الحلويات الدمشقية.. شهرة المذاق تقارع الغلاء
تعد الحلويات الدمشقية سمة لمواسم الأعياد في البلاد، سواء قبل الحرب السورية أو خلالها. ورغم تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية بقيت ساحة المرجة وحي الميدان المحطتين الأشهر لصناعة تخطت سوريا لتصل الخارج.
مع بداية خطوط الصباح الأولى، تكون معامل الحلويات التقليدية في وسط العاصمة قد بدأت عملها. ومع تقدم ساعات النهار تكون أصناف «المبرومة» و «البلورية» و «المعمول» و «البرازق» و «الغريبة» و «كول وشكور» قد توزّعت على الأرصفة حيث يتنافس أصحاب المحال لترتيبها بطريقة مميزة تجذب المارّة. مشهد مماثل في ساحة المرجة، وسط دمشق. هناك داخل أبنية تعتمد الطراز الأوروبي القديم، تقع كبرى محال الحلويات التي تشهد ازدحاماً كبيراً في أيام التحضيرات للعيد، على الرغم من ارتفاع الأسعار.
هذا المشهد ليس جديدًا على الشام، فمهنة «البغجاتي» أو «الحلواني» هي إحدى أعرق المهن الدمشقية منذ أكثر من مئتي سنة. في تلك الحقبة، كان كبار تجار الشام يتنافسون في صناعة الحلويات وإهدائها إلى الولاة العثمانيين قبل أن تتفرّغ عائلات بكاملها لهذه الصناعة.
أصبحت منطقة السنجقدار ثم سوق الحميدية فالمرجة وباب سريجة أماكن سمتها الأساسية إنتاج الحلويات بما يزيد على مئتي صنف، لكل محل وعائلة أسرار خاصة في المذاق. وبرغم الشهرة الدمشقية للحلويات، إلا أن أصنافًا أخرى قد تميّزت بها مناطق خارج العاصمة كـ»حلاوة الجبن» في حمص أو «الهريسة» في مدينة النبك في القلمون.
تقف السيدة الدمشقية سهام باكراً قرب أحد المحال في ساحة المرجة للحصول على علبة حلويات مشكلة. تقول إن سعر العلبة كان يقارب الألف ليرة قبل الحرب، أما اليوم فيتراوح بين 5 و11 ألف ليرة بحسب الأصناف. «لا يمكنني شراء أكثر من علبة واحدة، الأسعار لم تعد تحتمل».
يعلّق في المقابل صاحب أحد المحال في الساحة عينها على أن سبب ارتفاع الأسعار يعود إلى غلاء المواد المستخدمة من الطحين والسمن الحيواني أو النباتي إلى المكسرات ذات التكلفة الأكبر. «المساحات الزراعية والثروة الحيوانية تراجعت فارتفعت تكاليف الإنتاج والنقل، نستخدم إجمالاً السمن النباتي لتخفيف الكلفة فالسمن الحيواني يضاعف السعر».
يعقب آخر في الميدان أن الحلويات الدمشقية هي الأكثر طلباً إلى الخارج، فكثير من المحال التقليدية، التي يزيد عمر بعضها عن سبعين أو مئة عام، قد فتحت فروعًا إضافية في لبنان والأردن وتركيا ومصر. «الحلويات السورية هي الأقل تكلفة والأجود لناحية المذاق وكانت قبل الحرب قد وصلت إلى نيويورك وأستراليا».
بدورها تقول السيدة بثينة إن التكاليف العالية للحلويات في الأسواق قد دفعت عائلات عدة لصنعها في المنزل لاستهلاكها أو بيعها بأسعار تنافس السوق. تضيف ابنة حي «باب سريجة»: «الناس هنا وفي المناطق المتوسطة تفضل المعمول أو البرازق والغريبة ذات التكلفة الأقل، نعتمد أنواعًا معينة من الطحين والتمر وأحياناً الزبدة كي لا يزيد سعر العلبة عن ألفي ليرة وهو رقم يبقى مقبولاً لكثيرين». فيما تضيف زميلتها في المجال نفسه أن أصنافًا لم تكن تتمتّع بشعبية نالت رواجاً في هذه الأيام نظرًا لكلفتها المحدودة مثل «السمسمية».
طارق العبد
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد