رقم قياسي لليهود في الكونغرس
بينما تركز الاهتمام الاعلامي خلال افتتاح الدورة الجديدة للكونغرس الاميركي على انتخاب نانسي بيلوسي أول رئيسة لمجلس النواب، وانتخاب كيث أليسون أول نائب مسلم، وانتخاب عضوين بوذيين لابراز "تاريخية" هذه الدورة، الا انه لم يتطرق كثيرا الى عبور اليهود الاميركيين الذين يمثلون اثنين في المئة فقط من الاميركيين الى معلم تاريخي آخر بعد وصول رقم قياسي منهم الى الكونغرس، بنسبة تزيد عن اربعة اضعاف عددهم في البلاد والذي يصل الى ستة ملايين نسمة.
وارتفع عدد الاعضاء اليهود في مجلس الشيوخ الى 13 عضواً من اصل مئة، بينما ارتفع عددهم في مجلس النواب الى 30 من اصل 435 عضواً. وفي تأكيد جديد أن اليهود الاميركيين لا يزالون يشكلون إحدى دعائم الحزب الديموقراطي، فإن جميع الاعضاء اليهود في الكونغرس ينتمون الى هذا الحزب باستثناء أربعة جمهوريين فقط. ووصلت نسبة اليهود الذين صوتوا لمرشحي الحزب الديموقراطي في الانتخابات الماضية الى اكثر من 90 في المئة، ونسبة التمثيل اليهودي في الكونغرس تزيد عن نسبة تمثيل أي فئة دينية أو اتنية اخرى في البلاد. وعلى سبيل المثال، يصل عدد الاميركيين من اصل افريقي الى اكثر من 35 مليون نسمة، الا أن هناك عضواً واحداً في مجلس الشيوخ من أصل افريقي هو باراك حسين أوباما، المتحدر من أب افريقي وأم اميركية بيضاء. ويبلغ عدد اعضاء مجلس النواب من اصل افريقي 43 عضوا.
ويصل عدد الاميركيين من اصول مكسيكية واميركية - لاتينية الى أكثر من 41 مليون نسمة، اما عدد اعضاء مجلس الشيوخ من اصل لاتيني فهو ثلاثة من اصل مئة، و24 عضواً في مجلس النواب من أصل 435 عضوا. وهناك خمسة ملايين أميركي من أصل عربي، ولا يزال عدد اعضاء الكونغرس الجديد من اصل عربي مماثل لعددهم في الكونغرس السابق، أي عضو واحد في مجلس الشيوخ هو الجمهوري جون سنونو (من عائلة فلسطينية وصلت الى اميركا من طريق كوبا) وأربعة نواب من اصل لبناني.
والمفارقة اللافتة في الدورات الانتخابية السابقة هي انتخاب اعضاء يهود للكونغرس عن مقاطعات او ولايات ليس فيها تجمعات كبيرة من اليهود، بما في ذلك ولايات جنوبية او في الوسط الغربي للبلاد، بخلاف الانماط السابقة حيث كان الاعضاء اليهود يمثلون مقاطعات او ولايات فيها جاليات يهودية كبيرة مثل ولايات نيويورك وفلوريدا ونيوجيرزي وكاليفورنيا.
ويتمتع اليهود، مثلهم مثل اقليات اخرى (بينها العرب - الاميركيون واليونانيون والهنود والارمن واليابانيون)، بمستوى دخل مالي أعلى من مستوى دخل معظم الاميركيين، كما ان نسبة اليهود، (والاقليات الاخرى المذكورة أعلاه)، الحاصلين على شهادات جامعية، تفوق نسبة الاميركيين الاخرين. ومنذ الحرب العالمية الثانية، والمحرقة النازية، واقامة دولة اسرائيل في معظم اراضي فلسطين التاريخية، واهتمام اليهود الاميركيين بالسياسة، والترشح للانتخابات يتقدم ويتوسع باستمرار. ويهود اميركا منظمون سياسياً واجتماعياً بشكل فعال وعلى مختلف المستويات، أكثر من غيرهم من الفئات الاميركية، ويشاركون في كل دورة انتخابية (مثل الانتخابات الحزبية، وتلك التي تنظم على مستوى الولاية او المستوى الوطني) بنسب تزيد عن مشاركة الفئات الاميركية الاخرى. وبما ان معظمهم يقيم في ولايات محورية لها اصوات كثيرة في الكلية الانتخابية، ويتبرعون باموالهم لتمويل الحملات الانتخابية بنسب تفوق بكثير نسب غيرهم من الفئات الاميركية، الى درجة انهم يشكلون المصدر الرئيسي لتمويل الحزب الديموقراطي، فان تأثيرهم الانتخابي والسياسي في اميركا يفوق كثيرا وزنهم الديموغرافي.
ومع ان الغالبية الساحقة من اليهود تؤيد اسرائيل وتعمل على تعزيز التحالف الاميركي - الاسرائيلي، إلا انها لا تجمع بالضرورة على تأييد سياسات اسرائيل حيال الفلسطينيين، كما ان بعض تنظيماتهم وشخصياتهم تنتقد تصلب الحكومات الاسرائيلية وتدعو الى وقف الاستيطان الاسرائيلي والتوصل الى تسوية تاريخية مع الفلسطينيين. لكن معظم التنظيمات اليهودية النافذة تقف عموماً وراء اسرائيل، وتتفادى انتقادها علنا، حتى عندما تختلف معها. كما لا يتحدث اليهود الاميركيين بصوت واحد في ما يتعلق بالقضايا الداخلية.
هشام ملحم
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد