هل دخلت الكهرباء والغاز والمشتقات النفطية في مربع الطمأنينة ؟
في أول اجتماع لها وبعد ساعات على إعلان تشكيلها، أعلنت الحكومة الحالية سعيها لمعالجة واقع الطاقة في البلاد، واعتبار معالجة ملف الكهرباء وتأمين تدفق الوقود لتلبية احتياجات المواطنين والمصانع وكامل العملية الانتاجية كأولوية متقدمة.
وفعلاً تم وضع خطط لتأمين الإمدادات من الدول الصديقة وخاصة إيران، لم تمر الأمور وقتها كما رسمت وخططت الحكومة وكان الشتاء المنصرم قاسياً بسبب توقف إيران عن شحن النفط باتجاه سورية، ما دفع الحكومة للإسراع بتطبيق خطة بديلة “لم يكن الأمر بتلك السهولة واحتاج لمخاض عسير”، ولكن العمل المتواصل وحسن إدارة الملف القائمة على الإنسجام والتكامل بين وزيري النفط والكهرباء من جهة ورئيس الحكومة “العارف لكل مشاكل النفط والكهرباء ” تم التوصل إلى حلول تضمن توارد ناقلات النفط والمشتقات إلى الموانئ السورية، وتم التواصل مع إيران لاستئناف التوريد بموجب خط الائتمان، ودفعت الحكومة السورية أكثر من ملياري دولار ثمناً للنفط ومشتقاته وقالت أنّها لم تدفع دولاراً واحداً من احتياطات المركزي الذي كان ما زال في طور ترميم احتياطاته المستنزفة.
كل النفط المتعاقد عليه اضطرت الحكومة لاستيراده بتكاليف إضافية تصل إلى 20 % ولكن لم يكن هناك ثمة خيار آخر لتأمين احتياجات البلد، في وقت تم فيه استهلاك كل الاحتياطي الاستراتيجي “إلى درجة صار الوضع فيه خطيراً للغاية”.
كانت الأمور قاسية جداً ومواجهة المشكلة الكبيرة والحقيقية لم تكن بالأمر السهل على الإطلاق، ولكن لاحقاً تم فعلاً السيطرة على الأمر عبر مجموعة جريئة من القرارات والخطوات بعضها كان أشبه بالمغامرة ولكن لا بديل ولا حل غير ذلك، تم تعويض الاحتياطيات في غضون ثلاثة أشهر “وهو الآن ضمن المستويات التي كانت قبل الأزمة” وبدأ توفر المشتقات في البلاد بشكل تم من خلاله السيطرة على الوضع تماماً، استقرت ساعات تقنين الكهرباء كما وعدت الحكومة اعتباراً من مطلع أيار الماضي. كل هذا كان بالتوازي مع تعليق الآمال على خطة تحرير الآبار التي سار بها الجيش بشكل رفع إنتاج سورية من الغاز إلى أكثر من نصف مما كانت تنتجه قبل الأزمة “حالياً إنتاج سورية من الغاز 13 مليون متر مكعب يومياً” كان قبل الأزمة 24 مليون متر مكعب يومياً.
تحسنَ إنتاج الغاز بشكل ملحوظ والأمر يسير إلى مزيد من التحسن بل إلى وضع ممتاز مع استمرار عمليات الاستكشاف والتي يبدو فعلاً أنّها ستضع سورية في الصف الأول بالمنطقة بين الدول المنتجة للغاز، ماسينعكس إيجاباً على واقع إنتاج الكهرباء والصناعة وحياة الناس.
إذاً نجحت حكومة المهندس عماد الخميس في استيعاب واقع الطاقة والمرور به إلى “بر الأمان ” بفضل قرارات شجاعة تغلبت من خلالها على السياسات السابقة التي كانت تعرقل أي حلول بحجة قلة الموارد. الواقع الحالي لواقع المشتقات النفطية والغاز يُنبأ بشتاء دافئ مع اتخاذ كل التدابير لمواجهة أي احتمالات في موضوع توفر المشتقات لزوم توليد الكهرباء واحتياجات المواطنين وأيضاً احتياجات العملية الانتاجية ككل.
وهذا النجاح مرّده إلى روح الفريق والعمل الجماعي الذي انتهجته الحكومة حيال موضوع التعامل مع ملف الطاقة ككل، فكان هناك أولاً تواصل وانسجام في العمل بين وزيري الكهرباء والنفط وعملا معاً وبشكل مؤسساتي من أجل: أولاً تدارك أي حالة طارئة، وثانياً من أجل تأمين الاستدامة في موضوع تأمين تدفق الوقود لزوم محطات توليد الكهرباء قدر الامكان وقيادة العملية بشكل احترافي مدعوماً ومُتابعاً بدقة واهتمام من قبل رئيس الحكومة الذي يحرص على الإحاطة بكل ما يتعلق بوضع الطاقة وخاصة الكهرباء ولم يتردد في اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة لتأمين تحسن وضع الطاقة. بل وبحث عن مصادر للتمويل دون الضغط على احتياطيات المركزي الذي كان يقود في جبهة عمل أخرى من أجل ترميم احتياطياته التي استنزفت في عهد الحاكم السابق والحكومة السابقة، وخلال أسابيع قليلة والكل يتذكر تبنى خطة بديلة لتأمين المشتقات النفطية بعد أزمة نقص المشتقات في الشتاء الماضي، وضع تواريخ زمنية لتحسن التقنين، وتم السير بدقة باتجاه تحقيق الهدف رغم أنّ الظروف لم تكن مثالية، ولكن بفضل حسن قيادة الملف بشكل تكاملي بين رئيس الحكومة والوزارات المعنية والجهات الأخرى الشريكة تمكنت البلاد من الوصول الى واقع هو الآن وبوضعه الحالي أفضل من كل دول الجوار، خاصة ما يتعلق بانتاج الكهرباء التي تحسنت بشكل واضح الى درجة انخفاض ساعات التقنين في بعض المدن الى حدودها الدنيا.
القرار الجريء والمهم الذي اتخذه المهندس عماد خميس رئيس الحكومة، كان في مد خط الكهرباء الى حلب وهو المشروع الذي لطالما رفضته الحكومة الماضية “تماماً كما كانت تعرقل توريد الوقود إلى محطات توليد الكهرباء” بحجة التكاليف الكبيرة ومروره في مناطق غير آمنة والكثير من الحجج التي كانت تعبر فقط عن عدم رغبة الحكومة السابقة بإعادة الكهرباء إلى حلب. ولكن الحكومة الحالية قررت إعادة الكهرباء الى العاصمة الاقتصادية لسورية. والذي حصل مع تنفيذ هذا الخط ووضعه في الخدمة هو عودة الكهرباء فعلاً إلى حلب. وهو كان التحدي الأهم بعد تأمين تدفق الوقود إلى البلاد “اليوم قدرة المصافي التخزينة أقل من الكميات المتوفرة”.
معلوماتنا تؤكد أنّ وضع الطاقة من حيث الوفرة وكميات الإنتاج سواء الكهرباء أو الغاز وحتى الفيول والمشتقات النفطية جيدة وتعد بشتاء هادئ، وبوفرة في الإنتاج مع تأمين احتياجات القطاعات الانتاجية واستقرارها.
وهذا كله وكما ذكرنا أعلاه مرّده إلى العمل بروح الفريق والنظر بعين المصلحة الوطنية من قبل كافة الأطراف المعنية، ويكاد يكون التواصل بين وزيري النفط والكهرباء على مدار الساعة، في الوقت الذي يُظهر فيه رئيس الحكومة رعاية كاملة من أجل تأمين واقع أفضل بشكل مستمر “وللعلم لاتنقطع الاجتماعات الاعتيادية والطارئة بين الوزراء والجهات المعنية والسيد رئيس الحكومة لمناقشة أي مستجد حتى في تفاصيله الصغيرة”.
بقيّ أن نقول أنّ الواقع الحالي للطاقة وخاصة الكهرباء والمشتقات النفطية جعل لدى البلاد قدرة لاتخاذ قرار برفع كميات الكهرباء المصدرة إلى لبنان يومياً إلى 250 ميغاواط وهذا بلغة الأرقام تعني 30 مليون دولار شهرياً دون أن يكون لها تأثير يذكر على التقنين.
هامش 1: كي لايتهمنا أحد بمديح الحكومة نريد أن نصوب ونقول نحن نحاول أن نؤكد أنّ دولتنا قوية وقادرة على قيادة شؤونها بعد سبع سنوات حرب.
هامش2: وزيرا النفط والكهرباء عملا معاً بمسؤولية عالية وكان التنسيق قائم على أدق تفصيل.
المصدر: سيرياستيبس
إضافة تعليق جديد