كوابيس طوني بلير

اعترف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أنه قد يضطر إلى إقالة وزير الداخلية شارلز كلارك بسبب فضيحة هروب أكثر من ألف سجين أجنبي سابق كان من المفروض ترحيلهم. وفي الوقت نفسه انخرطت عشيقة نائب رئيس الوزراء جون بريسكوت في البكاء وهي تبلغ العالم بأنه أساء نفوذه وأنها كانت ضحية أكاذيب بعدما وقعت في غرامه، وأنه كان يحتفظ بعشيقات عدة.

وجاءت اعترافات السكرتيرة السابقة لبريسكوت تريسي تيمبل خلال حديث مطول لها مع صحيفة “ذي ميل أون صنداي” في صفحتها الأولى بالكامل ونشرت الصحيفة أيضاً مقتطفات من مذكراتها المدمرة لبريسكوت خصوصاً أنها كما تزعم كانت تطارحه الغرام في مكتبه وفي الفنادق، وكانت تستقل سيارته الرسمية الحكومية في تنقلاتها خلال علاقتها معه لمدة عامين.

وأفردت الصحيفة تسع صفحات كاملة لاعترافات العشيقة تحت عنوان “مذكراتي عن بريسكوت” وأكدت ما ردده النواب المعارضون بأنه كان يلتقي معها أيضاً في مقره الرسمي في وسط لندن الذي يتحمل مصاريفه دافعوا الضرائب البريطانيون ويطالب خصومه بضرورة التحقيق معه في هذه المخالفات الكبيرة.

ولكن بريسكوت ندد في بيان له بالصحيفة التي يقال إنها دفعت مبلغاً يتراوح ما بين 250 ألف جنيه إلى 350 ألف جنيه للعشيقة السابقة وتعهد نائب رئيس الوزراء ونائب زعيم حزب العمال بأن يحيل الصحيفة إلى الهيئة التي تنظر في المخالفات الصحافية وهي “لجنة الشكاوى الصحافية”.

ويسعى بريسكوت إلى نفي المزاعم التي ساقتها السكرتيرة السابقة قائلاً إن معظم ذكرياتها غير صحيحة وكان دافعها وراء ذلك هو تحقيق أكبر كسب مادي ممكن وأصر على أنه لن يستقيل.

ولكنه يعترف أيضاً بأنه ارتكب أخطاء في إقامة مثل هذه العلاقة غير المشروعة مع سكرتيرته وأنه “تصرف بحماقة”. وقد تكثفت الضغوط على بريسكوت مع مطالبة عدد كبير من الساسة المعارضين ومن النواب العماليين باستقالته.

ويبدو أن “الكوابيس” التي أصابت توني بلير قد أصبحت مثار قلق وهواجس بالغة قد تدفعه إلى التعجيل بموعد رحيله عن عشرة داونينج ستريت وبالتالي تقوض إرثه الذي كان يريد أن يسجله التاريخ كواحد من أكثر زعماء بريطانيا نجاحاً ومقدرة في العصر الحديث برغم مشاكل العراق.

وأقر بلير في حديث صحافي بأنه قد يضطر إلى فصل شارلز كلارك من منصبه إذا ما اتضح أن بعض هؤلاء المسجونين السابقين الأجانب قد ارتكبوا المزيد من الجرائم مثل القتل والاغتصاب بعد الإفراج عنهم. وقد جاء اعتراف بلير مع تقارير بأن نواباً عماليين من المتمردين على حكومته بعد العراق والأزمات الداخلية الأخرى للحكومة سيوجهون إنذاراً إليه بأن يعلن موعد رحيل مبكر له وإلا فإنه سيواجه منافسة على الزعامة من بعض الشخصيات العمالية البارزة. ولكن الحرج الأكبر الذي يواجه بلير الآن هو الاعترافات المدمرة التي أدلت بها سكرتيرة بريسكوت السابقة، ومع مطالبة الكثيرين برأس بريسكوت وضرورة التخلص منه بسبب تقويضه لمكانة وهيبة الحكومة، إلا ان بلير يرى انه من الصعب جداً عليه التخلص منه لأنه يلقى شعبية كبيرة من الجناح التقليدي اليساري في حزب “العمال”. وكذلك فإن بريسكوت كان سسيلعب دوراً مهماً في عملية انتقال السلطة من بلير الى وزير المالية القوي النفوذ جوردون براون بعد ان يتخلى الأول عن السلطة.

وتزداد التكهنات هنا بأن بلير قد يعلن استقالته خلال المؤتمر السنوي لحزب العمال في أوائل اكتوبر/تشرين الأول المقبل، خصوصاً بعد مسلسل الفضائح والأزمات الأخيرة التي عصفت بحكومته، ويمضي بلير عطلة نهاية الاسبوع في مقره الريفي في تشيكرز جنوبي انجلترا حيث يعكف على بحث تفاصيل التغيرات الوزارية التي سيعلنها بعد الانتخابات المحلية المقررة يوم الخميس المقبل. ويتوقع ان يلقى العمال هزيمة كبيرة خلالها. وفي الوقت نفسه دافع أمس عدد من أصدقاء بريسكوت عنه، بعدما أعلنت سكرتيرته في اعترافاتها أيضاً انه كان يخون زوجته منذ فترة طويلة مع مرشحة برلمانية تدعى سارة بيسيت سكوت، وكذلك فإنه احتفظ بعلاقات اخرى مع عدة عشيقات خلال توليه منصبه المهم في الحكومة وفي حزب العمال.

وحفلت صحف الأحد بتعليقات مدمرة ضد بلير، حتى من الصحف المعروفة بتعاطفها معه، فوصفت صحيفة “ذي اوبزرفر” التي تؤيد عموماً العمال حكومة بلير بأنها “تبدو متعفنة ببساطة وغير قادرة على الحكم”. ومن المفارقات ان بلير كان من المقرر ان يحتفل اليوم (الاثنين) بمرور تسعة أعوام على توليه الحكم، ولكن رئيس الوزراء لا يشعر بأن هناك مجالاً الآن لمثل هذا الاحتفال بعد اسوأ اسبوع في تاريخه السياسي، خصوصاً بعد انهيار سلطته وعدم قدرته على السيطرة على الأحداث مع الإهمال والتسيب في وزارة الداخلية، وفضائح بريسكوت وأزمات وزارة الصحة المستحكمة.

المصدر: الخليج