هل حققت الضربة الأميركية على سورية أهدافها؟
الجمل- بقلم: James Cogan- ترجمة: وصال صالح:
مع ساعات الفجر الأولى بالتوقيت المحلي لسورية، أطلقت سفينتان حربيتان في البحر المتوسط 59 صاروخ كروز توماهوك على قاعدة جوية سورية في الشعيرات قرب حمص، يًذكر ان الهجوم هو أول هجوم مباشر من قبل الولايات المتحدة ضد الدولة السورية المدعومة من قبل كل من الحكومتين الروسية والإيرانية، ما سيغرق العالم في أيام من الشك وعدم الثقة فيما يتعلق بالنتائج والعواقب،ويسلط الضوء على التهور والعمل الإجرامي الأميركي في ظل وجود القوات الروسية في القاعدة.
من جهتها أصدرت القيادة السورية إدانةً مريرة للهجوم الأميركي ووصفته بأنه "عدوان" بينما تشير تقارير إلى ارتقاء ما لا يقل عن أربعة جنود سوريين وتدمير للقاعدة تقريباً، جرى الحديث عن علم مسبق للجيش الروسي ً بان القاعدة ستتعرض للقصف، وروسيا تملك أعداداً كبيرة من الطائرات والعسكريين في القاعدة في إطار المساعدات التي تقدمها للقوات السورية في خضم القتال الذي تخوضه الدولة السورية منذ ست سنوات ضد التمرد الذي ترعاه الولايات المتحدة والمتمثل بالجماعات الإسلامية المسلحة، ويبقى السؤال إن كانت روسيا علمت الضربة مسبقاً فهل منحت نافذة كافية من الوقت لسحب أصولها ومنع إلحاق الضرر بها؟
ذريعة الهجوم الأميركي هي أكثر المزاعم شراً ومشكوك بها، بأن القوات الجوية السورية استخدمت الأسلحة الكيميائية في هجوم على المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون يوم الثلاثاء، المزاعم مشكوك بها، قبل كل شيء، لأنه ليس لدى الدولة السورية دوافع لاستخدام مثل هذه الأسلحة، لأنها تعلم بأن ذلك سيكون سبباً وذريعة لإدارة ترامب لتدخل مباشر تقوده الولايات المتحدة، على النقيض من ذلك، المتمردون الإسلاميون، جنباً إلى جنب مع مستشاريهم من ال CIA لديهم دافع كبير في ظل ظروف يواجهون فيها هزيمة عسكرية كاملة، علاوة على ذلك، من المعروف أن ميليشيا النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة تملك الأسلحة الكيميائية وقد استخدمتها في السابق.
يوم الخميس، مرة أخرى رفضت القيادة السورية رفضاً قاطعاً مسؤوليتها عن أي هجوم بالأسلحة الكيميائية وقال وزير الخارجية السورية وليد المعلم "أؤكد مرة أخرى أن الجيش العربي السوري لم ولن يستخدم الأسلحة حتى ضد الإرهابيين الذين يستهدفون شعبنا".
تجدر الإشارة إلى أن الهجوم على سورية هو نتيجة لشهور من الحرب الأهلية السياسية في واشنطن، حيث رأينا ترامب يتعرض للشجب من قبل الحزب الديمقراطي ومن الكثير من وسائل الإعلام بصفته دمية في يد روسيا بسبب إعلانه عن أجندته في تحسين العلاقات مع موسكو، المعارضون المحليون له نجحوا في إرغام الإدارة الجديدة على التحول والتركيز بشكل مباشر فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية على تصعيد العمليات في الشرق الأوسط.
النتيجة هي احتمال الانحدار السريع نحو مواجهة مع إيران وروسيا المسلحة نووياً، ويُعتقد ان الجيش السوري سيستخدم أنظمة صواريخ متطورة مضادة للطائرات روسية الصنع، الآن سينتقم مشتبكاً مع الطائرات الأميركية في المجال الجوي السوري أو سيشن هجمات على القوات الأميركية العاملة على الأرض مع مختلف الميليشيات المتمردة الأخرى على أجزاء من البلاد.
جدير بالاهتمام أن ترامب أذن بالقصف في الوقت الذي كان يجلس فيه لتناول العشاء والصوربمناسبة زيارة الرئيس الصيني إكسي جينبينغ، الذي كان قد وصل إلى الولايات المتحدة فقط قبل ساعات والمعروف أن حكومته منحازة باستمرار مع روسيا في الدفاع عن سورية. من بين القضايا العديدة التي تطرحها الضربة الأميركية، هوما إذا كانت القمة على المستوى العالي بين ترامب وإكسي ستمضي قدماً، حيث أن الوضع، وفق أي معيار، غيرمسبوق وأن الزعيم الصيني إكسي سيواجه اتهامات هائلة في الصين، عندما تتم مشاهدته يجلس إلى جانب ترامب في محادثات دبلوماسية لطيفة في منتجع فاخر للغولف في فلوريدا، بينما حكومته، روسيا،إيران ودول أخرى نددوا بالعمل الأميركي الأحادي الجانب والغير قانوني للحرب على سورية. أكثر من ذلك، كانت إدارة ترامب هددت بشن هجوم وقائي على كوريا الشمالية وإثارة حرب كارثية على حدود الصين، إن الضربة الصاروخية لسورية ستزيل أي مجال للشك في الدوائر الاستراتيجية والعسكرية الصينية فيما إذا كانت إدراة ترامب مستعدة لإصدار أمر لمثل هذا العمل ضد كوريا الشمالية.
ترامب عقد مؤتمراً صحفياً مساء الخميس في قصر في فلوريدا، بكلمات تقطر بنفاق الإمبريالية أعلن "الليلة أدعو جميع الدول المتحضرة للانضمام إلينا في سعينا لوضع حد لهذه المجازر وسفك الدماء في سورية وأيضاً لوضع حد للإرهاب بجميع أنواعه وأنماطه".
في وقت لاحق أصدر وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون بياناً اتهم روسيا بأنها "متواطئة" في هجوم الغاز المزعوم وشجب فشلها في الوفاء بتعهداتها عام 2013 في ضمان تدمير الأسلحة الكيميائية السورية في ذلك الوقت، وكانت إدارة أوباما في إطار مواجهتها لشكوك المؤسسة العسكرية الأميركية والمعارضة الشعبية، استخدمت الضمانات الروسية للتراجع عن خططها بشن حرب جوية مكثفة ضد الدولة السورية.
في أعقاب الضربات الأميركية أشارت حكومة روسيا مدعومة من بوليفيا، إلى أنها ستطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة للتنديد بالضربة الأميركية، رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس الشيوخ الروسي فيكتور أوزيرو قال للصحفيين بأن الهجوم كان "عملاً عدوانياً ضد دولة عضو في الأمم المتحدة" قبل الضربات الصاروخية، طالبت روسيا بتحقيق محايد في الهجوم الكيماوي المزعوم وحذرت واشنطن من أنه سيكون هناك "عواقب سلبية" إذا ما لجات إلى خيار العمل العسكري. إيران، الداعم الرئيس للدولة السورية، أصدرت بياناً من خلال وزارة خارجيتها أنها "تدين بشدة" العمل الأميركي، مع الأخذ بعين الاعتبارالأعداد الكبيرة من العسكريين الإيرانيين على الأرض ليس فقط في سورية وإنما أيضاً في العراق حيث يقاتلون إلى جانب قوات الحشد الشعبي العراقية.
في سورية رحبت ميليشيا حركة أحرار الشام الممولة من السعودية وتركيا بأي تدخل أميركي من خلال ما دعت ب"الضربات الجراحية" حكومة إسرائيل أصدرت بياناً عبرت من خلاله عن دعمها الكامل للعملية الأميركية، فيما كانت تركيا قد دعمت الضربات في وقت مبكر. وبينما حدثت الضربات في وقت متأخر وفق التوقيت الأوروبي، فإن حلفاء الامبريالية في أوروبا وبعد إمضاء أيام في استغلال هجمات الغاز المزعومة في التنديد بحكومة الأسد وروسيا والدعوة لعمل عسكري، لم تصدر بيانات رسمية بعد.
على الجانب الاخر من العالم، تلقى وزير الدفاع الاسترالي اتصالات هاتفية من مسؤولين أميركيين قبل ساعات من الضربة الأميركية، هذا مع العلم أن استراليا تملك قاذفات قنابل وغيرها من الطائرات المقاتلة الأخرى العاملة مع القوات الأميركية في سورية، وكانت كل من الحكومة وحزب العمال المعارض أصدرا بيانات أيدا من خلالها الضربات الأميركية تماماً ، على الرغم من أن رئيس الوزراء مالكولم تيرنبول لم يؤكد ما إذا كان الجيش الاسترالي سينضم للهجمات على سورية.
عن: World Socialist website
الجمل
إضافة تعليق جديد