كتيبة مدعومة أميركياً تنضم إلى «النصرة»
في خطوةٍ من شأنها تسليط الضوء على طبيعة الفصائل التي تدعمها الولايات المتحدة وتزوّدها بأسلحة حديثة مثل صواريخ «تاو» المضادّة للدروع، أعلنت «الكتيبة الثانية المركزية» بقيادة أحمد قسّوم انشقاقَها عن «لواء صقور الجبل»، وانضمامها للقتال تحت راية «فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقاً).
وجاء انشقاق الكتيبة بسبب اعتراضها على الاندماج مع «الفرقة 13» المدعومة أميركياً بدورها، وتشكيل ما سُميّ «جيش إدلب الحر». وبحسب البيان الصادر عن الكتيبة أمس، فإن هذا الاندماج «يُعدّ من أعظم الشبهات».
وقال البيان «نعلن نحن الكتيبة المركزية الثانية لصقور الجبل بقيادة أحمد قسّوم، انفصالنا عن جماعة صقور الجبل بسبب وقوعهم في كثير من الشبهات، أعظمُها الاندماج مع الفرقة 13 تحت مسمى جيش إدلب الحر». وأضاف «نعلن أننا مستمرون في هذا الجهاد، لكن ليس تحت قيادة صقور الجبل، بل سنعمل تحت قيادة الإخوة في فتح الشام».
وكانت ثلاث فصائل هي «صقور الجبل» و»الفرقة الشمالية» و«اللواء 51» قد أعلنت، الأسبوع الماضي، الاندماج في ما بينها، وتشكيل «جيش إدلب الحر». وحظي هذا الجيش غداة تشكيله بوقوع الخيار الأميركي عليه ليكون الفصيل الذي يتلقى الدفعة الأولى من راجمات صواريخ «غراد» الحديثة التي يصل مداها إلى حوالى 20 كيلومتراً.
ومن شأن الانشقاق الذي حصل في «صقور الجبل» أن يطرح العديد من التساؤلات عن المعايير الأميركية المتّبعة لفرز الفصائل واختيار ما يُعدّ معتدلاً منها، كما من شأنه أن يثير الشكوك في صدقية الادعاءات الأميركية بوجود فصائل معتدلة غير قابلة للتحوّل نحو التطرف بحسب الظروف ومتطلبات الساحة.
وهذا يستدعي التساؤل عن مدى استفادة «جبهة النصرة» من وراء هذا اللبس الذي تخلقه الولايات المتحدة في طبيعة بعض الفصائل وعدّها معتدلة، الأمر الذي يتيح لها الحصول على الأسلحة الأميركية الحديثة، من ثم مشاركتها مع الجهة الحقيقية التي تواليها وهي «النصرة». وهل هذه الكتيبة هي الوحيدة أم هناك كتائب أخرى ضمن فصائل مدعومة أميركياً، تدّعي الاعتدال في الظاهر ليكون مجرد ذريعة لها للحصول على حصة من التسليح الأميركي ووضعها في مستودعات «جبهة النصرة» أو ربما غيرها من الفصائل المصنفة إرهابية، أو على الأقل استخدامه بما يحقق مصلحة هذه الفصائل المتشددة التي تقول واشنطن إنها تحاربها؟
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قد احتفت في شباط الماضي بمقطع فيديو يُظهر أحد رماة «صقور الجبل» وهو يصيب دبابةً روسية بواسطة صاروخ «تاو»، واصفة المقطع بأنه «واحد من عدد قليل جداً من الفيديوهات التي توثق لحظة تدمير التاو الأميركي دبابة روسية حديثة الطراز هي T90». ومن غير المستبعد أن يكون الرامي الذي ظهر في هذا المقطع من عناصر «الكتيبة الثانية» التي أصبحت تقاتل الآن في صفوف «النصرة»، لأن المعطيات المتوفرة تؤكد أنّ هذه الكتيبة هي التي ذهبت إلى ريف اللاذقية للمشاركة في القتال هناك، والمقطع بحسب «واشنطن بوست» تمَّ تصويره في قرية الشيخ عقيل في ريف اللاذقية.
ويبدو أنّ الانشقاق كان بمثابة انقلاب على قيادة «الكتيبة الثانية» ممثلة بمحمد أبو حسام الموجود في تركيا لتلقي العلاج إثر إصابة تعرض لها، حيث أصدر الأخير بياناً أكد فيه أنه حلّ قبل بضعة أيام الكتيبة نتيجة «الأخطاء المرتكبة وبعلم قيادة اللواء (صقور الجبل)»، مشدداً على أن البيان الموقع باسم أحمد قسّوم، المكلف من قبله إدارة شؤون الكتيبة لحين عودته من العلاج، «لا يمثلني ويعدّ قراراً فردياً وأنا بريء من هذا الكلام».
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد