دراسة: الأسرة السورية تحتاج إلى أكثر من 171 ألف ليرة لتلبية احتياجاتها الأساسية
في ظل استمرار تكاليف المعيشة في الصعود على كافة المؤشرات أمام السوريين، وبقاء الرواتب والأجور دون تغيير يذكر، عند مستويات متدنية ومتأخرة عن الأسعار بفارق كبير أصبح الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة السورية أكثر من 171 ألف ليرة سورية وفق أحدث دراسة أعدّها الاقتصادي الدكتور عابد فضلية.
وفي تفاصيل الدراسة فقد احتل الغذاء المركز الأول في أولويات الأسرة السورية حيث يشغل 29% من تكاليف المعيشة، يليه السكن بنسبة 28%، ثم النقل بـ9.3%، واللباس بـ7.8%، و7.3% للأدوات المنزلية، و3.7% للاتصالات، و3.4% للصحة و2.6% للتعليم و8.2% للحاجات الأخرى، حيث تم احتساب تكلفة معيشة الأسرة السورية بحسب معطيات الأشهر الثلاثة الأخيرة، أخذت فيها (8) حاجات رئيسية، هي الغذاء والسكن واللباس والنقل والاتصالات والتعليم والصحة والأدوات المنزلية الأساسية، وبمجموعها يبلغ الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة السورية نحو 157 ألف ليرة سورية، وإذا أضيف إليها تكاليف الحاجات الأخرى (التي يأخذها عادةً المكتب المركزي للإحصاء بعين الاعتبار) يصبح الحد الأدنى الشهري لتكاليف المعيشة 171 ألف ليرة سورية.
وبمقارنة وسطي الأجور للفترة الحالية وهو 26500 ل.س، والحد الأدنى لتكاليف المعيشة 171 ألف ل.س، مع أرقام العام 2011 حيث كان وسطي الأجور 11 ألف ل.س والحد الأدنى لتكاليف المعيشة 30 ألف ل.س، سنجد أنه في العام 2011 كانت تكاليف المعيشة للأسرة السورية تتطلب 2.72 الأجر الشهري لتغطية التكاليف، فيما أصبحت تحتاج إلى 6.5 من الأجر الشهري لتغطية تكاليف المعيشة في الوقت الحالي، رغم ازدياد الأجر الشهري.
وبالتالي فإن القوة الشرائية للدخل، ومستوى المعيشة، قد انخفضا بشكل عام ونظرياً بنفس هذه النسبة، إلا أن هذا الانخفاض يختلف طبعاً بشكل كبير ما بين أصحاب الدخل الثابت وأصحاب الدخل المحدود، وأصحاب الأعمال الحرفية، كما يختلف ما بين العاملين في القطاعين العام الذين ازداد أو يمكن أن يزداد دخلهم بمعدلات قليلة نسبياً، وبين العاملين في القطاع الخاص الذين غالباً ما تزداد أجورهم بنسب أكبر من العاملين في القطاع العام.
وحسب الدراسة فإن أهم المنعكسات الاقتصادية للأزمة تتمثل في انخفاض الطلب الفعال، نتيجةً للارتفاع العام لمستوى الأسعار وتفاقم نسب التضخم، وبالتالي الضعف العام بالقوة الشرائية للدخل وانعدام الدخل بسبب النزوح أو بسبب البطالة وعدم وجود فرص عمل، وبالمحصلة اتساع رقعة الفقر وازدياد أعداد الفقراء.
ومع إضافة مفاعيل التدمير والسرقة والتخريب للمنشآت والبنية التحتية، وتأثير الحصار والعقوبات الاقتصادية، تكون المحصلة هي تراجع معدل النمو الاقتصادي لكافة المؤشرات الاقتصادية الكلية إلى حد النمو السلبي، ما يعني تقلص حجم الاقتصاد السوري، حيث حصل بطء أو توقف حركة الاستثمار الوطني والأجنبي وتوقف استكمال المشاريع الاستثمارية، ما يعني أيضاً مزيداً من التعثر المالي لأصحاب هذه المشروعات، وتراجع النشاط المصرفي إلى الحدود الدنيا، وتعطل عمليات التسليف والإقراض، وهي تعتبر شريان الأنشطة الاقتصادية، ما يعني أيضاً تعثر مزيد من المنشآت والمشروعات الإنتاجية.
وخلصت الدراسة إلى أن أهم ما يجب العمل عليه في المرحلة الحالية واللاحقة هو إعادة النظر في فلسفة وسياسات وقرارات وإجراءات الدعم لأهم السلع والخدمات والأساسية، وذلك من خلال إعادة النظر في الترجمة الخاطئة لمفاهيم ترشيد الدعم، وعقلنة الدعم، وإيصال الدعم لمستحقيه وغير ذلك من ترجمات مغلوطة.
بالإضافة إلى إعادة النظر بالسياستين النقدية والمالية، لإيجاد تنسيق وتكامل أفضل بينهما، للحفاظ على قيمة العملة الوطنية ولجم التضخم، ومعالجة مشكلة احتكار القلة لأسواق أهم المواد والسلع الأساسية والغذائية والعلفية ومواد البناء، وتشديد الرقابة على الأسعار في الأسواق، بما في ذلك أقساط التعليم الخاص والمعاينات والمعالجات الطبية،
وتسهيل منح القروض التشغيلية للمنشآت الإنتاجية وخاصة المتضررة أو المتعثرة، الصغيرة ومتناهية الصغر (بفوائد مدعومة)، ودعم أسعار الطاقة المستخدمة بالمنشآت الإنتاجية والحرفية والنقل العام والمكنات والمعدات الزراعية، وهذا من شأنه أيضاً إيجاد فرض عمل جديدة، أو إعادة فرص العمل لأصحابها، والعمل على تطوير ودفع قوى الإنتاج الصناعي التحويلي والزراعي النباتي والحيواني، بما في ذلك التوجه نحو الاستثمار في العناقيد الصناعية، والصناعات الزراعية التي تعتمد في مدخلاتها على المواد الأولية والمخرجات المحلية، وكذلك على الصناعات الرائدة التي تمتلك العوامل الذاتية والقادرة أن تكون القاطرة لإنماء الصناعات والقطاعات الأخرى، وعلى الأخص تلك التي تسهم في تأمين مزيد من الغذاء والدواء ومستلزمات الإنتاج، وهذا أيضاً من شأنه إيجاد فرص عمل جديدة، أو إعادة فرص العمل لأصحابها.
علي محمود سليمان
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد