سنوات عجاف أمام الخليج: تقليص الإنفاق الدفاعي
بدأ انخفاض أسعار النفط يؤثّر في الإنفاق الدفاعي في منطقة الخليج التي تعتبر واحدة من أكبر أسواق السلاح في العالم، ما أدّى إلى تقلّص ميزانيات الدفاع خلال العام الحالي للمرة الأولى منذ عشر سنوات، في حين يُتوقَّع انخفاضها أكثر في العام المقبل.
ويشير تقرير أعدّته شركة «آي إتش إس» للمعلومات، ومقرها لندن، إلى أنَّ الإنفاق الكلّي تراجع إلى 81.6 مليار دولار في العام 2015، في مقابل 86.7 مليار العام الماضي، برغم التدخل العسكري الخليجي في اليمن، فضلاً عن إمدادات الأسلحة للمسلحين في سوريا، ومشاركة دول الخليج في حملة «التحالف الدولي» ضد «داعش».
ويوضح تقرير الشركة أنَّ الإنفاق العسكري تراجع في كل من السعودية، والكويت، والبحرين، وقطر، والإمارات، بينما سجّل إنفاق سلطنة عُمان زيادة قليلة.
وبرغم هذا التراجع، ظلّ الإنفاق على السلاح أعلى ممّا كان عليه قبل أربع سنوات حين قفز في أعقاب الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي وأثارت قلق حكام المنطقة.
هذه المخاوف الأمنية، إلى جانب إيرادات النفط القياسيّة، جعلت المنطقة أسرع أسواق السلاح الإقليمية نمواً. وتشير بيانات «آي إتش إس» إلى أنَّ الإنفاق الخليجي ارتفع من 59.1 مليارا في العام 2010، إلى 71.9 مليار دولار في 2012.
ويأتي تقليص الموازنات هذا العام، في إطار جهد واسع للحدّ من الإنفاق الحكومي في ظلّ تأثّر موارد دول الخليج بتراجع أسعار النفط.
هذا التقليص يعني أنَّ دول الخليج تحدّ من طموحاتها في ما يتصّل ببنود مكلفة مثل الطائرات الحربية والدفاعات الصاروخية، وتركّز بدلاً من ذلك على متطلبات أكثر إلحاحاً كالذخيرة.
كما جاء في التقرير أنَّ الاتجاه الخليجي دفع الإنفاق إلى التراجع في المنطقة ككل خلال العام الحالي، وإنْ كان يرجّح أن يظلّ ثابتاً بدرجة كبيرة عند 170 مليار دولار خلال العامين المقبلين.
وذكرت «آي إتش إس» أنَّ السعودية ما زالت صاحبة الإنفاق الأكبر على الدفاع في المنطقة بواقع 46.3 مليار دولار تقريباً، وهو ما يمثّل أكثر من نصف الميزانيات العسكرية في الخليج، ويجعلها ثامن أكبر منفق في العالم على أوجه الدفاع.
وتحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى أكثر من 250 مليار دولار خلال العامين المقبلين تجمعها من خلال وسائل مختلفة، لتغطية العجز المتنامي في موازناتها الذي سببه هبوط أسعار النفط.
ويقول محلّل المخاطر السيادية في وكالة موديز للتصنيف الائتماني لخدمة «آي إف آر»، ماتياس أنجونين: «نقدّر الآن أنَّ إجمالي العجز في موازنات مجلس التعاون الخليجي في 2015 ـ 2016 سيقترب من 265 مليار دولار، وهو ما يفوق التقديرات السابقة». ويضيف أنَّ «ذلك لا يشمل الديون التي تحتاج إلى إعادة التمويل».
صحيح أنَّ الكثير من هذه الأموال سيتمّ جمعها عبر عمليات بيع أصول وفرض ضرائب جديدة، بما في ذلك التطبيق المقترح لضريبة القيمة المضافة في الإمارات، إلَّا أنَّ أسواق السندات ستصبح أيضاً مصدراً مهماً لجمع الأموال.
ويرى مصرفيون أنَّ الجهات السيادية قد تجمع ما لا يقل عن 15 مليار دولار من السوق العالمية العام المقبل. وستفوق هذه الأموال تلك التي جمعتها الحكومات الخليجية من إصدار أدوات الدين الدولارية في الفترة من العام 2013 وحتى نهاية 2015.
وتزيد الضغوط على المالية العامة للسعودية، إذ تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنَّ العجز في موازنتها هذا العام، سيصل إلى 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وبرغم أنَّ السعودية لا تزال تملك أصولاً أجنبية صافية بقيمة 640 مليار دولار، إلَّا أنَّها لا تستطيع الاستمرار في تمويل عجزها المتوقع إلى الأبد إذا ظلّت أسعار النفط منخفضة، ما يعني أنَّ أمامها «أربع سنوات للتمويل إذا اعتمدت على الاحتياطيات الأجنبية وحدها وظلّ النفط عند مستوياته الحالية»، بحسب محللين.
(رويترز)
إضافة تعليق جديد