الجنوب السوري… الكلمة الفصل للميدان!
تزامناً مع استمرار الحشد العسكري للجيش السوري في درعا ومحيطها، بدأت تدرك جميع القوى المنخرطة بملف الحرب على سورية أنّ معركة تحرير درعا بشكلٍ خاص، ستكون لها الكلمة الفصل، وفق نتائجها المنتظرة بأيّ حديث مقبل، يتحدث عن تسويات بالحرب على الدولة السورية، وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة، بين جميع الأطراف.
اليوم ومع قرب انطلاق المعركة التحريرية الكبرى، والمتوقع أن تكون على مراحل، ولن تتوقف عند منطقة درعا البلد بعمق مدينة درعا وستتزامن معها معارك بريف درعا الغربي والشمالي والشرقي وريف السويداء الشمالي، فاليوم بدأت تأثيرات هذه المعركة، تظهر على أرض الواقع قبل بدايتها خارج حدود سورية، وفي تصريحات وتحليلات واهتمامات الأطراف الدولية المنخرطة بالحرب على سورية، وبدا ذلك واضحاً في تصريحات وتحليلات «شركاء الحرب على سورية «، وذلك باهتمامٍ ملحوظ منهم… بمجريات معركة درعا المرتقبة.
وهنا عند الحديث عن بعض تفاصيل معركة التحرير «الكبرى» لعموم مناطق الجنوب السوري، نتحدث عن حشد عسكري للجيش السوري تجاوز تعداده الـ 35 ألف عسكري سوري مجهّزين بأحدث الأسلحة وأضخمها، وبعضها سيُستخدم للمرة الأولى في الميدان السوري، فـ «معركة تحرير الجنوب السوري… معركة سورية خاصة بامتياز» وتقودها بشكل شبه كامل قوات النخبة في الجيش السوري، إضافة إلى وحدات عسكرية من الفرقة الرابعة والخامسة والتاسعة والخامسة عشر «فقط لا غير»، مع معلومات ترجح مشاركة «لواء القدس الفلسطيني» والذي ستترك له مهمة تحرير مخيم اللاجئين الفلسطينيين في مدينة درعا»، وبخصوص «العمليات العسكرية المتوقعة» في الأيام القليلة المقبلة فـ «المتوقع أنها ستكون خاطفة وسريعة، وأنها ستبدأ بفتح جبهة عسكرية واسعة تقودها قوات النخبة في الجيش السوري لتطويق وعزل ومن ثم تحرير منطقة اللجاة بريف درعا الشمالي الشرقي… والمناطق الممتدة بين الطريق الواصل بين بلدتي رخم والكرك الشرقي الواقعتين في الريف الشرقي لدرعا، والهدف من ذلك هو تحييد هذه المنطقة بالكامل عن عمليات الجيش بعمق درعا، فالمنطقة المذكورة تعتبر من أكبر المناطق التي تتجمّع فيها المجاميع المسلحة في عموم مناطق الجنوب السوري، وعند تحييدها ستصبح مهمة تحرير درعا المحافظة بمجموعها مسألة وقت فقط، فقوات النخبة ستعتمد استراتيجية العزل والتطويق والتي أثبتت نجاعتها في معارك تحرير دير الزور وغوطة دمشق الشرقية.
وهنا وليس بعيداً عن تفاصيل العمليات الميدانية في الجنوب السوري، يجب التذكير بمسألة هامة جداً، وهي ارتباط معادلة معارك الجنوب السوري بمعادلة شاملة مركبة الأهداف والعناوين تحكمها بالمحصلة مصالح إقليمية – دولية، والسؤال هنا: هل ستعطي الكيانات والدول الراعية للمجاميع المُسلّحة في الجنوب السوري، ورقة درعا للدولة السورية.. هكذا من دون أيّ حراك؟ الجواب لا على أغلب الظنّ، فمحور العدوان على سورية، يجري اليوم استعدادات في الخفاء وفي العلن، للتدخل بأيّ وقت بمجريات المعركة؟ وعلى الأرجح، سيكون التدخل من خلال تفعيل غرف عمليات جديدة، ودعم المجاميع المُسلّحة بالسلاح النوعي والمقاتلين، ولا يُستبعد هنا أنّ يتدخل الكيان الصهيوني بشكلٍ مباشر في معركة درعا في حال اقتراب الجيش السوري من تحرير تلال استراتيجية كتلال المال والحارة وغيرها، وستكون المشاركة الصهيونية بغطاءٍ أميركي، ومن بعض قوى الإقليم المنغمسة بالحرب على الدولة السورية، والتي لا تريد أن تتلقى هزيمة جديدة، وقد تكرّرت هزائمها في الآونة الأخيرة بسورية، فسقوط درعا يعني لبعض القوى الإقليمية المنخرطة بالحرب على سورية، سقوط كلّ ما يليها كأحجار الدومينو، وتبعا لذلك خسارة جديدة وكبيرة لهذه القوى، وهذا ما لا تريده هذه القوى اليوم، ولذلك نرى أن هناك حالة هلع وهستيريا في صفوف هذه القوى.
وعند الحديث عن معارك الجنوب السوري، لا بدّ من الحديث عن الأردن، فقد بدأت تعود مجدداً دوائر صنع القرار الأردني، للانشغال بالاخبار التي تتحدث عن معارك وشيكة في درعا المدينة وريفها، والواضح أكثر، أنّ دوائر صنع القرار الأردني وتزامناً مع الاحتجاجات الشعبية الأردنية الواسعة والغير مسبوقة على سياسات النظام الداخلية والخارجية، وسط تخلي حلفاء النظام الأردني عن معظم التزاماتهم اتجاه النظام الأردني، بدأ يدرك النظام الأردني أن لا بديل له في هذه المرحلة إلا التواصل مع الروس، والسعي للتواصل مع السوريين، عبر خطوط اتصالات عسكرية – دبلوماسية شعبية – اقتصادية، للعمل على إنجاز تسويةٍ ما بملف الجنوب السوري تجنّب الأردن المضطرب داخلياً تداعيات أيّ أزمات خارجية، ولكن يبدو أنّ هذه التسوية «السلمية»، لم تتمّ حسبما كان يُخططُ لها الأردني مع الروسي والسوري.. فالكيان الصهيوني كما الأميركي والسعودي والتركي ومن خلف الكواليس، يسعون لفرض حلول مصنوعة بدوائر مخابراتهم، وهي لا تناسب بالمطلق مشروع الدولة السورية الساعي لتحرير وفرض السيادة السورية المطلقة على كلّ الأراضي السورية، وهنا بات من الواضح، إنّهُ لا خيار أمام الدولة السورية وحلفائها إلّا الاستمرار بالحسم العسكري، لتطهير أرض سورية من بعض المجاميع المُسلّحة التي تنتشرُ اليوم على مساحاتٍ واسعة في محافظتي درعا والقنيطرة، مع العلم أنّ هناك مساعي جدّية لإنجاز مصالحات وطنية كُبرى، ببعض بلدات محافظة درعا.
ختاماً… يدرك كلّ المتابعين لتعقيدات ملف الجنوب السوري وارتباط هذا الملف بمعادلات إقليمية دولية، انّ الوصول لتسوية دولية إقليمية ما بخصوص هذا الملف، هو أمر صعب جداً بهذه المرحلة، والدولة السورية تدرك ذلك جيداً، وتدرك ايضاً أنّ طول الوقت بين الاخذ والردّ والحديث عن تسويات «صعبة التطبيق» يصبّ بغير صالح وحدة سورية الجغرافية والديمغرافية، ولهذا ستترك الكلمة للميدان العسكري، مع تأكيدنا أنّ هذا الميدان المفتوح على عدة سيناريوهات، سيكون حسمه بالنهاية لصالح سورية ووحدتها الجغرافية والديمغرافية.
هشام الهبيشان - البناء
إضافة تعليق جديد