيان صدر عن مكتبه أن البحث تناول «مستجدات الأوضاع في العراق والمنطقة وجهود التحالف الدولي في الحرب على داعش، فضلاً عن سير العمليات العسكرية الجارية في محافظة الأنبار، والجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في مجال تسليح وتأهيل أبناء العشائر».
ودعا الجبوري، إلى «تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين العراق والولايات المتحدة، خصوصاً في مجالي التسليح والتدريب»، مؤكداً على أهمية «حفظ الأمن في المناطق المحررة». في إشارة إلى مسألة «إمساك الأراضي من قبل أبنائها».
والتقى كارتر وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، الذي أكد على أن عملية إصلاح وإعادة بناء المؤسسة العسكرية جارية لبناء جيش محترف و «صغير الحجم»، وأشار إلى أن العراق يشكل «حائط الدفاع الأول» عن العالم المتحضر، ودعا إلى تقديم المزيد من الدعم والمساندة له.
وتركز الولايات المتحدة على ضرورة تحول الجيش العراقي بشكل أساسي إلى مجموعة من الألوية العسكرية الصغيرة التي يتم تدريبها على القيام بعمليات «مكافحة الارهاب»، مقابل بناء جسم عسكري مواز تحت مسمى «الحرس الوطني» لكل محافظة عراقية على حدة.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية ستيف وارن الذي رافق كارتر في الزيارة، إن الجهود العسكرية في الانبار تركز حاليا على عزل الرمادي. وقدر عدد مقاتلي التنظيم المتواجدين فيها بما بين ألف وألفين. وتوقع بدء الهجوم المباشر على المدينة خلال «أسابيع» بمشاركة «آلاف» المقاتلين العراقيين.
وأوضح وارن أن «نحو ثلاثة آلاف جندي» من الجيش العراقي دربوا على يد «التحالف الدولي»، يشاركون في المعارك التمهيدية للرمادي في محافظة الأنبار، وذلك للمرة الاولى منذ بدء «التحالف» بتدريب المقاتلين العراقيين. وأضاف المتحدث أن «هذا تطور يسعدنا جدا الاطلاع عليه».
ويتواجد مئات الجنود والمستشارين الاميركيين في قاعدة الحبانية العسكرية الواقعة بين الرمادي والفلوجة لتقديم «المشورة» والمساهمة في تدريب القوات الامنية و «أبناء العشائر السنية» في المحافظة. وأشار وارن إلى أن نحو 1800 مقاتل عشائري تلقوا تدريبات وتجهيزات كجزء من برنامج التدريب. وبحسب وارن، فإن فصائل «الحشد الشعبي» أيضا تعمل في خط مواز على شن عمليات في محيط الفلوجة.
وقامت الولايات المتحدة والدول المنضوية في «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن ضد «داعش»، بتدريب ما يقارب تسعة آلاف عنصر من قوات الامن العراقية خصوصا من العشائر. الا انها المرة الاولى التي يعلن فيها عن مشاركة جنود مدربين في المعارك، في ما يشكل جزءا مهما من «استراتيجية» الادارة الاميركية ضد التنظيم.
وفي هذا السياق، ذكر مسؤول دفاع أميركي كبير أن العراق أظهر قدرا من «قوة الدفع الإيجابية» في تواصله مع «السنة» خلال الأشهر الماضية، مضيفا أن كارتر يأمل في «تعزيز هذه الأجواء».
وكالات
إضافة تعليق جديد