محامين صدّقوا وكالات قديمة من دون علم موكلهم
حينما نسمع أن ولداً أساء لوالده بتوجيه كلمات غير لائقة نقول إنه ولد عاق لم يحترم معنى كلمة الأبوة، ولكن حينما نسمع أن ولداً ينصب على والده ويخرجه من المنزل بعدما زور أوراق البيع بالتواطؤ مع بعض المحامين فإن هذه من علامات الساعة.
لم يكن أمام أحد الآباء الشيوخ إلا أن ينزل إلى المحكمة لعله يجد من ينقذه من أفعال ولده الذي طرده منذ سنوات من منزله وبما أن هذا الشيخ لم يدخل إلى محكمة قط بدأ يتسكع على كل من يشاهده أمامه لعله يجد لديه الجواب الشافي لمصيبته التي دخلت بيته من دون إنذار.
والقصة بدأت أن الولد لجأ لأحد المحامين لينقل ملكية البيت من والده إليه، وباعتبار أن المحامي لديه خبرة كبيرة في إيجاد الثغرات في القانون اقترح على الولد أن يتواصل مع المحامي الذي وكله والده منذ سنوات عديدة، وبالفعل تم ذلك فتم الاتفاق على أن يحضر المحاميان أمام القاضي لتثبيت البيع لمصلحة الولد بعدما صدق محامي الأب الوكالة من جديد مستغلاً أن الوالد لم يعزله حينما انتهت القضية التي أوكله بها.
وبناء على حضور المحاميين أمام القضاء تم تثبيت البيع لمصلحة الولد ونقل الملكية بالطابو من ملكية الأب إلى ابنه من دون علم الأب الذي أصبح شيخاً كبيراً.
وفي وقت كان الأب يعيش في أمان في بيت يبلغ سعره عشرات الملايين دق مندوب المحكمة الباب وحينما سأله الأب عن سبب وجوده أجابه أن المهلة المحددة لك انتهت ويجب أن تفرغ البيت فما كان من الأب إلا أن أغمي عليه وبعد فترة استيقظ ليتفاجأ بالحادثة ومن هنا بدأت رحلة الأب للحفاظ على بيته المسلوب منه.
اتجه الأب إلى المحكمة وهناك نصحوه برفع دعوى فسخ بيع العقد وبالفعل هذا ما حدث وحصل على قرار قضائي من المحكمة بذلك بعد تبليغ الابن لصقاً إلا أنه لم يحضر جلسات المحكمة لأن عنوانه مجهول ومن ثم استأنف محامي الابن القرار إلا أن القرار صدق بالاستئناف لمصلحة الأب بعدما أدركت هيئة المحكمة أن الأب مظلوم وأن ما حدث هو نوع من الاحتيال.
حالة هذا الأب ليست الوحيدة في مسألة النصب والاحتيال بعدما استغل بعض المحامين وكالة قديمة لتصديقها من جديد، وباعتبار أن المواطنين ليس لديهم الثقافة القانونية التي تخولهم التنبه لعزل المحامي الذي وكلوه في قضية بعد انتهائها لكيلا يستغلها لأغراض أخرى تتسبب في ضياع حقوقهم وخصوصاً إذا كان المحامي لا يمتلك الضمير الأخلاقي الذي تخوله بالحفاظ على أسرار موكله.
بدوره أعلن نقيب محامي سورية نزار علي السكيف أن هناك حالات وردت للنقابة فيما يتعلق بإقدام محامين على تصديق وكالات قديمة من دون علم موكليهم وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم معتبراً أن هناك قلة ثقافة قانونية عند بعض المحامين والمواطنين.
وقال السكيف: إن هذه الحالات ما زالت قليلة إلا أن هذا لا يعني أن النقابة لا تتشدد في هذه المسألة وتحرك الدعوى المسلكية بحق المحامي المتورط في مثل هذا النوع من الجرائم.
وبيّن السكيف أن تصديق وكالة قديمة من دون علم الموكل تعتبر جريمة احتيال وعقوبتها جنائية الوصف إضافة إلى أنه يشطب قيده من النقابة نهائياً.
ورداً على سؤال حول وضع مادة قانونية في مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة تنص على إنهاء توكيل المحامي في أي وكالة بعد مضي فترة من الزمن قال السكيف: لا نستطيع ذلك لأن هناك من يوكل المحامي بشكل دائم ومنهم من يوكل المحامي لقضية معينة مشيراً إلى أن الموكل يجب أن يتنبه لذلك وأن يعزل المحامي بعد الانتهاء من الموكل فيها.
ورأى السكيف أن المحامي الذي يصدق وكالة قديمة من دون علم موكله قد أساء لليمين الذي أقسمه في بداية ممارسته للمهنة ولأهداف التوكيل ومن ثم فإنه من الطبيعي أن تتخذ النقابة إجراءات شديدة بحقه. وفي سياق منفصل أكد السكيف أن مشروع قانون تنظيم مهن المحاماة شارف على الانتهاء وهناك بعض الأمور يتم إنجازها فيه.
محمد منار حميجو
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد