سورية:الإعلام الغربي بين تهويل جرائم أعدائه وتجاهل فظائع حلفائه
الجمل - بقلم: داريوس شاهتاهماسيبي- ترجمة: وصال صالح
بينما تندد وسائل الإعلام الغربية بالإجراءات المزعومة للدولة السورية في الغوطة الشرقية، لا تزال الحكومات والمؤسسات الإعلامية في جميع أنحاء العالم تغض الطرف عن الأدلة المتزايدة على أن حليف الناتو يرتكب جريمة حرب في الأراضي السورية مساوية للاتهامات المزعومة الموجهة للنظام السوري.
منذ حوالي سبعة أسابيع، قامت تركيا بغزو جيب عفرين السوري في شمال سورية وعملت على ترهيب السكان المحليين. بينما العالم بأكمله يلتزم الصمت المطبق، والآن يتعين علينا تصديق حرص الحكومات الغربية واهتمامها بالأزمة الإنسانية في سورية.
قام الصحفي باتريك كوكبيرن من صحيفة الاندبندنت الذي كان بالفعل في عفرين لرؤية الوضع بأم العين، بتوثيق الهجوم التركي في عفرين. لا يسع المرء إلا أن يلاحظ الفرق الملحوظ بين التغطية الإعلامية المستمرة للنظام السوري في الغوطة الشرقية مقارنة مع تصرفات تركيا- حليف الناتو. تجدر الإشارة إلى أنه في حالة عفرين، هنا صحفي غربي يكتب لصحيفة غربية كمصدر على الأرض. في حلب في عام 2016 أو كما الغوطة في الوقت الحالي، لا يزال يتعين علينا الاعتماد على مصادر حكومية مناهضة لسورية لها مصلحة راسخة في تغيير النظام في سورية. لا يمكن القول أن ادعاءاتهم ومزاعمهم غير محايدة.
في كتابته للاندبندنت أوضح كوكبيرن أنه لو أي من الصور التي قدمها لما تفعله تركيا بالشعب الكردي في عفرين "لو كانت نفس الصور خرحت من الغوطة الشرقية، لكانت تصدرت نشرات الأخبار التلفزيونية وسيطرت على الصفحات الأولى للصحف."
" ولكانت نيكي هيلي السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة حملت صور الأطفال القتلى والموتى" أضاف كوكبيرن . لكن لأن هذه الأعمال تجري في عفرين وليس في الغوطة الشرقية، في نفس البلد، لكن على بعد 200 ميل، فإنه يتم تجاهلها من قبل كل من وسائل الإعلام والسياسيين الأجانب."
وفقاً لهيئة الصحة المحلية الكردية، يذكر كوكبيرن أن عدد القتلى في عفرين ارتفع إلى 220 قتيلاً و600 جريح، مع استمرار القتال في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وتعتبر عفرين أكبر بكثير من الغوطة الشرقية لكن هجوم تركيا العنيف يعادل الصفر تقريباً من اهتمام وسائل الإعلام، عدد المدنيين المحاصرين في عفرين قد يصل إلى ما بين 323 الف ومليون وهو عدد كبير حتى في أدنى مستوياته، حتى عند مقارنته مع شرق حلب مع تضخيم وسائل الإعلام لكثافة أعداد السكان، حتى أن صحيفة نيويورك تايمز اعترفت وقتذاك بأن حلب الشرقية ربما تضم فقط 10 آلاف مدنياً.
ويشير كوكبيرن إلى أن "هناك العديد من مقاطع الفيديو هذه ما تزال تلتقط في عفرين من قبل الأكراد وأعضاء من القوات التركية التي تظهر قصف المنازل، وأشلاء الأطفال الذين قضوا جراء الإنفجارات وغيرهم من الأكراد الذين تم اقتيادهم بعيداّ."
لا يسعنا إلا أن نلاحظ أن أياً من مقاطع الفيديو هذه لم تظهر على نشرات الأخبار المسائية ومنشورات الفيسبوك حول إنقاذ سورية من العنف الذي يحاصر البلاد حالياً، إحدى هذه الصور التي وثقها كوكبيرن تظهر [مصور] يحدق في الكاميرا بينما تظهر صورة سيارة مدنية محترقة في داخلها جثة السائق، أسنانه البيضاء تظهر بوضوح بينما جسده قد تفحم نتيجة الاحتراق."
بينما تعزف وسائل الإعلام نفس النغمة عن مشاركة الدولة السورية وتورطها في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، إنهم الأكراد الذين الذين يخشون حقيقة أنهم على وشك أن يشهدوا عملية تطهير عرقي خاصة بهم، وفقاً لمصادركوكبيرن، لا يوجد مكان يمكن لهؤلاء السكان الأكراد التوجه إليه، لأن عليهم إما محاولة المرور عبر الجيش التركي أو أن ينتهي بهم المطاف في المناطق التي يسيطر عليها الإسلاميون المتطرفون الذين يحتقرون الأكراد.
الآن، حوالي 35 بالمئة من سكان عفرين هم من الأكراد بينما 55 بالمئة من العرب، بكل وقاحة وصراحة أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن هدف تركيا هو إعادة عفرين إلى "أصحابها العرب" الشرعيين، لو كان الرئيس السوري بشار الأسد قد أعلن شيئاً عنصرياً كهذا، من المشكوك فيه أن تغفرله وسائل الإعلام أو تسامحه أبداً. هذا هو تعريف التطهير العرقي، لكن تركيا لا تزال تحصل على بطاقة مرور مجانية.
يختتم كوكبيرن حديثه بالقول: "لقد أصبت بالذهول منذ عام 2011 بسبب الطريقة غير المتوازنة التي يتم فيها تناول الحرب في سورية من قبل وسائل الإعلام، "تم إيلاء اهتمام كبير للمعاناة التي لحقت بشعب شرق حلب في عام 2016 عندما كانت عرضة للهجوم من قبل الدولة السورية والضربات الجوية الروسية، لكن لم يرد إلا القليل من الأخبارعن التدمير الكامل لمدينة الرقة التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش، مع وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين على أيدي التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.
"لقد اعتدت على عزو مثل هذه التغطية الغير متكافئة للحرب إلى المهارة والموارد الكبيرة للمعارضة السورية في تسجيل ونشر الفظائع التي ارتكبتها الدولة السورية وحلفاؤها، بينما لم يكن لداعش مصلحة في مصير المدنيين الخاضعين تحت سيطرته، بالمقابل في عفرين لا يوجد نقص في أفلام معاناة المدنيين، لكن ببساطة لا يتم بثها أو طباعتها على نطاق واسع وفي جوانب كثيرة كان دور الإعلام الدولي في الحرب السورية جزئياً ومضللاً مثل الأطراف المتحاربة داخل البلاد ورعاتهم الأجانب في الخارج" أكد كوبيرن.
عن: Anti- Media
إضافة تعليق جديد