الصراع على سورية هو جزء من الصراع على عالم ما بعد الحداثة
د. عماد فوزي الشعيبي:
لسنا وحدنا الذين لا نعرف.. خبراء من الغرب لايعرفون. إنها لحظة فارقة في الفكر الانساني؛ حيث يتداولون جماعة ً ما اعتادوا عليه فيما العالم يتغير
اليوم يأتينا خبيران فرنسيان ليحاضرا فينا عن التصورات النمطية بأن الصراع الدولي الحالي ستكون نهايته تشكيل عالم متعدد القطبية، وفي هذا الكثير من النمطية التي تظن أن العالم إما سيكون احادي القطبية أو ثنائي القطبية أو متعدد القطبية ،لكن أحداً لا يستطيع تخيل أنه بلا قطبية منذ عقود ، وقد يستمر لعقود طويلة هكذا بلا رؤوس وبحالة صراع.
آلان كورفيز يقدم لنا كجنرال استراتيجي فرنسي ديغولي النزعة يساري التوجه ، يقول العالم متجه نحو تعدد القطبية ويدلل على ذلك بأن البريكس هي التي ستوازن القوة الأمريكية. نرد على ذلك : بأن التصور عن ان ما يحدث هو اعادة التوازن الدولي نمطي typical وكذلك تعدد القطبية.
فما يحدث حاليا تجسيد لعالم اللاقطبية المستمر ، وبالتالي فإننا نرى أن:
1. عالم اللاقطبية مرشح لعدم التبلور لعقود سواء لجهة تعدد الأقطاب كما تفضلت به او لجهة القطب الواحد. فبريكس ليست قوة اقتصاد عسكري للتوازن مع امريكا والناتو . واللاقطبية مرشحة للاستمرار في عالم ما بعد بعد الحداثة.
2. البريكس وصحبها قوة اقتصادية صاعدة ولكنها ليست قوة عسكرية موازية، والتوازنات الدولية تكون اقتصادية وعسكرية معاً. فيجيبنا برومانسية سياسية تتحدث عن عالم بلا قوى نووية لانها لا تستعمل متناسياً انها كذلك فعلاً للردع وللتوازن الدولي فالاتحاد السوفياتي غدا قوة موازية لانه امتلك السلاح النووي فضلا عن انتصاره بالحرب العالمية الثانية وبسبب قوته الاقتصادية.
ريشار لابفيير استراتيجي أقرب إلى صحفي وهو يعتبر أن مصير العالم مرتبط بهذا الصراع وأن الجغرافية الناتجة من هذا الصراع ستؤثر على كل الدول.
نتفق معه بالإجمال ولكن ثمة تفاصيل َ أكبر من هذا لأن عالم مابعد الحداثة قد لا ينتهي إلى بلورة شيء على المدى المنظور بمعنى ان الفوضى والصراعات التناحرية قد تستمر لعقود طويلة دون ان تتبلور لا عن جيوبوليتيك جديد ولا عن تبلور نظام عالمي جديد. فقد تكون اللاقطبية الحالية وفوضى اللاقرار العالميين هما مؤشرا النظام الحالي والقادم لعقود لا نعرف بعدها الى اين سوف ينتهي بنا الابحار في عالم ما بعد بعد الحداثة.
نعم الصراع في سورية وعلى سورية ومع سورية (دولياً) وليس بين أبناء البلد نفسه ، هو جزء من الصراع من أجل تثبيت ويستفاليا التي بدأت معها السيادة وبالتالي الحداثة ، وهذا نتفهمه روسياً خشية أن تاتيها رياح التدخل، بعقر دارها ، لكن الحداثة، تواجه حالياً بما بعدها أي الفوضى، ونتيجة هذا الصراع في عالم ما (بعد بعد الحداثة) قد يكون الهجين بين السيادة والفوضى أو اللانظام او نظام اللانظام ! وهذا صعب التوصل اليه بمقاربة واقعية وقد لانستطيع تصوره، فما يحدث هو صراع من أجل عالم ما بعد بعد الحداثة غير المتعيّن سلفاً. والذي تشوه التصورات الاستباقية عنه التجارب التاريخية التي تعتبر قياساً فاسداً يستند اليه.
وهنا بالذات يصبح المنهج التاريخي، من عالم الحداثة ، ولا مكان له في عالم المستبقبل كما كان في الماضي.
تخرج من هكذا حوارات بأن ثمة ازمة لدى النخب في العالم وليس فقط في بلادك، وان هذا سببه فعلياً ان التحولات العالمية لاتزال تقرأ بعقلية الماضي النمطية وان الداء هو ذاته.
إضافة تعليق جديد