السعودية تدخل الفترة الأكثر دراماتيكية في تاريخها الحديث
الجمل - بقلم: ديمتري نيرسيسوف - ترجمة: وصال صالح
تشير الأخبار الأخيرة المتداولة عن تعرض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمحاولة اغتيال، إلى مرحلة متزايدة من عدم الاستقرار في أكبر دولة عربية نفطية، التي تواجه بالفعل عدداً من المشاكل المعقدة جداً. باختصار المملكة قد تشهد الفترة الأكثر دراماتيكية في تاريخها الحديث.
في الحقيقة لا توجد تقارير خاصة فيما يتعلق بمحاولة اغتيال ولي العهد بن سلمان، غير انه تردد أن المحاولة جرت في مدينة جدة التي تعدّ –العاصمة الاقتصادية للمملكة- وقيل أيضاً أن المحاولة دُبرت من قبل أحد الأمراء، الذي ألقي القبض عليه فيما بعد. ولم يصدر أي تأكيد رسمي أو نفي من السلطات السعودية.
ما من شك أنه هناك العديد من الناس في العائلة المالكة السعودية الضخمة ممن يريدون التخلص من ولي العهد الشاب، الذي مكنه صعوده السريع إلى رأس هرم السلطة من السيطرة لدرجة غير محدودة على الاقتصاد والجيش السعودي (بدعم من والده العجوز، الملك سلمان) بينما هو في ال30 من العمر وهذا ما أثار غضب العشائر العائلية المتنافسة.
أيضاً تدور الشائعات عن أن محمد بن سلمان قد يتولى عرش المملكة السعودية في الأشهر المقبلة. بينما ذهب والده إلى المغرب للراحة والاستجمام، ترك ابنه لحكم البلاد كاختبار آخر له. وعند عودته إلى البلاد، قد يتنازل الملك سلمان لصالح ابنه.
تجدر الإشارة إلى أن محمد بن سلمان وحتى المملكة برمتها قد تستعد لفترة عصيبة من الاضطرابات الداخلية حيث هناك ثلاثة عوامل أخرى على الأقل قد تجعل الأمور كلها أكثر تعقيداً، وتتمثل هذه الأمور أولاً، بالحرب الجارية في اليمن. ثانياً، التهديد الذي وجهه بن سلمان لداعش. ثالثاً، التوترات المتزايدة في المنطقة الشرقية التي يسكنها الشيعة.
بداية كات الحرب اليمنية أول اختبار كبير لمحمد بن سلمان، باعتباره وزيراً للدفاع. المشكلة هي أن الحرب على اليمن لم تنجح على الإطلاق بالنسبة له حتى الآن. هذا مع الأخذ بعين الاعتبارأن أمد هذه الحرب المستمرة قد طال ولم يحقق أي نتائج، على الرغم من أن القائد الشاب يحتاج لنجاح هذه الحرب حاجته للهواء. لقد أدت الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية إلى سقوط عدد كبير من الضحايا مما أدى إلى موجة من الانتقادات الموجهة للسلطات السعودية. من جهة أخرى إذا لم يتحقق النجاح في اليمن، فإن الدور المتنامي الموضوعي للجيش يمكن أن يصبح عاملاً من عوامل زعزعة الاستقرار.
غير أن التهديد الأكثر خطورة يتمثل بالشباب المتطرف. هنا يواجه النظام السعودي عواقب سياساته الخاطئة المتمثلة في دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة في جميع أنحاء العالم الإسلامي. إذ ليس سراً أن تنظيم القاعدة (المنظمة الإرهابية المحظورة في روسيا) والعديد من المنظمات الأخرى المرتبطة بها، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين يلقون الدعم الكامل من العشائر السعودية. إن استياء السعودية من قطر ما هو في واقع الأمر إلا مثال للنفاق، حتى وقت قريب، كانت الدولتان الملكيتان متضامنتان في تمويل نفس القوات المتطرفة.
في ظل ظروف اليوم، ترعرعت المنظمة الإرهابية داعش على المال السعودي لتتحول فيما بعد إلى تهديد للرياض. قررت المملكة إعلان "الحرب على الإرهاب والتطرف" على الرغم من أن جذور الإرهاب والتطرف متعمقة في أذهان الشباب السعوديين. وكانت استطلاعات الرأي كشفت بأن عدداً كبيراً من السعوديين، خاصة جيل الشباب يدعمون "المثل العليا" للجماعات الإسلامية المسلحة مثل تنظيم داعش، وبدرجة أقل يدعمون ممارساتهم.في ظل هذه الظروف، بالتأكيد فإن وريث العرش، محمد بن سلمان، لا يمكن أن يشعر بالأمن تماماً في مواجهة ملايين الشباب الذين يعلنون عن تعاطفهم مع الإرهابيين.
التهديد الثالث لنظام السعودي، يتمثل بالمنطقة الشرقية المضطربة من المملكة، حيث يشكل الشيعة غالبية السكان. ولن توفرإيران وقطر فرصة للاستفادة من الوضع القائم واستياء السكان الشيعة الذي يدفعهم للنضال ضد نظام الرياض. جدير بالذكر أن الأعمال القتالية تجري على مقربة من مدينة القطيف على ساحل الخليج منذ شهور، بينما تفضل السلطات السعودية التحدث عن الاشتباكات على أنها مع رجال عصابات ومهربين، لكن لا شك أن هذه الحرب الواسعة النطاق تُخاض ضد جماعات منظمة أصبحت أكثر نشاطاً بعد تنفيذ حكم الإعدام بالشيخ نمر النمر العام الماضي.
في الوقت الراهن، ليس لدى السعودية أي سبب للأمل بانخفاض هذه التوترات في شرق البلاد. بينما يشير تصاعد الخلاف مع قطر والمواجهة مع إيران إلى خلاف ذلك. الأهم من هذا كله أنه ليس لدى المملكة السعودية أي أحد يمكن أن تعتمد عليه، وحليفتها الاستراتيجية الطويلة الأمد –الولايات المتحدة- لا تثبت نيتها وعزمها بحماية مصالح العائلة المالكة وضمان استقرارها وحرمتها.
عن: Pravda.ru
إضافة تعليق جديد