«داعش» يخترق دير الزور المنكوبة: مجزرة ومخطوفون
في هجوم عنيف، تمكّن تنظيم «داعش» من مفاجأة قوات الجيش السوري، والفصائل التي تؤازره، على محور بعيد عن منطقة العمليات المعتادة في محيط مطار دير الزور شرق المدينة، حيث فتح التنظيم معارك جديدة في الجهة الغربية، وحقق تقدماً على تخومها، قبل أن يتمكن من اختراق تحصينات أخرى في مواقع قريبة، الأمر الذي تزامن مع مجزرة ذهب ضحيتها نحو 280 مدنياً، إضافة إلى خطف نحو 400 آخرين.
الهجوم العنيف الذي شنّه مسلحو «داعش» انطلق من منطقة الحسينية، حيث اقتحم عدد من «انغماسيي» التنظيم قرية البغيلية الواقعة على بوابة دير الزور الغربية، وتمكنوا من ضرب دفاعات قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازرها، ما أجبرها على الانسحاب إلى مواقع متأخرة. ونتيجة للهجوم العنيف، تمكن مقاتلو التنظيم من السيطرة على البغيلية، ومستودعات قرية عياش العسكرية.
بالتزامن مع ذلك، شن مسلحو التنظيم هجوماً عنيفاً على مقر اللواء 137 الواقع على طريق دمشق، حيث قاموا بتفجير عدد من المفخخات في محيط اللواء، إلا أنهم فشلوا في اقتحام أسواره.
وبعد السيطرة على قرية البغيلية، التي تعتبر من القرى الموالية في ريف دير الزور، نفذ مسلحو التنظيم حملة تفتيش واعتقالات لأهالي القرية، قبل أن يقوموا بإعدام 280 مدنياً، بينهم أطفال ونساء، وفق إحصاءات رسمية سورية، في حين ذكر ناشطون أن مسلحي التنظيم قاموا بخطف نحو 400 آخرين من القرية، وقاموا بنقلهم إلى قريتي الشميطية والخريطة.
قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازرها ردّت بعملية عاجلة حدّت من خطورة تمدد التنظيم نحو المدينة من محورها الغربي، حيث توجد مواقع عدة مهمة لقوات الجيش، بينها معسكر الطلائع، كما استرجعت مستودعات قرية عياش، في حين تحركت قوات أخرى على محور طريق دمشق تحت غطاء جوي سوري ـ روسي مشترك، فقامت باسترجاع نقاط عدة، بينها فندق «فرات الشام» وجبل الثردة في محيط اللواء 137، وفق ما أكد محافظ دير الزور محمد قدور العينيه في تصريحات صحافية.
الهجوم العنيف الذي شنه مسلحو «داعش» على محاور عدة في مدينة دير الزور، في الشرق السوري، جاء ليضاعف من مآسي السكان المحاصَرين فيها منذ أكثر من عام، بعد أن فرض مسلحو التنظيم حصاراً خانقاً عليها، الأمر الذي فتح بدوره الباب أمام «تجار الأزمات» لاستغلال الحصار، لتشهد المدينة بعد ذلك موجة من الجوع ونقص التغذية تسببت بوفاة نحو 30 شخصاً، وفق مصادر طبية.
كما تعاني مدينة دير الزور من انقطاع تامٍّ للتيار الكهربائي منذ أكثر من تسعة أشهر، في حين تصل مياه الشرب إلى المنازل ساعات عدة في الأسبوع، الأمر الذي حوّل الحياة في المدينة إلى «جحيم» وفق أحد السكان ، وهو ما دفع قسماً كبيراً من سكانها الى مغادرتها، رغم التكاليف الباهظة للسفر من المدينة، حيث تقدّر تكلفة الخروج من دير الزور عبر الطائرات بنحو 500 ألف ليرة سورية (نحو 1300 دولار أميركي)، في حين تبلغ تكلفة الهروب عبر البر، من مناطق سيطرة تنظيم «داعش»، نحو 200 ألف ليرة سورية (نحو 600 دولار)، تُضاف إليها مخاطر الاعتقال من قبل مسلحي التنظيم.
ووفق مصادر إغاثية في المدينة، فقد تراجع عدد سكان المدينة خلال عام من 300 ألف نسمة إلى نحو 100 ألف، ما يعني أن نحو ثلثي السكان غادروا مدينتهم المنكوبة، والتي اختارتها روسيا لبدء عملية إنسانية في سوريا، حيث قامت برمي 22 طناً من المساعدات الإنسانية للسكان المحاصرين.
على جبهة أخرى، حققت قوات الجيش السوري تقدّماً مهماً في ريف اللاذقية الشمالي، حيث تمكنت من السيطرة على قريتي الكنديسية والقبقلية، بالإضافة إلى جبل كزبر ورويسة الضبعة على تخوم مدينة ربيعة التي تمثل أحد أبرز معاقل المسلحين في ريف اللاذقية.
وتأتي عملية السيطرة الجديدة بعد أقل من يوم من إحكام قوات الجيش السوري سيطرتها على التلال المشرفة على قرى الصراف والمريج وعدد من النقاط الاستراتيجية المشرفة في محيط بلدة سلمى شمال شرق مدينة اللاذقية بنحو 50 كيلومتراً.
وقال مصدر ميداني، إن عمليات الجيش المتواصلة «تسابق الزمن» لفرض السيطرة على معاقل المسلحين في كنسبا وربيعة، والتي تعني السيطرة عليهما إنهاء ريف اللاذقية بشكل تقريبي، مشيراً إلى أن «السباق الحقيقي هو مع الطقس الذي قد يؤثر على مجريات العمليات في حال ساء».
وتمكّنت قوات الجيش السوري، منذ بدء العمليات في ريف اللاذقية الشمالي قبل أكثر من ثلاثة أشهر، من استرداد أكثر من نصف المساحة التي كانت تسيطر عليها الفصائل المسلحة، وسط حالات انهيار متتالية على جبهات القتال في المنطقة المحاذية للحدود التركية، الأمر الذي من شأنه أن يُنهي الوجود المسلح في الريف الشمالي بشكل نهائي خلال مدة قصيرة، في حال تابعت قوات الجيش السوري عملياتها على الوتيرة نفسها.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد