عن الأندومي والفيزون والتجار وفقراء الدير الصابرين
فراس القاضي:
السادة التجّار.. السادة داعموهم:
بعد التحية العربية الأصيلة، التي تفرضها علينا قيمنا وتقاليدنا، وخاصة، إغاثة الملهوف، وإجارة المستجير، نعلمكم ما يلي:
نحن الفقراء، الضيوف ثقيلي الظل في بلدكم، لاحظنا في الفترة الأخيرة، تراجعاً واضحاً في وارداتكم التي شرّفنا الله بأن قسماً منها – ولو كان ضئيلاً – يأتي منّا. وهذا لا يرضينا أبداً، ويُقلقنا من حيث حسابات الدنيا والآخرة، إذ ماذا سنقول لله حين يسألنا عنكم؟ وعمّا فعلناه في دنيانا لإسعادكم؟ وإرضاء أبنائكم؟ وخدمة زوجاتكم وعشيقاتكم وأهاليكم؟ إنه حملٌ ثقيلٌ يا سادة، رفضته الجبال، وحمله ابن آدم الغبي المقهور.
وبناء على الملاحظة المذكورة، اجتمعنا، وقررنا مناقشة الأمر معكم، وذلك خشية من ازدياد هذا التدهور غير المقبول.
فاكتشفنا من خلال نقاشاتنا الداخلية، أنكم (خريتوها) جداً فيما يخص الأسعار، لذا، ما عاد بإمكان الكثير منّا، رفدكم بما يملكه مرغماً، وصاغراً ذليلاً أمام لقمة أولاده.
وآلمنا جداً – والله - أن توجهَنا الممنهج إلى الأندومي، قد ساهم في خسارة بعض شركاتكم، واقترحنا – فور علمنا بهذه الكارثة - تشكيل لجنة، مهمتها الوحيدة نشر الإشاعات حول الأندومي، بأنه مُسرطن، ومُضر، ويسبب العجز الجنسي. وتعلمون كم يثيرُ مصطلح العجز الجنسي، الهلعَ بين الفقراء، بين الذين ما عادوا يجدون ما يؤكد لهم أنهم رجالٌ، سوى ابتسامة نصفِ مزيّفة على وجه الزوجة، والحمّام الصباحي.
والحمد لله، بدأت الشائعات تؤتي ثمارها، وبدأنا نسمع عن وفيات سببها الجوع.. سلوا أهالي دير الزور.
أما فيما يخص اللباس، فكان قرار مصادرة (البسطات) ومنعها، قراراً حكيماً جداً. ما هذي المهزلة أساساً؟ كيف يجرؤ هؤلاء على سرقة الزبائن منكم؟ كيف يجرؤون على توفير بنطال جميل لصبيةٍ بسعر رخيص؟ ألا يعلمون أن على تلك الصبية مضاجعة أولادكم لتحصل على بنطال؟ أو موبايل؟ أو سكن؟ يا لها من مهزلة.. نطالب بأشد العقوبات لهؤلاء الخونة. لكن..
في نهاية الأمر، لا بد من شيء نلبسه، لذا نرجو أن تزيدوا من تبرعاتكم، لجمعياتكم، ومؤسساتكم الخيرية، وهذا أيضاً سيعود عليكم بالفائدة، وسيزيد من ولائنا وحبنا لكم، فتخيّلوا مثلا مدى السعادة والامتنان الذي سيصيبني، لو علمت بأن القميص الذي سأرتديه - والذي حين تعطوني إياه، ستنشغل بقصته كل وسائل الإعلام، وكل مواقع التواصل الاجتماعي - كان لأحد أبنائكم؟ والله إن مجرد تخيّل الموقف ملأ عيوني بدموع الفرح، فكيف لو ارتديت هذا القميص حقيقة، وشممت فيه رائحة عرقكم؟ يا الله، يا الله.
السادة التجار.. السادة داعموهم
نعلم أنكم لا تزورون (المولات) والوكالات والمحلات التجارية، ونقدّر جيداً، أن نهبَ وطنٍ، بتاريخه، وحضارته، ورجاله، ونسائه، وأطفاله، وشهدائه، وجرحاه، ومعطوبيه، يستلزم جهداً كبيراً، ويأخذ وقتكم كله.. كان الله في عونكم، لكن أبناءكم وزوجاتكم وعشيقاتكم، هؤلاء الذين نَشهد ونُشهد الله أنهم يتحملوننا كثيراً حين نزعجهم بالمرور بجانب عرباتهم، يزورونها بكثرة، بل يكادون لا يغادرونها، فاسألوهم عن الفرق بين نسبة المتسوقين في الداخل، والمتسولين في الخارج، وعن الذين ينظرون من بعيد فقط، وعن الذين لا يجرؤون حتى على النظر. وحين يخبرونكم، ستدركون أن الوضع خطيرٌ، وأن مشكلةً تلوح في الأفق، ولا نخشى على أنفسنا من هذه المشكلة بالطبع، بل عليكم، لأنكم إن تضررتم بسببنا، لن نسامحَ أنفسنا، وقد يقتلنا الحزن على ما اقترفته أيادينا الآثمة الوسخة التي لا يليق بها سوى مسح زجاج عرباتكم، ولا نسمح لها بأكثر من التصفيق لكم.
السادة التجار.. السادة داعموهم
مؤسستكم التجارية التي نسميها نحن، وطن، ضاقت بنا.. نرجو افتتاح أقسامٍ جديدة.. نريد أن نعيش.
نسخة إلى:
شركات إعادة الإعمار
شركات الصرافة
شركات "التنمية" الجديدة
وزارة السياحة والمقاهي
وزارة الإعلام
لجان المصالحة الوطنية
الهيئة العليا للاستثمار
مول كفرسوسة
المكتب الاقتصادي في محافظة إدلب
الهجرة والجوازات
مجلس الشعب
شؤون الشهداء
وزارة الداخلية الألمانية
مشفى المجانين
الله تعالى
إضافة تعليق جديد